صحافة دولية

ذي أتلانتك: هذه أوجه الشبه بين فشل ترامب بكورونا وانفجار بيروت

تقترب الولايات المتحدة من الانتخابات الرئاسية- جيتي

ذكرت مجلة "ذي أتلانتك" أن المأساة التي تعرض لها لبنان مألوفة لدى الأمريكيين، مشيرة إلى أن هناك ملامح شبه بين انفجار بيروت وانتشار فيروس كورونا في الولايات المتحدة.

 

وقالت المجلة في مقال للكاتب المساهم فيه ومحرر موقع "لوفير" بنجامين ويتيز، ترجمته "عربي21"، إن ما تحدث به الباحث في معهد أمريكان إنتربرايز مايكل روبن، في صحيفة "واشنطن إكزامينر"، بشأن اللبنانيين محق.

 

وقال روبن، إن "اللبنانيين يعانون الكثير لأسباب خارجة عن سيطرتهم، منها نزوات الآلة السياسية لديهم (..) وعندما يتخلصون من النخبة الفاسدة والعاجزة والثقافة السياسية التي يتصرف من خلالها الكثيرون دون خوف من العقاب، سينتعش البلد وأهله، ويحصلون على العدالة التي يستحقونها".

 

وأشارت المجلة إلى أن تاريخ لبنان الحديث هو تاريخ الحكم الفاشل، من بين عدة أسباب. وكان الانفجار في وسط بيروت هو تتويج لكل هذا.

 

وأضافت أنه ليس من حق الأمريكيين إلقاء محاضرات على بقية الدول، وتذكيرها بأن خياراتها تسهم بالكوارث، مشيرة إلى أنها لا تدافع عن طريقة معالجة اللبنانيين للسفينة التي حملة نترات الأمونيوم التي تسببت بالانفجار.

 

ولفتت إلى أن المادة التي نجم عنها انفجار مرفأ بيروت، هي ذاتها التي أدت لتدمير المبنى الفيدرالي في مدينة أوكلاهوما عام 1995.

 

وأشارت إلى أن التحذيرات المتكررة للتعامل مع هذه المادة الخطرة لم تجد نفعا، وكتب مدير الجمارك إلى القضاء اللبناني في أيار/ مايو 2016: "بناء على الخطورة التي يمثلها الحفاظ على الشحنة في المستودع وبظروف غير مناسبة، فإننا نكرر طلبنا لأن تقوم مؤسسة الملاحة بإعادة تصدير المواد حالا".

 

اقرأ أيضا: ترامب يعلن خطة جديدة لمساعدة الأمريكيين في ظل كورونا
 

وأضافت المجلة أنه على ما يبدو فقد كان المسؤولون حريصين على احتجاز طاقم السفينة المدين حتى يتم دفع الفاتورة أكثر من حرصهم على سلامة الشحنة التي ستدمر لاحقا نصف بيروت، وقال كابتن السفينة لنيويورك تايمز: "كانوا يريدون المال التي ندين به".

 

ولفتت إلى أن الولايات المتحدة بالتأكيد ليست لبنان، "فكارثتنا لم تتكشف من خلال موجة من الهزات وسحابة مثل الفطر تذكر بانفجار قنبلة نووية، لكنها ظهرت عبر حركة أبطأ".

 

وأوضحت: "إن فشل الحكم في أمريكا خلال الأشهر الماضية جلب عددا من الجثث على قاعدة أوسع من الجثث التي سيتركها انفجار بيروت".

 

وأشارت إلى أنه "ومع أن عدد القتلى في بيروت سيزداد، لكنه سيكون أبطأ من عدد الموتى هنا (في أمريكا)، حيث سنظل نضيف إليه كل يوم ألفا أو ألفين، (..) إن الكثير من الأمريكيين سيعزون أنفسهم بأن الوضعين مختلفان، وهذا صحيح".

 

وأضافت، أن هناك أوجه شبه تثير العصبية، ومن أهمها الإهمال وفساد وعقم النخبة.

 

وذكرت المجلة لمقال الكاتب الصحفي ويل ساليتان، بشأن طريقة معالجة الرئيس الأمريكي لأزمة كورونا قال فيه: "تعاون ترامب مع شي (جينبنغ الرئيس الصيني) وأخفى التهديد، وعرقل جهود الحكومة الأمريكية للرد، وأسكت من حاولوا تحذير الرأي العام، ودفع الولايات لاتخاذ مخاطر صعدت من المأساة، وهو شخصيا مسؤول عن وفاة عشرات الآلاف من الأمريكيين".

 

وتابع: "إن تدخل الرئيس و إهماله أسهم في كل مرحلة من مراحل فشل الحكومة: التحضير والتعبئة والتواصل العام والفحص والتخفيف وإعادة الفتح".

 

وأضافت المجلة أن السلطات الأمريكية مثل السلطات اللبنانية، فقد حصلت على تحذيرات متعددة، تماما كما كانت السلطات اللبنانية.

 

وأوضحت أن "المسؤولين الأمريكيين كانوا يعرفون ما يجري في الصين. وشاهدوا ما كان يحدث في إيران وإيطاليا. ووصلت الموجة إلى شواطئنا متأخرة، مع أن الفيروس كان موجودا قبل ذلك بفترة. وعلى خلاف الإيطاليين كان لدينا الوقت الكافي للتجهيز، فيما حذر المسؤولون الصحيون في بلادنا مثل مسؤولي الجمارك في لبنان الذين حذروا من مخاطر إبقاء شحنة ضخمة من نترات الأمونيوم في وسط بيروت، حذروا من ثمن التواطؤ".

 

اقرأ أيضا: NYT: أزمة الجمهوريين مع ترامب بدأت من إهماله لكورونا
 

وتابعت: "كنا نعرف أن تحركا فعالا كان ممكنا، لأن حكومات أخرى اتخذته. وقامت حكومات أخرى بنقل نترات الأمونيوم من المدن الكبيرة، أما دونالد ترامب، فقد اختار مثل اللبنانيين ألا يفعل".

 

ولفتت إلى أن إهمال إدارة ترامب تفوق على إهمال الحكومة اللبنانية، "فالانفجار يحدث فجأة ومرة واحدة، ولا فترة توقف عندما يبدأ. وبالمقارنة فالوباء يحدث على فترات. وكل يوم يقدم فرصة للإهمال أو القيادة، لكن ترامب ومنذ وصول الوباء إلى أمريكا صحا كل يوم على ما يمكن وصفه التزاما متجددا بالإهمال".

 

وأوضحت، أن هذا الإهمال يبدو أحيانا على شكل إنكار، وفي أحيان أخرى يكون على شكل تحميل الآخرين المسؤولية على شاكلة "نظرية المؤامرة" أو "التفكير الواهم" و"التعلل بالأماني".

 

وأضافت: "يجب مقارنة أداء الحكومة بطريقة غير محبذة مع أداء المسؤولين اللبنانيين ولسبب آخر. فلبنان يظل بلدا فقيرا، ويعاني من انقسامات طائفية. وعانى من حرب طائفية قبل فترة ليست بعيدة عنا واحتلته دولتان جارتان له. وعليه التعامل أيضا مع قوى سياسية، مثل حزب الله وقوى أجنبية تتدخل مثل السعودية وإيران".

 

وتابعت: "استقبل (لبنان) مليون لاجئ سوري. هذه مبرراته.. ولكن ما هي مبررات أمريكا؟".

 

وأشارت إلى أن "الهتاف في لبنان كان الدعوة لتغيير النظام، وربما طالب الأمريكيون بنفس الشيء لو تكشفت الكارثة بشكل خاطف ومحت وجوه المباني ودفنت الأطفال، بدلا من حدوث هذا بطريقة بطيئة وعلى مساحات واسعة، وبين أناس لا نعرفهم يقيمون في بيوت الرعاية والمستشفيات، والذين لن نتمكن من زيارتهم أبدا".

 

وأضافت، أن العلاج الديمقراطي في الولايات المتحدة ما زال متوفرا، وقد تبقى للانتخابات سوى ثلاثة أشهر، "ويمكن للأمريكيين تفريغ غضيهم".

 

وأوضحت، أنه "وعلى افتراض عقد الانتخابات دون مشاكل، فلدى الأمريكيين الوسائل التي أثرت على سقوط النظام اللبناني، والذي يؤكد نظامه الانتخابي على حصول كل طائفة على حصة من السلطة، وحتى لو فعل الأمريكيون بعد ثلاثة أشهر نفس الشيء، وفاز جوزيف بايدن بشكل ساحق، وتصرف بحزم لوقف الوباء وسيطر عليه، فستحتاج الولايات المتحدة إلى وقت طويل كي تكون في موقع من يحاضر على بقية الدول حول العلاقة بين حكومة مسؤولة والتجهز للكارثة والمنع والإدارة، لأننا تركنا أطنانا من نترات الأمونيوم في وسط المدن".