تحدث مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم، ياسين أقطاي، الأربعاء، عن الصدى الواسع الذي تركه اللقاء الذي أجراه مع "عربي21"، حول العلاقة التركية المصرية.
وقال أقطاي في مقال نشرته صحيفة
"يني شفق" التركية، إن "حديثي عن العلاقات التركية المصرية، خلال
اللقاء الذي أجراه معي موقع عربي21، الذي يعتبر من أكثر المواقع انتشارا في العالم
العربي، لاقى صدى واسعا فاق تقديري".
اقرأ أيضا: ياسين أقطاي لـ"عربي21": تفاهم مصري-تركي في ليبيا (شاهد)
ولفت أقطاي إلى أن "مئات
المواقع والمحطات العربية، تناولت اللقاء، كما أنه تحول إلى موضوع نقاش على العديد
منها"، منوها إلى أنه "حينما سأل ويزر الخارجية المصري سامح شكري حول
تصريحاتي، رد خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الأرمني، الذي كان يزور القاهرة بأنه ينتظر
أفعالا من تركيا لا أقوالا".
واستدرك أقطاي بقوله: "إلا أن
الأفعال التي ينتظرها شكري يبدو أنها هذه المرة غير ما ألفنا سماعه من الجانب
المصري حول الموقف التركي من مصر، ومناوأتها في كل فرصة للانقلابيين وأزمة
الاعتراف بشرعية الحكوة الحالية هناك، وفتح الباب أمام اللاجئين السياسيين
المصريين والسماح لهم بممارسة نشاطاتهم في تركيا؛ بل إنه ذهب بعيدا بشكل غريب نحو
الوجود التركي في العراق وسوريا وليبيا".
وتاليا نص المقال كاملا
أفق العلاقات التركية-المصرية
لقد لاقى حديثي عن العلاقات
التركية-المصرية خلال اللقاء الذي أجراه معي مؤخرا موقع "عربي21" الذي
يعتبر من أكثر المواقع انتشارا في العالم العربي؛ صدى واسعا فاق تقديري. ولقد
تناولته مئات المواقع والمحطات العربية، كما أنه تحول إلى موضوع نقاش على العديد
منها.
وحينما سأل وزير الخارجية المصري
سامح شكري حول تصريحاتي، ردّ خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الأرمني الذي كان يزور
القاهرة بأنه ينتظر "أفعالا من تركيا لا أقوالا"، إلا أن الأفعال التي
ينتظرها شكري يبدو أنها هذه المرة غير ما ألفنا سماعه من الجانب المصري حول الموقف
التركي من مصر، ومناوأتها في كل فرصة للانقلابيين وأزمة الاعتراف بشرعية الحكومة
الحالية هناك، وفتح الباب أمام اللاجئين السياسيين المصريين والسماح لهم بممارسة
نشاطاتهم في تركيا؛ بل ذهب بعيدًا بشكل غريب نحو الوجود التركي في العراق وسوريا
وليبيا.
يبدو أن المشكلة بين تركيا ومصر هي
أبعد مما هو معلوم، لكن دعونا نتجاوز فرضًا موضوع ليبيا، وأنها جارة مصر وللأخيرة
أجندة مباشرة هناك، بيدَ أن تركيا ذهبت إلى هناك بدعوة رسمية من الحكومة الشرعية
في ليبيا، وبالتالي تم فتح صفحة جديدة بين تركيا ومصر بسبب ذلك. أما ما تقوم به
تركيا في سوريا والعراق فلماذا يا ترى يشكل أهمية من الدرجة الأولى لمصر أو
بالأحرى لنظام السيسي؟
هل لأنها تتدخل في الشؤون العربية؟
بالله عليكم هل المسألة هنا مسألة عربي أو تركي أو كردي؟ في السياق ذاته نجد أن
وزير الخارجية الأرمني الذي كان بجانب شكري، كان هو الآخر يعبّر عن رفضه لأنطشة
تركيا في البحر المتوسط؛ ما علاقة أرمينيا أصلًا بالبحر المتوسط، أليس من الغريب
بجدارة أن يتنافس وزيرا خارجية مصر وأرمينيا في مثل هذا النوع من التصريحات؟
لقد قلت في لقائي مع الموقع، إنني
أنصح الجامعة العربية بشدة أن تتوقف عن اللعب ببطاقة العروبة التي تستخدمها ضد
تركيا. لا سيما أن هذه الجامعة العربية بات من الواضح كعين الشمس ما قدّمته وما لم
تقدّمه للعرب. كل يوم هناك مئات "العرب" الذين يهاجرون لاجئين إلى تركيا
أو الدول الأوروبية، هربًا من حكومات رديئة، وأنظمة ظالمة قمعية حوّلت بلادهم إلى
جحيم.
إن هؤلاء اللاجئين في الأصل حينما
يهاجرون يجلبون معهم شرعية تلك الأنظمة ووضعها المزري، كما أنهم يجلبون أيضًا حق
تلك الأنظمة بالتحدث باسم العرب، ويسلّمونه إلى البلدان التي هاجروا إليها. على
تلك الأنظمة أن ترى هذه الحقيقة.
اقرأ أيضا: أفق العلاقات التركية-المصرية
لقد هاجر ما لا يقل عن 4 ملايين سوري
إلى تركيا، حتى قبل أن تدخل تركيا إلى سوريا، لم تلجأ تلك الملايين إلى أي دولة
تتاجر تحت مظلة الجامعة العربية، بل لجأوا نحو بلدان غير عربية. ألا يكفي هذا
العار وحده يا ترى؟
بينما تتبجح الإمارات مثلًا التي لن
تعثر فيها على مليون عربي، أمام تركيا التي تتحمل مسؤوليتها إزاء نحو 15 مليون
عربي ما بين مواطنين عرب-أتراك، ومهاجرين عرب لجأوا إلى تركيا، فضلًا عن 6 ملايين
سوري لاجئ بين الحدود مع سوريا؛ فإنّ ذلك لهو الوقاحة بعينها.
على صعيد آخر، يمكن أن ألخص فحوى ما
قلته حيال العلاقات التركية-المصرية بهذا الشكل: أن ما فعلته مصر حتى الآن من أجل
الإضرار بتركيا نظرًا للاختلافات القائمة بينهما، قد أضر بمصر بشكل أكبر.
ونحن بدورنا نُظهر أفقًا يتجه لصالح مصر ومنفعتها، احترامًا منّا للشعب المصري، ولتاريخ مصر وهويتها وما تمثله من قيم. والاتفاقية التي أبرمتها مع اليونان ليست لصالحها على الإطلاق بل على العكس من ذلك. كما أنها لم تضر تركيا أبدًا بهذه الاتفاقية، لأن تركيا لم ولن تعترف بها أصلا.
لا يحتاج حكام مصر إلى ارتكاب هذه
الأعمال اللاعقلانية، لأنهم من خلال ذلك يقومون بالإضرار بتاريخ مصر وشعبها وجيشها
بشكل كبير. من الواضح أنهم لا يسيرون وفق منظور سياساتهم الخاصة، بل وفق ما يرسمه
لهم الآخرون. وحينما ترى تركيا مصر في محور ضدّ تركيا يبدو لها جليًّا أنّ هذا يضر
بمصر أكثر من أن ينفعها. وإلا فإنّ تركيا لن تحظى بأي فائدة من خلال إقامة علاقة
ما مع السيسي، وحتى من الناحية الاقتصادية فلا يوجد في مصر ذلك الاقتصاد القوي
الذي يشجّع على الاستثمار.
من الواضح جيدًّا الوضع الذي وصلت
إليه مصر في ظل نظام السيسي، الفساد والضغوطات والإدارة السيئة، وتدخل الدولة في
كل شيء، والتعسف القانوني؛ جميع ذلك لم يترك بيئة اقتصادية آمنة في مصر. حيث أن
الأولوية بالنسبة للأنظمة الانقلابية هي كيفية الحفاظ على الديكتاتور وتامين
مكاسبه الخاصة، ولذلك لا تتمكن تلك الأنظمة من منح الاقتصاد أمانًا حقيقيًّا.
وبمعنى آخر لن يخسر أحد شيئًا بسبب عدم وجود علاقات له مع مصر.
لكن على الرغم من ذلك، فإننا حينما
نتحدث عن رؤية "أفق" في العلاقات مع مصر، فإن ذلك ينبع من كون العلاقات
التاريخية والجيوسياسية بين البلدين تقتضي وجود حدّ أدنى من العلاقات. وفي ضوء ذلك
نجد الموضع المصري في المحور الموجود خطأ فادحًا، وأنه يضر بها أكثر مما يضرّ
بتركيا. ونقول أنه لا داعي لذلك. وبالمقابل لم تكن تركيا يومًا ما في موضع يتسبب
بإلحاق ضرر إلى مصر، على الرغم من وجود كلّ الاختلافات مع نظام السيسي، بل حتى هذه
الاختلافات نابعة من كون تركيا تريد الخير لمصر لا الضرر. وإن موقف المبادئ التي
تسلكه تركيا ليس قابلًا للتراجع أو التفاوض.
إلى جانب كل ذلك، فإن مصر اليوم لا
تسير وفق سياساتها الخاصة، حيث لا تتمتع باستقلال كامل بسبب تبعيتها لسياسات
الآخرين. ولذلك السبب لا تملك إرادة حرة تخولها لإقامة علاقات مع تركيا تصب في
صالح مصر بالدرجة الأولى. ولذلك السبب تجد سياسيّيها الذين يريدون أفعالًا لا
أقوالًا، لا يتحدثون ضد تركيا بما يتعلق بهم بشكل مباشر، بل بما يتعلق بسياسة
المحور الذي تسير وراءه مصر.
أخيرا، ما تقوم به تركيا في سوريا
والعراق لا يتعلق سوى بذلك المحور، وبالتالي فإنه يجرّ مصر نحو مشاكله. لا داعي
لذلك.
صحيفة: سحب "أوروتش رئيس" استجابة لميركل وتحييد لماكرون
صحيفة: ماكرون يريد استغلال لبنان بمواجهة تركيا بالمتوسط
خبير تركي: المطلوب من أنقرة الإسراع باتفاق بحري مع القاهرة