قال الروائي الأمريكي بول أوستر، إن رئاسة دونالد ترامب تهديد للديمقراطية الأمريكية، وأضاف: "إننا منقسمون للغاية داخل البلاد، ويتملكنا نوع من الكراهية تجاه بعضنا البعض، ونبدو كأننا منقسمون إلى نصفين: من يحبون ترامب ومن يكرهونه".
وتطرق أوستر في محادثة هاتفية أجرتها
شبكة "بي بي سي" البريطانية، إلى وباء فيروس كورونا وأعماله، وحياته
الخاصة ووفاته.
وتاليا نص المحادثة كاملا:
نيويورك حاضرة بشكل كامل في أعمالك.
كيف ترى المدينة الآن، وإلى أي مدى تغيرت بالنسبة لك منذ أن ضربها الوباء بهذه
الصورة القاسية؟
مرت نيويورك بالكثير على مر تاريخها
الطويل. شهدنا أوبئة، وكل أنواع الكوارث، أعمال الشغب خلال الحرب الأهلية، مذابح،
هجمات 11 أيلول/ سبتمبر ووباء الإنفلونزا عام 1918. وهذا الوباء يضاف للأوقات
العصيبة المزعجة التي مرت بها المدينة.
فقد ظلت نيويورك لبعض الوقت أكثر
الأماكن تضررا في العالم من فيروس كورونا، لكنها تعاملت مع الأمر بشكل جيد، ربما
أفضل بكثير من أجزاء أخرى في البلاد. وشيئا فشيئا، أعادت نيويورك استئناف أنشطتها
إلى حد ما.
لكن الأسوأ من ذلك هو ما حدث في
البلاد، فالمشكلة الحقيقية في من يتولى منصب الرئيس، وفي أعضاء حزبه الذين يدعمونه
في مواجهة حالة طوارئ وطنية دون امتلاك سياسة وطنية. إنه لا يبالي بأعداد الوفيات
التي تجاوزت الـ170 ألفا حتى الآن، وبملايين الإصابات.
اقرأ أيضا: صحفي أمريكي يُحرج ترامب ويرفض خلع "الكمامة" (شاهد)
إنها وصمة عار. نحن منقسمون للغاية
داخل البلاد، يتملكنا نوع من الكراهية تجاه بعضنا البعض. نبدو منقسمين لنصفين:
هؤلاء الذين يحبون ترامب وهؤلاء الذين يكرهونه.
مع اقتراب موعد الانتخابات، وفي حين
تبقى أمور كثيرة للغاية غير مستقرة وغير واضحة، من يعلم ماذا سيحدث بعد؟
هذا ما يقلقني، أكثر من مدينتي.
هل يمكنك القول إن الوباء وتبعاته
كانت له آثار مربكة على نيويورك أكثر من هجمات 11 أيلول/ سبتمبر؟
بالتأكيد! 11/9 كان يوما واحدا، ثم
استغرق الأمر منا شهورا كي نتعافى. ولم يتكرر. لكن إذا تكررت أحداث 11/9 بشكل يومي فسنكون في مأزق. وهذا ما حدث هنا.
ففي ذروة تفشي الفيروس في نيسان/
أبريل، كان يموت ما بين 700 و900 شخص يوميا في نيويورك. هذا عدد كبير، وتعد
الإحصاءات الرسمية بشأن عدد المصابين أقل بكثير من الواقع.
في كتبك تحدثت عن فرص، أحداث عابرة،
ومصادفات.. ليبدو كأنك تحاول أن تقول لنا إننا جميعا نعيش داخل لعبة روليت لا
يمكن السيطرة عليها.
ما حاولت أن أقوله على مدار السنوات
هو أن أي شيء يمكن أن يحدث لأي شخص في أي مكان وفي أي وقت.
اقرأ أيضا: قراءة إسرائيلية لـ"مهام تل أبيب" بعد الانتخابات الأمريكية
وبمجرد أن نعي ذلك، سنكون مستعدين
بصورة أفضل كي نواجه التنوع والأمور غير المتوقعة.
هناك شيء ما في الروح البشرية يسعى
إلى الاستقرار واليقين، لذا فإن أغلب الناس يضلون الطريق حين يحدث شيء غير متوقع
أو غير معتاد.
لكن إذا ما تصرفنا بذكاء وفعلنا ما
ينبغي القيام به، فإنه يمكننا أن نتجاوز ذلك.
تكمن المسألة في أن الكثير من الناس
يعيشون في حالة إنكار للحقائق، ويرفضون حتى الإيمان بما توصل إليه العلم. عجبا
لهم!
إذا كنت لا تصدق ما يقوله لك
العلماء، وتعتقد أن شرب سائل كيميائي للتنظيف سيجعلك في حالة أفضل، أو كل الأشياء
الجنونية التي قالها ترامب في مناسبة أو أخرى خلال الشهور الستة الماضية، ستجد
أمامك بلداً من المجانين.
نصف سكان البلاد لا يريدون ارتداء
كمامات، يعتقدون أنه تجاوز على حريتهم. ماذا يقصدون؟ الحرية في الموت؟ لا أفهم
وجهة نظرهم.
نحن نعيش في مجتمع، نعتمد جميعا على
بعضنا البعض.
كيف يمكن للناس أن يكونوا بهذا القدر
من الأنانية والاستهتار بحيث يظنون أنهم محصنون بشكل ما مما يحدث للناس حولهم؟ هذا
نوع من الجنون السياسي الذي سيطر على هذا المكان.
تشهد أمريكا تغييرات كبيرة في الوقت
الحالي: الوباء والاحتجاجات المناهضة للعنصرية، والتراجع الاقتصادي التاريخي،
ورئاسة ترامب. هل يغير كل هذا بصورة ما الدور الذي يلعبه الكتاب والمثقفون في
المجتمع؟
بالطبع! أنا وسيري نشارك الآن في
مجموعة شكلناها من "الكتاب المناهضين لترامب". ومهمتنا هي إقناع الشباب، وهؤلاء
الذين قرروا الابتعاد عن الانتخابات، أن يغيروا رأيهم ويشاركوا في التصويت.
اقرأ أيضا: فيسك: كيف ستكون ردود الفعل بحال تمت إعادة انتخاب ترامب؟
واجبنا هو أن نفعل ما بوسعنا، سواء
كنا كتابا أو لم نكن، حتى نضمن أن ترامب لن يفوز بولاية ثانية.
بعد 3 تشرين الثاني/ نوفمبر، ( بينما
ننتظر فرز الأصوات عبر البريد) سيكون أمامنا فترة شهر أو شهرين أخشى أن تكون
الأكثر فوضوية في التاريخ الأمريكي منذ الحرب الأهلية.
فكرت في عشرات القصص المختلفة
المحتملة لما قد يحدث، ما بين الأكثر بشاعة وما هو أقل فظاعة. غير أنه ما من شيء
جيد سيحدث خلال هذه الفترة.
بالنسبة لترامب، في حال هُزم في
الانتخابات، فإنه سيواجه سنوات من المحاكمة بسبب جرائم ارتكبها.
يمكن أن ينتهي به الأمر في السجن، لا
بسبب جرائم فيدرالية، وإنما لجرائم ارتكبت في ولاية نيويورك، ما بين تهرب ضريبي
واحتيال، وكل الأشياء المختلفة التي قام بها على مدى سنوات.
لذا فهو مصمم على البقاء في السلطة،
وسيفعل أي شيء، أي شيء من أجل ذلك.
هل تعتقد أن الديمقراطية الأمريكية
باتت الآن في خطر؟
بالتأكيد في خطر! ما فعله ترامب
والإدارة الجمهورية على مدى أربع سنوات هو تفكيك الحكومة الأمريكية بشكل ممنهج.
كل الوكالات التي يفترض أن تقوم بإدارة البلاد تم تمزيقها.
وكالة الحماية البيئية عكست كل
قواعدها ولوائحها، بحيث صار تلويث البيئة الآن يتم بتشجيع من الحكومة. لدينا وزير
للتعليم لا يؤمن بالمدارس الحكومية. لدينا وزير للعمل يعارض مصالح العمال.
لدينا وزارة خارجية ذات مناصب شاغرة
حول العالم، ودول لم يعد لدينا سفراء بها. لدينا وزارة للعدل تخطت حدود القانون
وأصبحت أداة في يد ترامب والجمهوريين.
لم يحدث هذا في أمريكا من قبل. لذا،
أجل الديمقراطية في خطر.
يحاول ترامب عرقلة التصويت، يقوض عمل
مكاتب البريد في وقت تحتاج فيه أن تكون بأقصي طاقتها، قام بتقليصها بحيث يتأخر
وصول بطاقات الاقتراع ولا يتم احتساب أصوات الناخبين بالبريد.
بعد أربع سنوات أخرى على هذا
المنوال، لا أعتقد أن شيئاً سيتبقى. لا شيء على الإطلاق.
سنصبح دولة سلطوية. أمر لم يكن أحد
يتخيله قبل أربع سنوات. لكننا في طريقنا إلى ذلك، وبسرعة شديدة.
لكن الخبراء السياسيين والقانونيين
يقولون إن المؤسسات الأمريكية كالقضاء والكونغرس، أظهرت أنها ما تزال تعمل..
ليس هكذا تماما، إنها تعمل، لكن ليس
بشكل جيد جدا. إنه إنجاز صادم أن يتم تدمير هذا القدر بهذه السرعة.
ولدينا كذلك كونغرس منقسم، أناس ممن
لا ينتمون فقط للجناح اليميني، وإنما هم مجانين وقساة ولا رغبة لديهم في مساعدة أي
شخص بخلاف أنفسهم.
اقرأ أيضا: ترامب يتعهد بفصل اقتصاد أمريكا عن الصين.. ما إمكانية ذلك؟
اعتذر عن هذه النظرة السوداوية لكنني
لا أستطيع أن أصف لك مدى أهمية وخطورة هذه اللحظة بالنسبة لنا الآن. لم أر شيئاً
كهذا في حياتي قط، وأنا كنت شابا خلال ستينيات القرن الماضي.
ما هي علاقتك بوسائل التواصل
الاجتماعي، هل هي أداة أم مشكلة؟
ليس لدي علاقة بها. ليس لدي حاسب
آلي، ليس لدي هاتف محمول. أنا لست على اتصال بهذه الأشياء ولا أريد أن أكون جزءا منها.
أعلم أن الانترنت صنع أموراً مذهلة،
ويتمتع بمزايا كثيرة، مقارنة بوسائل الاتصال السابقة. لكنه يمثل خطرا أيضا. كان
شديد الخطورة، وتسبب في نشر الأكاذيب أسرع من أي وسيلة أخرى في تاريخ العالم.
إنه لا يخضع لضوابط، ويمنح القوة
للمجانين الكاذبين.
ماذا تكتب حاليا؟
انتهيت لتوي من تأليف كتاب عن حياة
وأعمال الكاتب الأمريكي ستيفن كرين مؤلف رواية "شارة الشجاعة الحمراء".
عاش ستيفن كرين حياة قصيرة جدا، لكنه
كان أول كاتب أمريكي حداثي. وهو كاتب عظيم. وقد عاش حياة مجنونة محمومة ومفعمة
بالمغامرة، وهو أمر رائع. ورغم أنه توفي في عمر 28 عاماً إلا أنه ترك أعمالاً
منشورة من 3 الآف صفحة. عمل مراسلاً في حربين، متابعا التطورات من كوبا خلال
الحرب الأمريكية الإسبانية. كان شابا استثنائياً وموهوباً لدرجة رائعة.
كيف يبدو الزواج من كاتبة ناجحة؟
نستيقظ في الصباح الباكر ويذهب كل
منا إلى غرفته ونعمل طوال اليوم.
بعد ذلك، حوالي الساعة الخامسة تبدأ
حياتنا الزوجية، ونفعل كل الأشياء التي يقوم بها المتزوجون.
إنه أمر رائع. نعيش معاً منذ نحو 40
عاما ، وكان أمرا ناجحا.
كانت أيضا أروع علاقة صداقة، تذهب
أبعد من حبنا لبعضنا البعض. صداقة حقيقية عميقة. لا أعلم قدر إعجابي بعقلية سيري،
وقلبها. وحسها الأدبي استثنائي.
لا أترك شيئا كتبته يخرج من المنزل
قبل أن تقرأه بعناية. إذا اجتاز سيري، اعتقد بعدها أنه يمكنني أن أقدمه للعالم.
والشيء نفسه بالنسبة لها. أنا أقرأ كل ما تكتبه، ونتناقش. كل واحدٍ منا محرر عمل
الآخر. وكان هذا أمراً بالغ القيمة لكلينا.
ماذا تقرأ حاليا؟
أقرأ كتيراً هذه الأيام، أحاول
اللحاق بمختلف أنواع الكتب. على سبيل المثال، حين كان كرين يعيش في إنكلترا، كان
صديقه المقرب جوزيف كونراد، وهناك تكهنات بأن بعض جوانب رواية "لورد
جيم" لكونراد استندت إلى شخصية كرين، لذا أعدت قراءتها، لكي أتأكد، ثم قرأت
أربعة أو خمسة كتب أخرى لكونراد.
اقرأ أيضا: استطلاعات رأي محسوبة على الجمهوريين تؤكد تفوق بايدن
وعلى مدى أربعين عاما، وأنا أعد سيري
بأن أقرأ روايتها المفضلة "ميدل مارش" لجورج إليوت.
وقد حاولت أربع مرات من قبل ولم
أتمكن من قراءة ما يزيد عن صفحاتها الخمسين الأولى. ثم قرأت الرواية كاملة. وهي
كتاب جيد جدا.
وقرأت لتوي رواية لكاتبة من إيرلندا
الشمالية تدعى آنا بيرنز بعنوان "بائع الحليب"، وأعتقد أنها كانت جيدة
جدا. قرأت أيضاً لكاثرين آن بورتر وهي كاتبة أمريكية رائعة لم أقرأ لها من قبل. وحاليا أقرأ "الرجل الخفي"
لرالف إليسون.
كيف تنظر للموت في يوم ما؟
احتمال الموت قائم جدا. أفكر فيه
طيلة الوقت. أدرك أنني قد أموت بمجرد أن أضع سماعة الهاتف بعد مكالمتنا، وليس هناك
ما يمكنني أن أفعله حيال ذلك.
لكنني بالتأكيد مستعد. اعتقد أنني
مستعد. أنا في الثالثة والسبعين من عمري. أنا رجل متقدم في السن الآن. لذا فأي شيء
من الممكن أن يحدث، وأنا مستعد لذلك.
لكن الأمر الغريب، هو أنه رغم كل ما
تحدثنا عنه، أنا الآن أكثر سعادة في عمري هذا، مما كنت في شبابي. لا أستطيع أن
أشرح السبب.
أعتقد أنني نضجت بحيث صرت أثمن كل
الأشياء الصغيرة التي أمتلكها، وكل الأشياء الصغيرة التي تعني الكثير بالنسبة لي.
أثمنها الآن كما لم أفعل في الماضي،
أو على الأقل لم أفعل لهذا الحد. كل شيء جيد مع التقدم في السن، باستثناء أنك تكون
كبيرا في السن.
صحفي أمريكي يُحرج ترامب ويرفض خلع "الكمامة" (شاهد)
فوكس: هذه أوجه الشبه بين الإمبراطورية الرومانية وأمريكا
وفاة الشقيق الأصغر لترامب بمرض لم يفصح عنه