* موقف عقيلة صالح الأخير لا يرتقي لمستوى أن يكون اتفاق حقيقي مع حكومة الوفاق
* الأوضاع ستتجاوز عقيلة صالح في حال استمر في اختبائه تحت جبة "حفتر" وتحركات بديلة ستظهر للعيان في الأيام المقبلة
* أمريكا قد تفرض حزمة عقوبات ضد "حفتر" وربما تقوم وزارة العدل الأمريكية بملاحقته بشكل مباشر
* الموقف الأمريكي من الأزمة الليبية مرتهن للوضع السياسي الداخلي في الولايات المتحدة بسبب الانتخابات الرئاسية
* المجتمع الدولي بدأ خلال الأسابيع الماضية يتجاهل "حفتر" وأصبح "عقيلة صالح" الواجهة السياسية
* أدعو الحكومة والمجلس الرئاسي التعامل مع الأزمات المعيشية بشكل عاجل وبحلول جذرية وحقيقية
* هناك أطراف بعينها تحاول تأجيج الوضع الداخلي وخلق فوضى عارمة لتفكيك الالتحام ووحدة الصف
* المسار الديمقراطي بليبيا هو المسار الوحيد الذي سيضمن حقوق الشعب.. والانتخابات هي أهم الاستحقاقات
* إصرار أمريكا والأمم المتحدة على استمرار التعامل مع "حفتر" أحد أسباب إطالة الأزمة وتفاقمها
* التواجد الروسي على الساحل الجنوبي للمتوسط يُعد مصدر قلق كبير جدا لأمريكا وهذا هو الدافع الأساسي لتحركاتها
* موقف حفتر أصبح الآن مقرونا بشكل مباشر مع ما تحدده روسيا
* البعثة الليبية في الأمم المتحدة تسير على الطريق الصحيح وتتطور وتتحرك بشكل فعّال
قال
مستشار حكومة الوفاق الليبية للعلاقات الأميركية، محمد علي عبد الله الضراط، إن "المجتمع
الدولي بدأ خلال الأسابيع الماضية يتجاهل خليفة حفتر، وأصبح عقيلة صالح هو الواجهة
السياسية"، مشيرا إلى أن "المكانة الهزيلة والضعيفة لرئيس مجلس نواب طبرق في
الأوساط السياسية والاجتماعية في المنطقة الشرقية تبقى معضلة حقيقية وتجعله عاجزا
عن تنفيذ أي من الوعود التي يقدمها للأطراف الدولية".
جاء
ذلك في الحلقة الأولى من مقابلته الخاصة ضمن سلسلة مقابلات مُصورة تجريها
"عربي21"، خلال الفترة المقبلة، تحت عنوان (ضيف "عربي21").
وأكد
مستشار حكومة الوفاق الليبية للعلاقات الأميركية، أن "الأوضاع الليبية ربما تتجاوز عقيلة صالح ومجموعته في حال استمر في اختبائه
تحت جبة حفتر"، كاشفا عن تحركات بديلة (لم يحددها) ستظهر للعيان في الأيام
المقبلة.
وعن
موقف الإدارة الأمريكية من تطورات الأزمة الليبية، قال: "هذا مرتبط بشكل
مباشر بالوضع السياسي الداخلي لإدارة الرئيس ترامب وانتخاباتهم الرئاسية، وسيبقى
الحراك الدبلوماسي عن طريق حلفاء ووكلاء هو أقصى ما سنشاهده من قبل الإدارة
الأمريكية الحالية، إلا أن هذا لا يعني أننا لن نشاهد خطوات قد تكون فعالة في
التأثير على الأوضاع بليبيا مثل فرض حزمة عقوبات أو
ربما ملاحقة قانونية لـ حفتر بشكل مباشر من قبل وزارة العدل الأمريكية".
وأشار "الضراط" إلى أن "الولايات المتحدة داعمة بشكل كبير جدا للمبادرة الألمانية في خلق
منطقة منزوعة السلاح، ورسم ملامح وقف إطلاق نار شامل يسمح لانطلاق عملية سياسية، لأن
هذا أفضل سيناريو بالنسبة لأمريكا في هذه المرحلة الحرجة"، مؤكدا أن "التوسع
في التواجد الروسي على الساحل الجنوبي للمتوسط يُعد مصدر قلق كبير جدا لأمريكا،
ويبقى هذا الأمر هو الدافع الأساسي لتحركاتها المحدودة".
ورأى
أن الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها مدينة طرابلس تعبر عن حالة غضب واحتقان يسعى
البعض لتأجيجها وتوظيفها لخلق ربكة داخل العاصمة، وربما لمحاولة تحقيق مكاسب سياسية، مشدّدا على "ضرورة
التعامل مع هذه الأزمات بشكل عاجل وبحلول جذرية وحقيقية، لإنهاء معاناة المواطنين،
ولقطع الطريق أمام الأطراف التي تحاول تأجيج الوضع الداخلي وخلق فوضى عارمة، ولإعادة
بناء الثقة في مؤسسات الدولة، خاصة أن البعض أصبح يعمل على تفكيك الالتحام ووحدة
الصف".
وتاليا نص الحلقة الأولى من المقابلة الخاصة مع (ضيف "عربي21"):
هل اتفاق وقف إطلاق النار الأخير في ليبيا يعني بالضرورة "التزاما مطلقا بالحل السياسي" أم أنه سيظل "حبرا على ورق" وسيفشل كغيره من الجهود السابقة؟
موقف
عقيلة صالح الذي أعلن عنه في بيانه يوم 20 آب/ أغسطس لا يرتقي لمستوى أن يكون اتفاقا حقيقيا مع حكومة الوفاق، فهو كتب تلك الكلمات على ورقة بيضاء، وتنصل منها ناطقه
الرسمي، وهو بنفسه في بعض التصريحات اللاحقة التي تضمنت شروطا غير واقعية وبعيدة كل
البعد عن ما تم الحديث حوله مع الأطراف التي توسطت في إعداد هذا المشروع مثل ألمانيا
والولايات المتحدة.
وهذا
يدل على أن عقيلة صالح لا يزال مترددا في الابتعاد عن ظل خليفة حفتر، ولا يمتلك القدرة
على مواجهته بشكل صريح، ولا أعتقد بأن الحل المطروح لخلق منطقة منزوعة السلاح، وتحقيق استقرار أمني وعسكري يُحقق بسط السيطرة الأمنية الكاملة للحكومة الشرعية، مرهون
بتصرف عقيلة صالح فقط؛ فهناك عوامل كثيرة، وتحركات بديلة أعتقد ستظهر للعيان في
الأيام المقبلة. وربما ستتجاوز الأمور عقيلة صالح ومجموعته في حال استمر في اختبائه
تحت جبة خليفة حفتر.
وكيف تقرأ موقف خليفة حفتر من هذا الاتفاق؟ ولماذا ترون أنه غير معني بأي حل سياسي؟
حفتر
غير معني بأي حل سياسي لا يضمن له الوصول لسدة الحكم في ليبيا ليكون هو الطاغية
الجديد وهو الحاكم المطلق، فلهذا أي حل سياسي يتضمن التمسك بالمسار الديمقراطي،
ويضمن أن الشعب الليبي صاحب القرار، لا يتماشى مع رؤية حفتر.
ورغم
هذا، فالموقف الآن بالنسبة لحفتر أصبح مقرونا بشكل مباشر مع ما تحدده روسيا، لأن
القوة الحقيقية والترسانة العسكرية الموجودة في سرت والجفرة والقواعد العسكرية
التي تحت سيطرتهم هي التي يحتمي بها حفتر بعد أن انهزمت ميلشياته على أسوار طرابلس
ولاذت بالفرار في ما وصفها ناطقه الرسمي بـ"الانسحاب التكتيكي"، ولكن
وثقته الصور والوقائع والأخبار بأنها هزيمة شنيعة له ولميليشياته ومرتزقته.
كيف تنظر للموقف الأمريكي من هذا الاتفاق على وجه التحديد؟
الموقف
الأمريكي في هذه المرحلة مرتهن للوضع السياسي الداخلي في الولايات المتحدة بسبب
الانتخابات الرئاسية بعد حوالي شهرين، فلا توجد هناك أي رغبة سياسية من قبل
الإدارة الحالية في أي تصعيد قد يؤدي إلى إقحام الولايات المتحدة أكثر في الأزمة
الليبية، ولهذا اتصف الموقف الأمريكي في هذه المرحلة بحراك دبلوماسي مُكثف، ولكن
يبقى محتشم وعن طريق حلفاء ووكلاء مثل ألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية، وفي نفس
الوقت التوسع في التواجد الروسي وتقوية نفوذها على الساحل
الجنوبي للمتوسط يُعد مصدر قلق كبير جدا للولايات المتحدة، ويبقى هذا الأمر هو
الدافع الأساسي لتحركاتها المحدودة.
والولايات
المتحدة داعمة بشكل كبير جدا للمبادرة الألمانية في خلق منطقة منزوعة السلاح، ورسم
ملامح وقف إطلاق نار شامل يسمح لانطلاق عملية سياسية، لأن هذا أفضل سيناريو
بالنسبة لأمريكا في هذه المرحلة الحرجة لشراء وقت كنوع من "الهروب إلى الأمام".
السفير الأمريكي بليبيا ريتشارد نورلاند أعرب عن قلق الولايات المتحدة بشأن النقص الحاد في الكهرباء، معلنا دعمه لحق المواطنين في كافة ربوع البلاد في المشاركة بالاحتجاجات السلمية.. فكيف تقيم موقف أمريكا من تلك الاحتجاجات؟ وما هي أبعادها؟
أزمة
الكهرباء، وانقطاع المياه، وانعدام السيولة، والانفلات الأمني، وتفشي الفساد بشكل
مُدمر في معظم مؤسسات الدولة، كلها قضايا جعلت المواطن الليبي أمام معاناة مُفتعلة
وأزمات مُتراكمة فوق أزمة الحرب والقتال والدمار التي كان سببها خليفة حفتر، وهذا
ما خلق حالة غضب وغليان في الأوساط الشعبية وبين عامة الناس.
هذا
الغضب وحالة الاحتقان يسعى البعض لتأجيجها وتوظيفها لخلق ربكة داخل العاصمة، وربما لمحاولة تحقيق
مكاسب سياسية، ولكن تبقى في العموم حالة الغضب والاحتقان انعكاس لواقع مؤسف
ومعاناة حقيقية للمواطنين، ويجب التعامل معها كذلك، ووجب على الحكومة والمجلس
الرئاسي التعامل مع هذه الأزمات بشكل عاجل وبحلول جذرية وحقيقية، أولا لمعالجة الأزمات
التي تُسبب معاناة المواطنين، وثانيا لقطع الطريق أمام الأطراف التي تحاول
تأجيج الوضع الداخلي وخلق فوضى عارمة، وهو الأمر الذي تسعى إليه كثير من الأطراف
التي كانت تتمنى بأن ينجح حفتر في خلق ذلك، ولكن بعد أن فشل وتم دحره على أسوار
العاصمة وتكاثفت الجهود الوطنية لتحقيق ذلك، فأصبح البعض يعمل على تفكيك هذا الالتحام
ووحدة الصف.
ويبقى
الضامن الوحيد لضمان استمرار هذه الاصطفاف الإيجابي وتكاتف الجهود هو معالجة الأزمات
التي عبّر عنها المواطنين ومحاربة الفساد من خلال ملاحقة المتورطين فيها ومحاكمتهم،
وإعادة بناء ثقة المواطن في مؤسسات الدولة.
الإدارة الأمريكية دعت مطلع الشهر الجاري جميع الأطراف المسؤولة إلى تمكين المؤسسة الوطنية للنفط من استئناف عملها الحيوي بشفافية كاملة.. فهل هناك جديد بشأن استئناف عمل المؤسسة الوطنية للنفط؟ وما الذي وصلت له الترتيبات في هذا الصدد؟
لم
تُتخذ أي خطوات حقيقية من قبل العصابات التي تواصل سيطرتها على الموانئ النفطية
والمنشأة النفطية بصفة عامة، باستثناء ربما تفريغ بعض الخزانات في أحد الموانئ،
ولكن حتى هذه اللحظة لم تتمكن المؤسسة الوطنية للنفط من مواصلة عملها داخل الحقول والموانئ
والمنشآت النفطية، وتواصل عصابة حفتر ومرتزقة شركة فاغنر إغلاقها لهذه المنشآت
وتمنع مزاولة العمل فيها.
بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عبّرت عن انزعاجها من تعطيل مجموعة مسلحة تابعة لـ حفتر العملية الانتخابية في بلدية تراغن.. فكيف تابعتم مجمل هذه الانتخابات؟ وما حجم التدخل فيها أو التفاعل معها؟
مليشيات
حفتر ارتكبت ما هو أشنع من ذلك منذ فترة طويلة، فهم قاموا بالانقلاب على مجالس بلدية
مُنتخبة في معظم المدن الشرقية، وحتى في الجنوب، ونصبت حاكما عسكريا على تلك
البلديات، فقيام مليشيات حفتر بتعطيل العملية الانتخابية في مناطق تواجدها أمر ليس
بغريب، وسيكون هذا مصير أي مساعي إجراء انتخابات في مناطق تتواجد بها مليشيات
حفتر.
والموقف
الدولي للأسف بما في ذلك موقف البعثة، كلام لا يحمل أي وزن ولا قيمة.. فهذه
الكلمات سبقتها العشرات، بل المئات من الإدانات والتحذير والقلق وغيرها من تعبيرات
محتشمة. طالما أن هذه المواقف لا تشمل
عقوبات مباشرة، وتغيير في موقف هذه المؤسسات والدول من المسؤول عن ارتكاب هذه
الجرائم، فلن تؤدي إلى أي تغيير في سلوك المجرم حفتر.
إجمالا، كيف تقيمون الموقف الأمريكي من الأزمة الليبية؟ ولماذا لا تتدخل واشنطن بشكل مباشر وواضح لإنهاء تلك الأزمة؟
الموقف
الأمريكي كما سبق وأن أشرت مرتبط بشكل مباشر بالوضع السياسي الداخلي لإدارة الرئيس
ترامب والانتخابات الرئاسية، فهامش المناورة المتاح للرئيس ترامب في ظل التحديات
التي تواجه مصالحهم ومصالح حلفائهم لا يسمح بأي تدخل مباشر وسيبقى الحراك
الدبلوماسي عن طريق حلفاء ووكلاء هو أقصى ما سنشاهده من قبل الإدارة الأمريكية الحالية،
هذا لا يعني أننا لن نشاهد خطوات قد تكون فعالة في التأثير على الأوضاع في ليبيا
مثل فرض حزمة عقوبات مثل ما تم مع قانون قيصر "Caesar" الذي فرض على نظام بشار
الأسد أو ربما نشاهد ملاحقة قانونية لخليفة حفتر بشكل مباشر من قبل وزارة العدل
الأمريكية بشأن ما قام به في التعامل مع نظام نيكولاس مادورو في فنزويلا.
هل تعاطي إدارة الرئيس ترامب مع الأزمة الليبية يختلف عن تعاطي الرئيس السابق باراك أوباما أم أنه لا يوجد اختلاف بينهما؟
بدون
شك أن إستراتيجية العلاقات الدولية بشكل عام، ونظرة إدارة الرئيس ترامب تختلف بشكل
كبير جدا عن الإدارة السابقة. فهناك توجه سياسي من قبل الإدارة الحالية للتعامل مع
الأزمة في ليبيا على أنها من تركة الإخفاقات من الإدارة السابقة وفشل إدارة أوباما
في تحقيق الاستقرار في ليبيا. ورغم ذلك، فيبقى طابع العمل المؤسساتي وبالأخص في
وزارات الخارجية والدفاع والخزانة متزن ومتواصل ويحظى بنوع من المهنية والموضوعية
في كثير من الملفات التي تخص ليبيا. فلهذا لم نشاهد تغيير كبير جدا في الجهود
الداعمة في مواجهة الإرهاب ومكافحة غسيل الأموال وغيرها من الملفات التي تعتبر
جوهرية وإستراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة.
عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، أبو القاسم قزيط، قال سابقا لـ"عربي21"، إن "من يملك مفاتيح الحل في ليبيا هي الولايات المتحدة؛ فقدرات أوروبا محدودة".. فهل أمريكا هي التي تملك مفاتيح الحل بالفعل؟
لا
أعتقد أن هناك أي دولة وحدها تملك مفاتيح الحل، فالوضع الدولي والواقع السياسي في
منطقتنا بشكل خاص لا يملك مفاتيحها أي طرف وحده، وواهم من يعتقد بأن هناك دولة
بعينها - ولو كانت دولة كبرى مثل الولايات المتحدة - تملك "مفتاح الفرج"
بشكل فردي.
فمفتاح
الحل في وجهة نظري ينطلق من وضع رؤية سياسية شاملة لمشروع وطني متكامل يحقق الاستقرار
ويعالج الأزمات الراهنة بشكل جذري، وليس من خلال الهروب إلى الإمام، وأن يتم بلورة
هذه الرؤية بشكل متكامل وطرحها على الأطراف الدولية مثل الولايات المتحدة، وإطلاق
مساعي تعاون مشترك عملية وفعالة تتحقق من خلالها الحلول التي تعالج القضايا
الحساسة، وفي نفس الوقت تعيد بناء الثقة مع الدول الكبرى ليصبح هناك مجال تعاون
حقيقي بين مؤسسات الدولة المختلفة مع الأطراف الدولية التي لديها القدرة أن تُقدّم
قيمة إضافية لليبيا، وتستطيع ليبيا أن تكون شريكة ذات مصداقية وفاعلية، فبهذا
يتحقق مفتاح الحل.
هل الموقف الأمريكي في ليبيا أقرب لحكومة الوفاق أم لحفتر؟
الموقف
الرسمي والمُعلن للإدارة الأمريكية كان دائما داعما لحكومة الوفاق كالجهة الشرعية
والمعترف بها دوليا، ولكن يبقى آلية تعامل أمريكا مع مجرم الحرب حفتر وتجاهلها
لجرائمه ومقابلته بشكل رسمي وكأنه شريك سياسي حقيقي يُعتبر تناقض ونوع من التضارب في
الموقف، ولكن أعتقد بعد عدة سنوات من هذه الازدواجية في المعايير والمراهنة على
حفتر بشكل أو بآخر جلب الكثير من المشاكل والمزيد من التعقيدات بالنسبة للإدارة
الأمريكية، وقد يأخذ حفتر مكانه الحقيقي في تصنيفات الإدارة الأمريكية كمجرم حرب
وكشخصية مُعرقلة للسلام، وهذا ما قد يساهم في بداية الحل في ليبيا.
كيف ترى إصرار أمريكا والمجتمع الدولي والأمم المتحدة على استمرار التعامل مع حفتر؟ وهل أمريكا لاتزال ترى في "عقيلة صالح" وسيلة للحل السياسي في ليبيا؟
الإصرار
في السابق من قبل أمريكا والأمم المتحدة التعامل مع حفتر هو أحد أسباب إطالة
الأزمة وتفاقمها، وأعتقد بأن هذا الأمر يتغير شيئا فشيئا، فرأينا أن مساعي الاتصالات
مع مجموعة من المسؤولين العسكريين والسياسيين من دائرة حفتر وتجاهل التواصل مع
حفتر شخصيا أصبح أمرا معتادا في الأسابيع الماضية. فعلى سبيل المثال أصبح عقيلة صالح
هو الواجهة السياسية التي تتعامل معها الأطراف الدولية، رغم قناعتهم بأنه شخصية
عاجزة عن تنفيذ أي من وعوده، لأنه حسب ما وصفه العديد من الدبلوماسيين الغربيين
الذين تعاملوا معه أنه شخصية كثيرة الوعود، ولكنه كثير الكذب وقليل الأفعال، وذلك
يرجع إلى أن عقيلة صالح لا يستطيع أن يبتعد كثيرا عن ظل خليفة حفتر، وتبقى مكانته
الهزيلة والضعيفة في الأوساط السياسية والاجتماعية في المنطقة الشرقية معضلة
حقيقية وتجعله عاجزا عن تنفيذ أي من الوعود التي يقدمها للأطراف الدولية.
هل الانتخابات هي السبيل والفيصل الوحيد الذي يمكنه حسم ما يمكن تسميته صراع الشرعيات؟
المسار الديمقراطي
في ليبيا يبقى هو المسار الوحيد الذي سيضمن للشعب الليبي حقه في
التعبير عن رأيه واختيار مَن يحكمه، والانتخابات هي أهم الاستحقاقات التي من
خلالها يتحقق ذلك. ولكن قبل خوض أي عملية انتخابية، يجب أن تُستكمل العديد من الاستحقاقات
والخطوات العملية التي تضمن بأن أي عملية انتخابية بالفعل ستكون انعكاس لرغبة
الشعب الليبي، وليست عملية مُختطفة أو مُهيمن عليها من قبل جهة معينة تتمكن من
خلالها أن تُخفي عملية ترسيخ للقمع والديكتاتورية والفساد وراء ستار الانتخابات.
فلهذا الانتخابات هي وسيلة مهمة وجوهرية في العملية الديمقراطية، ولكن يجب أن
يتمكن الشعب الليبي من خوضها وفق معايير دولية تضمن للمواطن حقه في التعبير دون
ترهيب أو ابتزاز ودون تقويض لإرادته.
ما مدى اهتمام الرأي العام الأمريكي بالأزمة الليبية؟
لا
أعتقد أن الرأي العام الأمريكي في هذه المرحلة مهتم إطلاقا بالأزمة الليبية، فهناك
الكثير من الأزمات والقضايا المحلية في الولايات المتحدة التي تؤثر على حياة
المواطن الأمريكي وما يدور في ليبيا ليس أحدها.
ما تقييمكم للدور الذي تقوم به السفارة الليبية في واشنطن؟ وإلى أي مدى هي فاعلة ونشطة هناك؟
دور
السفارات الليبية بشكل عام لا يختلف كثيرا عن دور العديد من المؤسسات الأخرى
التابعة للدولة؛ فالعجز والإخفاق في القيام بالمهام المنوطة بها أمر لا تختص بها
السفارات الليبية في الخارج بما في ذلك سفارتنا في واشنطن، فهذا للأسف أصبح أمرا تعاني
منه الكثير من مؤسسات الدولة. وهذا ما أدى لقيام العديد من الأطراف باجتهادات
مختلفة لسد هذا العجز والقيام بما يُمكن القيام به بطرق متنوعة في مسيرة عمل وعطاء
شاملة لم تُعد مرتبطة بهيكل تنظيمي أو وظيفي؛ فهذه طبيعة المرحلة التي نمر بها الآن،
ولا اعتقد أنه من المفيد تقييم أداة جهة محددة بشكل منفصل عن هذا الواقع؛ فالنظرة
لابد أن تكون شاملة.
وماذا عن أداء البعثة الليبية في الأمم المتحدة؟
البعثة
الليبية في الأمم المتحدة لديها خصوصية كونها الواجهة السياسية في محفل دولي مهم
جدا بالأخص في المرحلة التي تمر بها ليبيا، وبدون شك معظم المؤسسات الحكومية تعاني
من التحديات، وتراكمات المشاكل، والتركة التي تركها حكم معمر القذافي في كل مؤسسات
الدولة. ورغم ذلك، خلال الأشهر الأخيرة أصبح دور البعثة يأخذ طابعا أكثر إيجابية ويتحسن بشكل ملحوظ، حيث أصبحت البعثة تتحرك بشكل أكثر فاعلية، والخطاب السياسي
داخل مجلس الأمن تغير وأصبح أكثر قوة وتأثيرا، ويبقى مجال التطور والارتقاء بالأداء
كبير، وأعتقد أن البعثة على الطريق الصحيح نحو تحقيق ذلك.
خبير سدود يكشف لـ"عربي21" مخاطر سد النهضة على مصر