دعا باحثان إسرائيليان حكومة الاحتلال، إلى الابتعاد عن أي تقارب مع الصين، وعدم الدخول في اتفاقيات اقتصادية وعسكرية معها.
وأشار الباحثان إلى أن السبب في ذلك هو "الاتفاق بين الصين وإيران"، مضيفان أن "طهران تفهم أن الخطوة الصينية يمكن أن تنقذ اقتصادها، وتعتبرها مثل وضع إصبع في عين الولايات المتحدة".
وقال الباحثان الجنرال يعكوف ناغال، ومارك دوبويتس في مقال مشترك بصحيفة إسرائيل اليوم، ترجمته "عربي21" إن "الاتفاق الذي تم تسريبه مؤخرًا بين إيران والصين يعبر عن شراكة واسعة: اقتصادية وأمنية، بحيث يستثمر الصينيون 400 مليار دولار على مدى 25 عامًا في إيران، مقابل حصولهم على النفط الإيراني بخصم كبير".
التعاون العسكري
وأشار ناغال، وهو زميل أبحاث في معهد الدفاع عن الديمقراطيات (FDD)، وأستاذ زائر بكلية الطيران والفضاء بمعهد التخنيون بحيفا، وعمل مستشارًا أمنياً لنتنياهو، ورئيس مجلس الأمن القومي، إن "الاتفاقية تضر بالعقوبات المفروضة على إيران، وجهود عزلها، وبالنسبة لإسرائيل فيجب أن تكون صفقة بكين وطهران صيحة إيقاظ مقلقة، لأنها تأكيد على أن الصين ليست صديقة لإسرائيل، وليست بديلاً عن الدعم الأمريكي".
وأوضح دوبويتس، المستثمر والمدير السابق في سوق رأس المال والتكنولوجيا الفائقة، ويعمل حاليًا كرئيس تنفيذي لشركة FDD، أنه "بموجب الاتفاق الإيراني مع الصين، فسيتم توسيع وجودها في البنوك المحلية، وقطاعات الاتصالات والموانئ والسكك الحديدية ومشاريع البنية التحتية، بجانب التعاون العسكري والإنترنت والتكنولوجيا والتدريب المشترك، والتعاون في تطوير الأسلحة والاستخبارات".
وزعما أن "إيران شهدت ردود فعل سلبية على الصفقة مع الصين، لأنها الدولة الضعيفة ستكون الجانب الخاسر منها، فهم يرون كيف أن نظام الاستثمار الصيني "يأسر" البلدان ذات الديون الثقيلة، وفي نهاية العملية يتم إنشاء نفوذ يسمح للصينيين بالاستيلاء على البنية التحتية الحيوية والموارد الطبيعية في البلاد، هذه الطريقة جزء من الاستراتيجية الصينية المعروفة باسم "مبادرة الحزام والطريق" التي يتم تنفيذها في أكثر من 100 دولة".
واستدركا بالقول إن "النظام الإيراني يدرك أن الصفقة قد تنقذ اقتصاده، وأن تكون إصبعًا في عين الولايات المتحدة، وتسمح له بالاعتماد على الصين وقدراتها، رغم أنه لم يتم التوقيع على الاتفاقية حتى الآن، لكنهما قد ينتظران حتى الانتخابات الأمريكية، على أمل أن يتخلى "بايدن" عن برنامج "أقصى ضغط"، لإلغاء العقوبات الأمريكية على إيران".
وأوضحا أنه "بالنسبة لإسرائيل، فإن الاتفاق هو إشارة واضحة أن الوقت قد حان لتغيير سياستها، وبدء الانفصال عن الصين، فإيران أخطر عدو لها، ويتعهد قادتها بتطوير برنامج صاروخ باليستي نووي قادر على حمل الصواريخ النووية، وإدخال قدرات التسلح الموجهة بدقة للمنطقة، يعني تغييرا لقواعد اللعبة، وتهدد بإتلاف المنشآت العسكرية والبنية التحتية والمراكز المدنية، وتتسبب في أضرار كبيرة لإسرائيل".
قواعد اللعبة
وأشارا إلى أن "انفصال إسرائيل عن الصين ليس سهلاً، فهي أحد شركائها الاقتصاديين الرئيسيين، ومصدرًا مهمًا للاستثمار المالي بعد واشنطن وأوروبا، وبلغت التجارة الصينية الإسرائيلية 15.3 مليار دولار في 2018، بزيادة قدرها 4،400٪ عن 1995، وترى الصين البنية التحتية لإسرائيل كجزء من توسعها العالمي، خاصة ميناءي حيفا وأشدود، وأنفاق الكرمل وتل أبيب، ومرافق المياه، كلها تسببت بتوتر بين إسرائيل والولايات المتحدة".
وأضافا أن "الأهمية الاستراتيجية للبنية التحتية واضحة، لا سيما في ضوء حقيقة أن جزءًا منها يعمل جنبًا إلى جنب مع المنشآت العسكرية ومراكز الأعمال والغذاء والخدمات الأساسية الأخرى، وقد وصفت الصين التكنولوجيا الإسرائيلية بأنها مصدر تكنولوجي أساسي لبناء أسلحة للجيل القادم، حتى لو كانت تحت ستار الاستثمارات المدنية".
وكشفا أن "الشركات الإسرائيلية الناشئة جمعت 325 مليون دولار من المستثمرين الصينيين في ثلاثة أرباع 2018، مقارنة بـ 76 مليون دولار في 2013، حيث تهدف الاستثمارات الصينية للاستفادة من المعرفة الإسرائيلية في مجالات الذكاء الاصطناعي، الحوسبة المتقدمة، المركبات المستقلة، الروبوتات، وعلوم البيانات، واعترف البنتاغون بهذه التقنيات أنها ضرورية لجهود التحديث العسكري، حتى لو كانت مدنية بتطبيقها الحالي".
وأكدا أن "إسرائيل مطالبة بإعادة تقييم علاقاتها مع الصين، لأنه من مصلحتها الاستراتيجية المركزية ضمان عدم تآكل التفوق العسكري الإسرائيلي والأمريكي، رغم أن مخططي الاستراتيجية الإسرائيلية قد يعتمدون فكرة أن العلاقات الاقتصادية بين إسرائيل والصين ستؤثر على شراكة الأخيرة المتنامية مع طهران، وهذا بالطبع وهم، لأن الصينيين سيشترون ما يستطيعون، بحسب احتياجاتهم، من إسرائيل وإيران، دون تفضيلات أو خوف".
اقرأ أيضا: جنرال إسرائيلي يدعو لمواصلة ضرب سلاح إيران وحزب الله
خطة الاستحواذ
أكثر من ذلك، يقول الكاتبان إن "الصين إذا اضطرت للاختيار والمفاضلة، فلاشك أنها ستختار إيران، القادرة على تزويدها بالطاقة الحيوية لوجودها، وهو ما لا تستطيعه إسرائيل، التي يبلغ عدد سكان إيران ثمانية أضعافها، ومساحتها أكبر 75 مرة، وتحتل منطقة استراتيجية مهمة لخطة الاستحواذ الصينية، كما أن إيران عدو أمريكي مرير، ويمكن للصين أن تستفيد منه في المنافسة العالمية مع الولايات المتحدة".
وأوضحا أن "كل هذا يضع الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة، والصين وإيران من جهة أخرى في الحرب الباردة المتنامية بين القوى، ولا خيار أمام إسرائيل سوى الانحياز للجانب الأمريكي، بما فيها السياسة الرسمية، وفي هذه الحالة يجب عليها زيادة شراكاتها الاستراتيجية مع الهند واليابان وأستراليا وكندا وسنغافورة ودول الخليج، كل ذلك ضروري لتحديد رأس المال البديل للاستثمارات الصينية".
وختما بالقول أنه "بجانب توضيح التزام إسرائيل بالانفصال عن الصين، سيتم خلق فرص إضافية لتعميق تعاونها مع الولايات المتحدة، ويرتفع التعاون التكنولوجي والعسكري والاستخباراتي لمستوى آخر، ويعمق التعاون السياسي، وبينما يتشجع الصينيون على التعاون مع أسوأ أعداء إسرائيل، فليس أمامنا من خيار سوى الاقتراب من أفضل صديق لنا، والحفاظ على بعدنا عن أكبر منافسيها".