أثار سحب قانون تنظيم دار الإفتاء في مصر، أثناء مناقشة بمجلس النواب، ردود
فعل كثيرة ومرحبة به، ومشيدة في الوقت نفسه بموقف شيخ
الأزهر أحمد الطيب، الذي أرسل إلى مجلس النواب يطلب حضور جلسة مناقشة القانون، لكن البرلمان اتخذ قرارا بسحبه، وإحالته للجنة الدينية مرة أخرى؛ بحجة تلافي بعض
ثغراته.
وعبّر سياسيون ودعاة مصريون عن ترحيبهم بسحب هذا القانون، مرجعين الأمر إلى
ما وصفوه بصلابة موقف شيخ الأزهر، ودوره في الدفاع عن استقلال هذه المؤسسة، ورفضه
أن تكون إحدى أدوات السلطة وبوقا له.
وبعد انتشار الأخبار حول سحب مشروع القانون محل الخلاف من التصويت في
الجلسة العامة بمجلس النواب، الاثنين، خرج الأزهر ببيان يشيد بالخطوة، قائلا إن
"إعلاء أحكام الدستور يؤكد أن مصر دولة مؤسسات عريقة".
وأضاف البيان أن "هذه الخطوة تأتي بعد ثبوت مخالفة القانون الجديد
للدستور، وتعارضه مع اختصاصات الأزهر الدستورية والقانونية".
"انتصار للأزهر"
وفي تعليقه، قال مستشار وزير الأوقاف الأسبق، الشيخ محمد الصغير، إن "ما
جرى يُعد انتصارا للأزهر وشيخه، وهو ما جاء عقب إصرار أحمد الطيب على الحضور،
الأمر الذي أجهض محاولة تمرير القانون الذي به عوار أكده مجلس الدولة عندما رفضه وأعاده
إلى البرلمان مرة أخرى".
وأشار، في تصريح لـ"عربي21"، إلى أن "النظام أراد استخدام مجلس
النواب لتمرير القانون، كما حدث في اتفاقية تيران وصنافير، في محاولة للحد من
صلاحيات الأزهر، وخلق كيان مواز تابع للرئاسة ومجلس الوزراء مباشرة، لكن موقف
شيخ الأزهر أفسد هذه المحاولات، وأجبرهم على سحب القانون".
وأضاف الصغير أن "هناك صراعا ومعركة بين السيسي وشيخ الأزهر، وهو
يحاول أن ينال من الرجل والمؤسسة، لكنه لا يريد أن يستخدم الضربة القاضية، لأن
وضع شيخ الأزهر في القانون ربما يكون سببا في ذلك، فضلا عن تمسك الطيب باستقلال
الأزهر، لكن أعتقد أن هذا الصراع سيستمر، لكنها ستكون معركة نقاط، وكلما سنحت
الفرصة للسيسي للنيل من الأزهر وشيخه أعتقد لن يتأخر".
اقرأ أيضا: القضاء المصري يحكم بحبس الحقوقي بهي الدين حسن 15 عاما
"إصرار الطيب"
من جانبه، اعتبر نائب رئيس حزب الجبهة، مجدي حمدان، أن "ما جرى مؤخرا
من سحب القانون يُحسب لشيخ الأزهر، حيث قدّم أوراقه لتفنيد القانون، وإلا كان سيتم
تمريره، خاصة أنها كانت آخر جلسة للبرلمان، فلولا يقظة الرجل ورفضه للتدخل في شؤون
الأزهر وحكمته وذكاؤه، ما كان تجاوب معه البرلمان، لكنه اضطر في النهاية إلى
تجميد مشروع القانون، وتنفيذ رغبة شيخ الأزهر".
ورأى حمدان، في حديثه لـ "عربي21"، أن "عودة القانون مرة
أخرى صعب في هذا البرلمان، خاصة أنها كانت الجلسة الختامية، لكن الحكومة يمكن أن
تقدمه في البرلمان القادم، ونحن نحمد الله أنه انتهى دور انعقاد هذا المجلس، ولو
هناك قضاء حقيقي في مصر، لكان تم حله منذ إقراره اتفاقية تيران وصنافير"، لافتا
إلى أنه "بات من الصعب التربص بشيخ الأزهر، لأنه يتعامل بصحيح القانون، وثبات
موقفه هو ما يعزز موقعه".
"انتصار لصحيح القانون"
أما النائب بمجلس النواب، أحمد طنطاوي، فقد رأى أن "ما حدث هو انتصار
للدستور وصحيح القانون، خاصة أن مشروع هذا القانون مخالف لنص المادة السابعة
بالدستور، والمتعلقة بشؤون الأزهر واختصاصاته، وهو ما أكده رفض مجلس الدولة
للقانون، وإعادته مرة أخرى للمجلس".
وقال، في تصريح لـ"عربي21": "هذا انتصار لسيادة القانون
قبل أن يكون انتصارا للأزهر وشيخه واستقلال مؤسسته الذي دافع عنه، فهذا دوره وحقه،
وتمثل هذا في مطالبته بحضور الجلسة، وهذا شيء يُحسب له، خاصة أن الأمر انتهى بسحب
القانون".
وطالب طنطاوي الدولة بـ"عدم السعي إلى الدخول في صراعات مع مؤسساتها،
كما حدث مع الأزهر، الذي يُعد مؤسسة مهمة كقوة ناعمة ومؤسسة روحية، وعليه يجب عدم التربص به أو بشيخه لاحقا، لان مثل هذه التصرفات ليست في مصلحة الوطن ولا الشعب".
طرابلس: هذه رحلات أسلحة ومرتزقة لليبيا.. إحداها من الأردن
ليبيا تشتكي مصر والإمارات أمام مجلس الأمن.. وحراك سعودي
عباس كامل يبحث "سد النهضة" مع البرهان وحميدتي بالخرطوم