حمل كشف شركة "نيورالينك"،
المتخصصة في علوم الأعصاب، التي يديرها الملياردير إيلون ماسك، الكثير من الأسئلة
الكبيرة، بشأن الشريحة الإلكترونية، التي زرعت في دماغ خنزير للتحكم في عدد من
الوظائف، والأمراض، ومدى أخلاقية وواقعية مثل هكذا اختراع.
وتقوم التقنية على زرع جهاز تتبع لاسلكي، في
الجمجمة، ووصله بالكمبيوتر لاسلكيا، عبر آلاف الأقطاب الكهربائية، التي تعمل
كخلايا عصبية صناعية، لتعويض الخلايا التالفة من المخ.
ويأمل مبتكرو الشريحة، في مساعدتها على علاج
أمراض دماغية وعصبية مثل الزهايمر، والشلل الرعاشي، وإصابات النخاع الشوكي، عبر تعويض
التالف من خلايا مخ الإنسان.
لكن السؤال المثار هو إلى أي مدى سيبقى مسار
هكذا ابتكار، متعلقا بالتوجه للعلاج، وعدم تخطيه إلى التأثير على حياة الإنسان، أو
وصوله إلى مرحلة توجيهه أو اقتحام مراكز حساسة في الدماغ تنتهك خصوصيته. فضلا عن البعد
الأخلاقي طبيا، لإجراء مداخلة من هذا النوع على الدماغ؟
أبعاد خطيرة
خبير الأمن المعلوماتي، رائد سمور، قال إن
توجهات الشركات التقنية، لاقتحام الدماغ، باتت أمرا حقيقيا، وملموسا، وشاهدنا ما
أعلنه إيلون ماسك، وهو أمر له أبعاد خطيرة، رغم تغليفه بذرائع الطب والعلاج.
وقال سمور لـ"عربي21": "بعض
المهووسين بالتكنولوجيا، يريدون تحويل العالم إلى روبوتات، يسهل التحكم بها،
وتوجيهها لتحقيق رغباتهم، وهذا الأمر بعيد كل البعد عن الأخلاق".
ورأى أن التعامل مع الإنسان، على أنه موقع
لزراعة شرائح إلكترونية، تتعلق بالدماغ، يعني أن هناك اعتداء على حريته، وخصوصيته
ومفهوم الإنسانية بشكل عام، وكثير من التقنيات التي تستهدف العقل البشري، شركات
تقنية إسرائيلية شريك استراتيجي فيها.
إقرأ أيضا: شركة تابعة لـ"ماسك" تنجح بزرع شريحة لربط الدماغ بالكمبيوتر
وأضاف سمور: "خصوصية الإنسان انتهت في
ظل هكذا تقنيات، وما دمنا قبلنا بالتواجد عبر شبكة الإنترنت فالكثير من خصوصياتنا
انتهكت، لكن بحملنا أجهزة الهاتف الذكي، فالخصوصيات انتهت، ولنا أن نتخيل ما
سيحصل في حال زرعت شرائح في أدمغة البشر، ليست ذات صلة بالقضايا العلاجية، وسنكون
أمام شكل جديد من العبودية".
وشدد على أن التواصل مستقبلا، قد يتم تقنيا
من دماغ إلى دماغ، وما كان في الماضي مستحيل التصديق، سيكون غدا ممكنا بل مطبقا
على أرض الواقع.
خيال علمي
من جانبه قال أخصائي الطب النفسي، الدكتور
علاء الفروخ، إن الحديث عن قدرة شرائح إلكترونية، تزرع في الدماغ على التحكم ببعض
المراكز العصبية أمر أقرب إلى الخيال العلمي منه إلى الحقيقة.
وأوضح الفروخ لـ"عربي21"، أن التحكم
بالعقل البشري، حلم قديم للمختصين بالعلوم العصبية، لكن حجم التفاعلات داخل المخ،
يجعل الجميع عاجزا عن تحقيق ذلك، فهناك مشاعر واندفاعات ورغبات، تجري داخل
الدماغ، لم يتوصل العلم حتى الآن إلى فهم كيفية حدوثها بشكل كامل.
وأشار إلى أنه من أجل "التحكم في الدماغ
البشري، علينا معرفة كيف يعمل، وكيف تتشابك الأفكار من الغرائز لنعرف أين نضع
إصبعنا للتحكم".
ولفت إلى وجود مدارس معرفة كثيرة، بشأن علم
النفس، ومنها المدرسة السلوكية والمعرفية، وهناك خلافات كثيرة بين أصحاب تلك
المدارس حول كيفية عمل الدماغ، متسائلا: "كيف بعد ذلك سنبتكر شريحة إلكترونية
من أجل التحكم في العقل؟".
لكن في المقابل، رأى أن هناك قدرة تقنية
للتأثير على المراكز في الدماغ، أو التأثير على بعض الأمراض، وتحسين الوظائف لكن
من الصعب الحديث عن إنهاء أمراض عصبية بشكل كامل والقضاء عليها.
ولفت إلى إمكانية إحداث تأثير تقني، على
الذاكرة، بصورة إيجابية، وهو تأثير يكون على المرضى، لكن التحكم بالإنسان
الطبيعي أمر شبه مستحيل، ولم يصل العلم إلى تلك المرحلة.
وشدد على أن التكنولوجيا، لا يمكنها خلق
قدرات غير موجودة عند البشر، مثل زرع شريحة يمكنها أن تحول شخصا غير بارع في الرسم
إلى محترف للفن، أو الإبداعات اليدوية.
عجوزا في كوكب وطفلا في آخر.. تعرف إلى عمرك "الفضائي"
تطوير بطاريات "نووية" تعمل إلى الأبد دون حاجة للشحن
شركة تابعة لـ"ماسك" تنجح بزرع شريحة لربط الدماغ بالكمبيوتر