يأتي الاتفاق بين الإمارات والاحتلال الإسرائيلي بهدف تطبيع العلاقات بينهما بالكامل، في أعقاب سلسلة من مساعي "السلام" العربية الفاشلة.
وفور الإعلان الإماراتي عن الخطوة، وحديث أبوظبي عن كونها تتضمن منع الاحتلال من المضي بخطة ضم أجزاء من الضفة الغربية، سارع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى النفي، وتأكيد التمسك بقضم أراضي الفلسطينيين.
وقد أثار الحديث عن "السلام" بين الاحتلال والإمارات سخرية على نطاق واسع، لا سيما أن الجانبين لم تجمعهما حرب، بل إن التقارب معلن بينهما منذ سنوات.
ونستعرض تاليا أبرز "مبادرات السلام" التي وافق عليها أو تقدم بها العرب، ولم يترتب عليها سوى تجذر للاحتلال على الأراضي الفلسطينية، وذلك منذ حرب عام 1967 التي استولت فيها إسرائيل على الضفة الغربية والقدس الشرقية وشبه جزيرة سيناء وقطاع غزة ومرتفعات الجولان:
1967 - قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 242
بعد حرب الأيام الستة صدر قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 242 داعيا إلى "انسحاب القوات المسلحة الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها في النزاع الأخير"، وفي المقابل تحترم كل دول المنطقة سيادة الدول الأخرى وسلامة أراضيها واستقلالها.
وهذا القرار هو أساس مبادرات سلام عديدة، غير أن عدم دقة الصياغة، خاصة في الإشارة إلى كل الأراضي المحتلة أو بعضها فقط، كان سببا في تعقيد المساعي على مدى عشرات السنين.
1978 - اتفاق كامب ديفيد
اتفق رئيس وزراء الاحتلال آنذاك، مناحيم بيغن، والرئيس المصري الأسبق، أنور السادات على "إطار عمل لتحقيق السلام في المنطقة"، في أول خطوة عربية مباشرة من نوعها، ما أثار سخطا في عموم المنطقة.
ورغم إصرار القاهرة على نجاعة الخطوة في تحقيق استعادة أراضيها المحتلة في سيناء، إلا أن الجزء المتعلق بإقامة حكومة فلسطينية مؤقتة في الضفة الغربية وقطاع غزة، كتمهيد لتطبيق قرارات الشرعية الدولية، لم يتحقق، وازداد تغول الاحتلال وإنشاء المستوطنات منذ ذلك الحين.
1979 - معاهدة السلام الإسرائيلية المصرية
كانت أول معاهدة سلام بين الاحتلال ودولة عربية، وجاءت تتويجا لاتفاق "كامب ديفيد"، ورسمت خططا لانسحاب إسرائيلي كامل من سيناء خلال ثلاث سنوات، فيما تمكن الاحتلال من الاستفراد بالشعب الفلسطيني دون تحرك ملموس، إلى اليوم، من مصر، أكبر الدول العربية.
1991 - مؤتمر مدريد
شارك ممثلون للاحتلال ومنظمة التحرير الفلسطينية في مؤتمر للسلام. ولم يتم التوصل إلى أي اتفاقات، لكن المؤتمر هيأ الساحة للاتصالات المباشرة بين الجانبين.
1994 - معاهدة السلام الإسرائيلية-الأردنية
أصبح الأردن ثاني دولة عربية توقع معاهدة سلام مع الاحتلال، وتضمنت رضوخا لشروط إسرائيلية تتعلق بوضع منطقة وادي عربة الحدودية، والتنسيق الأمني، ومنع "الدعاية المضادة"، دون حلول لوضع القدس أو اللاجئين الفلسطينيين، فيما لم تحصل عمّان سوى على اعتراف إسرائيلي بسلطة إدارية على أوقاف مدينة القدس المحتلة، وهو ما يجري انتهاكه من خلال الاقتحامات والتضييق والتدنيس والإغلاقات وغيرها من ممارسات الاحتلال.
1993-1995 - إعلان المبادئ/اتفاقات أوسلو
أجرت إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية محادثات سرية في النرويج، أسفرت عن اتفاقات سلام مرحلية تدعو لإقامة حكم ذاتي للفلسطينيين وانسحاب القوات الإسرائيلية والتفاوض على تسوية دائمة. ولم يتم تنفيذ أي من ذلك، بل تفاقم الاحتلال وباتت الضفة الغربية مهددة بالضم، فيما تم عزل قطاع غزة ومحاصرته.
اقرأ أيضا: هذه أبرز محطات تطبيع الإمارات مع الاحتلال الإسرائيلي
2000 - قمة كامب ديفيد
عقد الرئيس الأمريكي بيل كلينتون اجتماع قمة جمع الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي الأسبق، إيهود باراك، في منتجع كامب ديفيد. وفشل الجانبان في الاتفاق، وتلا ذلك انتفاضة فلسطينية ثانية.
2002-2003 - إعلان بوش/مبادرة السلام العربية/خارطة الطريق
دعا الرئيس الأمريكي الأسبق، جورج دبليو بوش، إلى إقامة دولة فلسطينية تعيش جنبا إلى جنب "في سلام وأمن مع إسرائيل"، فيما تبنت الجامعة العربية خطة سعودية، تقضي بانسحاب إسرائيل من جميع الأراضي المحتلة وقبول إسرائيل بإقامة دولة فلسطينية مقابل إقامة علاقات طبيعية مع الدول العربية.
كما قدمت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وروسيا خارطة طريق تقود إلى حل دائم يقوم على أساس دولتين لإنهاء الصراع.
وفشلت جميع تلك المبادرات وسط تعنّت إسرائيلي وفقدان فلسطيني للثقة باحتلال يتجه أكثر فأكثر نحو التطرف، ويتبنى سياسات تنتزع حقوقهم ومقدساتهم تدريجيا.
2007 - قمة أنابوليس
فشل الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي السابق، إيهود أولمرت، في التوصل إلى اتفاق بقمة استضافتها الولايات المتحدة. وقال أولمرت فيما بعد إنهما كانا قريبين من الاتفاق، لكن تحقيقا معه في تهم فساد وحرب غزة في العام 2008 أفسدا ذلك.
2009 - خطاب نتنياهو بجامعة بار-إيلان
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ إنه على استعداد لإبرام اتفاق سلام يشمل قيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح. وحدد شرطا آخر لذلك هو اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل باعتبارها "دولة الشعب اليهودي"، ما يعني تجريد ملايين الفلسطينيين من حق البقاء على أراضيهم المحتلة عام 1948، أو العودة إليها، كما هو مقرر في الشرعية الدولية.
2013-2014 - محادثات السلام في واشنطن/وانهيار المفاوضات
دفع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الإسرائيليين والفلسطينيين لاستئناف المفاوضات، وانهارت المحادثات وتم تعليقها في نيسان/أبريل من العام 2014.
حزيران/ يونيو 2019 - إعلان خطة ترامب الاقتصادية في البحرين
أطلق جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المرحلة التمهيدية من الخطة في البحرين، بحضور إسرائيلي غير مسبوق في بلد عربي، لمناقشة ما قال الفلسطينيون إنه "مسعى لتصفية قضيتهم".
2019 - "الضمّ"
قال نتنياهو إنه ينوي ضم مستوطنات الضفة الغربية وقطاع كبير من غور الأردن إذا ما فاز في الانتخابات. وأيد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ذلك فعليا، معلنا التخلي عن الموقف الذي تبنته الولايات المتحدة نحو 40 عاما، وكان يقضي بأن المستوطنات لا تتفق مع القانون الدولي.
وقال أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية في حزيران/يونيو 2019، إن الحل الوحيد المقبول للدول العربية هو قبول إسرائيل بالمبادرة التي طرحتها السعودية في العام 2002.
لكن خطة ترامب للسلام أو ما عرف بـ"صفقة القرن" باتت الأقرب للتطبيق، إذ إن تقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية قائم بالفعل، فيما الحديث العربي عن الرفض تمت ترجمته عمليا بسباق على التطبيع مع الاحتلال.
هذه أبرز محطات تطبيع الإمارات مع الاحتلال الإسرائيلي
وسط صمت عربي.. "يهود" ضد الاحتلال يهاجمون "سلام الإمارات"
ما حقيقة "وقف الضم" باتفاق أبوظبي وتل أبيب.. هل هو وهم؟