طرحت زيارة
رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، إلى الولايات المتحدة ولقائه بالرئيس دونالد
ترامب، جملة من التساؤلات حول الاتفاقيات بين بغداد وواشنطن، وما الذي حققه
الطرفان خلال الجولة الثانية من التفاهمات الإستراتيجية؟
وركزت
المفاوضات بين الجانبين على ملفات عدة من أهمها: الانسحاب الأمريكي، ودعم الاقتصاد
والطاقة الكهربائية للعراق، وفي المقابل إنهاء دور المليشيات الموالية لإيران،
وإجراء انتخابات مبكرة نزيهة تحقق طموح العراقيين.
تصاعد الهجمات
من جهته، قال
المحلل السياسي غانم العابد في حديث لـ"عربي21" إن "الزيارة كانت
داعمة للكاظمي، لكن الدعم لن يكون مفتوحا من الولايات المتحدة، لأن الأخيرة مطلبها
الأساس هو الوصول إلى انتخابات مبكرة في العراق".
وأوضح العابد
أن "دعم واشنطن للكاظمي سيكون منوطا بمعرفة قدرته على حصر السلاح بيد الدولة
ومواجهة المليشيات المسلحة، وإلحاق مقاتلي الحشد الشعبي بالمنظومة العسكرية
الرسمية".
وبخصوص موضوع
توقيع اتفاقيات مع شركات أمريكية مختصة بالطاقة الكهربائية، رأى العابد أن
"الأمور على أرض الواقع تفيد بأن المنطقة الخضراء ومطار بغداد الدولي لم
يسلما من الهجمات الصاروخية، فكيف يأتي موظفون مدنيون، لأنهم سيكونون أهدافا سهلة
للمليشيات؟".
وتابع:
"لا تزال الاتفاقات أولية ولن تصل إلى مرحلتها الختامية إلا بعد انتخاب حكومة
عراقية تأتي بانتخابات مبكرة، وأن الولايات المتحدة ليست مستعجلة، وستكون هناك
أكثر من جولة"، مشيرا إلى أن "الاتفاقات الموقعة بين الطرفين هي أولية،
وما لم تكن هناك بيئة آمنة، فإن الشركات الأمريكية قطعا لن تأتي إلى
العراق".
وتوقع العابد
أن تزداد الهجمات ضد التواجد الأمريكي ونشر الفوضى بالعراق بعد زيارة الكاظمي إلى
واشنطن، لأن إيران معرضة لعقوبات "سناب باك" وهي ليس لديها متنفس
اقتصادي سوى العراق، وموضوع الاغتيالات في البصرة ليس بعيدا عن ذلك.
اقرأ أيضا: العراق يعلن توقيع مذكرات تفاهم مع أمريكا خلال زيارة الكاظمي
وحول إمكانية
الكاظمي تحقيق توازن بعلاقة العراق بين طهران وواشنطن، أو ميله إلى طرف على حساب
آخر، قال العابد إنه "حتى الآن يبحث عن علاقات متزنة، والدليل أنه (الكاظمي) أخبر
قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني، أن الشأن العراقي مسؤولية داخلية ولا يحق
لإيران التدخل بها".
ولفت إلى أن
"المسألة الأهم التي يجب أن يعيها الكاظمي، هو أن جميع العراقيين مع فرض
القانون، لذلك فإن أي خطوات بهذا الاتجاه سيجد الشارع العراقي واقفا إلى جانبه،
لكن عليه اتخاذ خطوات في هذا الصدد".
"زيارة
فاشلة"
وفي المقابل،
رأى المحلل السياسي وائل الركابي أن "الكاظمي لم يحمل في زيارته إلى واشنطن
قرار البرلمان العراقي القاضي بانسحاب القوات الأمريكية، وبالتالي مهما عقد رئيس
الحكومة من اتفاقيات، فإنها لن تنعكس إيجابا على الواقع العراقي ما لم تخرج القوات
الأمريكية".
ورأى الركابي
في حديث لـ"عربي21" أن "الزيارة جاءت وكأن الجهة المستفيدة منها هي ترامب وواشنطن، حيث يبحث الأخير عن نصر جديد له قبل الانتخابات الرئاسية
الأمريكية، بعد فشل حكومته في تحقيق أي إنجاز بالمنطقة".
ونوه إلى أن
زيارة الكاظمي جاءت ضمن المرحلة الثانية للحوار الإستراتيجي، حيث كانت الأولى عبر
دائرة تلفزيونية، ولم يمنح فيها العراق سوى 40 دقيقة للحديث عن ملفي الثقافة
والاقتصاد، أما ملفا السياسة والأمن، فقد منحا للولايات المتحدة فقط".
وأعرب المحلل
السياسي عن اعتقاده بأن "العراق لن ينتفع من هذه الزيارة، فهي كانت
بروتوكولية"، مشيرا إلى أن "الكاظمي إذا عاد ولم يحمل في حواراته مع
واشنطن موضوع الانسحاب الأمريكي من العراق، فإنه سيواجه هجمة سياسية كبيرة من
الأطراف المعارضة لهذا التواجد".
مطالب أمريكية
وبحسب
الركابي، فإن "الأمريكيين عندما يعلنون البقاء لمدة 3 سنوات في العراق، فهي
تأتي ضمن الأجندة الأمريكية المخططة للمنطقة التي ربما تشهد تقسيمات جديدة، خاصة
مع بداية التطبيع مع إسرائيل في إطار ما يعرف بصفقة القرن".
وأضاف أن
"ترامب يتوقع من الكاظمي تنفيذ مطالب أمريكا خلال ثلاث سنوات، وهي: حل
الحشد الشعبي، وإبقاء القوات الأمريكية، وتطبيق صفقة القرن، لكن السؤال الأهم هل
يقوى الكاظمي على ذلك؟ أعتقد أن العراقيين لن يوافقوا نهائيا".
وكان ترامب،
قد قال الخميس خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الكاظمي بالبيت الأبيض إن "بلاده
لديها عدد محدود من القوات في العراق، ونتطلع إلى اليوم الذي لا تكون فيه حاجة
لوجودها في هذا البلد".
وأكد ترامب
عزم بلاده على خفض قواتها في العراق، وقال إن إرسال القوات إلى هناك كان خطأ
كبيرا. وشدد على أن القوات الأمريكية موجودة في العراق للمساعدة في حال أقدمت
إيران على أي شيء، مشيرا إلى أن شركات أمريكية تشارك في العديد من مشاريع التنقيب
عن النفط بالعراق.
من جهته، قال
الكاظمي إن واشنطن ساعدت في مكافحة تنظيم الدولة، مشددا على أن الجانبين يعملان
على بناء علاقات تخدم مصالح البلدين، كما أكد ترحيب بلاده بالشركات والاستثمارات
الأمريكية.
ويجري رئيس
الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي زيارة رسمية للولايات المتحدة، على رأس وفد حكومي
رفيع المستوى، هي الأولى له منذ توليه منصبه في مايو/ أيار الماضي.
لماذا يريد الأمريكيون رئيسا ينهي الحروب؟
لماذا تتصاعد الهجمات ضد أمريكا قبل زيارة الكاظمي لترامب؟
هكذا تغير انتشار أمريكا العسكري حول العالم خلال عقد (خريطة)