نشر موقع
المجلس الروسي للشؤون الدولية حوارا مع مؤسس ورئيس
مجلس الشؤون الدينية والأمنية في إيطاليا، إميليانو ستورنيلي، تحدث فيه عن تطورات الوضع
السياسي في
لبنان بعد انفجار مرفأ بيروت، وخطر اندلاع حرب أهلية، والعقبات أمام تطوير
البنية التحتية للبلاد.
وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "عربي21" إن
لبنان يمر عبر نفق مظلم لا تلوح له نهاية قريبة على خلفية استقالة رئيس الوزراء اللبناني
السابق حسان دياب بعد فترة وجيزة من انفجار مرفأ بيروت، والفشل في تشكيل
حكومة جديدة
بقيادة مصطفى أديب قبل نهاية المهلة التي حددتها المبادرة الفرنسية.
وردا على سؤال الموقع حول تقييمه للتطورات السياسية في لبنان
بعد انفجار مرفأ بيروت، قال ستورنيلي إن العقبة الرئيسية تتمثل في التوافق على وزير
مالية جديد، وهي خطوة أساسية لإجراء مفاوضات جديدة مع صندوق النقد الدولي بشأن المساعدات
التي من شأنها منع الانهيار الاقتصادي للبلاد.
وقد ارتفعت في الفترة الأخيرة نسبة التضخم وانخفضت قيمة العملة
وكمية النقد المتداول بشكل حاد، ولم تعد البنوك تتيح للمواطنين الوصول إلى مدخراتهم.
ومن أجل تقديم الدعم المالي، تطالب الدول المانحة بإجراءات
لضمان الشفافية والمساءلة، خاصة في القطاع المصرفي، لكن لا شيء يضمن أن تغير الحكومة
المقبلة مسارها لتلبية توقعات المانحين وفق الخبير الإيطالي.
هل تندلع حرب أهلية؟
وفي رده على سؤال يتعلق باحتمال اندلاع حرب أهلية جديدة في
لبنان، يقول ستورنيلي إن من بين الآثار الجانبية للاحتجاجات المناهضة للنخبة الحاكمة،
والتي اندلعت في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، تجدد الانقسام في المجتمع اللبناني على
غرار ما شهدته البلاد خلال الحرب الأهلية.
وفي أعقاب انفجار مرفأ بيروت واستقالة حكومة حسان دياب، اندلعت
اشتباكات في بعض المناطق في بيروت، وحاولت الأطراف المتنافسة إظهار قوتها، ونظمت مسيرات
شبه عسكرية لإظهار استعدادها لخوض أي نزاع مسلح.
لكن ستورنيلي يعتقد رغم كل هذه المؤشرات أن احتمال العودة
إلى الحرب الأهلية غير وارد حتى الآن، لا سيما في ظل رفض معظم اللبنانيين مثل هذا السيناريو
ورغبتهم في مواصلة حياتهم الطبيعية.
أما في ما يتعلق بمدى تأثير نظام المحاصصة الطائفية على قدرة
لبنان على الخروج من الأزمة الراهنة، يوضح ستورنيلي أن أحد المطالب الرئيسية للشارع
اللبناني هو تغيير النظام السياسي الحالي الذي يقوم على الانتماء الديني، واستبداله
بدولة مدنية ديمقراطية على الطراز الأوروبي، تقوم على مفهوم المواطنة وسيادة القانون.
ومع ذلك، لا يمكن إيعاز كل المشاكل والإخفاقات التي يمر بها
لبنان إلى نظام المحاصصة الطائفية حسب رأيه، أو إلى التجاذبات الإقليمية، إذ أن مثل
تلك العوامل لا يمكنها أن تعيق وفق الخبير الإيطالي إيصال الكهرباء وغيرها من الخدمات
الضرورية، ناهيك عن مشكلة مرفأ بيروت.
آفاق التحركات الشعبية
وفي تعليقه على آفاق الثورة التي أطلقها الشارع اللبناني،
يرى ستورنيلي أن التحركات الشعبية بقيت بعيدة عن التأثير في العملية السياسية رغم التأييد
الجماهيري الكبير، وسيبقى الأمر كذلك لا سيما بعد فشل موجة الاحتجاجات والضغط من المثقفين
والأكاديميين والصحفيين والمهنيين في تحقيق أي إصلاح أو حتى الدفع باتجاه تنفيذ الإجراءات
اللازمة للحصول على المساعدات الخارجية.
ويؤكد ستورنيلي أنه ليس بإمكان أي حكومة قادمة، سواء كانت
حكومة أغلبية أو حكومة وحدة وطنية، أن تلبي طموحات الشارع وتُحدث التغيير الجذري الذي
تطالب به الثورة.
وحتى فكرة تأسيس حزب سياسي جديد يجسد روح الثورة ويطرح رؤية
متكاملة لمستقبل لبنان، لن تشكّل حلا قريبا للأزمة اللبنانية من وجهة نظره، إذ لن يتمكن
مثل هذا الحزب من الانضمام إلى العملية السياسية في المستقبل القريب، على اعتبار أن
الانتخابات البرلمانية القادمة ستُجرى سنة 2022.
ويضيف ستورنيلي أن اللبنانيين يعيشون حالة من الخوف واليأس
بسبب أحداث المرفأ وتزايد حالات الإصابة بفيروس كورونا، ويبدو أنهم مستعدون لقبول أي
حكومة شريطة أن تتمكن من إعادة البلاد إلى الوضع الاقتصادي الطبيعي، رغم أن ذلك يبدو صعبا للغاية.
أما بشأن دور حزب الله في الوضع الذي وصلت إليه البلاد، يقول
ستورنيلي إن الحزب واجه تحديات كبيرة لا سيما بعد فوزه بالأغلبية البرلمانية، وتعرضه
للانتقادات من قطاعات واسعة من الشعب، وحتى من مؤيديه.
ويلقي الكثيرون باللوم على حزب الله في ما يتعلق بتأخر تشكيل
الحكومة الجديدة، ويعتقدون أن الانفجارات التي وقعت في مرفأ بيروت مرتبطة بجناحه العسكري.
ويرى ستورنيلي أن تمسك حزب الله بخياراته في مواجهة إسرائيل
في ظل موجة تطبيع العلاقات بين الدول العربية وتل أبيب، من شأنه أن يخلق بيئة أمنية
وجيوسياسية تُلحق بلبنان المزيد من الأضرار بشكل مباشر وغير مباشر.