قضايا وآراء

عشنا وشفنا.. عرب يقتحمون الأقصى بحراسة الاحتلال!!

1300x600
ما الفرق بين وفد عربي يأتي بحماية وحراسة شرطة الاحتلال الصهيوني ليزور المسجد الأقصى، وبين قطعان المستوطنين واليهود المتطرفين الذي يقتحمونه تحت حماية ذات القوات ليمارسوا طقوسهم التلمودية هناك؟

ربما تكون جريمة أولئك العرب أكبر؛ فاقتحام المتطرفين اليهود وتحت حراب الاحتلال لا يلمّع صورة الاحتلال الصهيوني أمام العالم، ولا يعطيه شرعية السيادة على الحرم القدسي، بينما زيارة أولئك العرب تلمع صورة الاحتلال الصهيوني أمام العالم، وتظهره بأنه الكافل لوصول جميع المسلمين إلى المسجد الأقصى وأن إدارته توفر الحماية للأماكن الدينية وتمارس الحرية الدينية!

الخميس الماضي دخل وفد عربي تطبيعي إلى الأقصى بحماية الشرطة والمخابرات الإسرائيلية، وذلك بالرغم من إغلاق سلطات الاحتلال الإسرائيلي للمسجد أمام المقدسيين.

الأخطر من ذلك، فإن الوفد التطبيعي دخل الأقصى دون إعلام دائرة الأوقاف هناك، وهو تجاوز لصلاحيات الأوقاف الأردنية صاحبة الوصاية على المقدسات في القدس، وبمثابة سحب اعتراف هذه الدول العربية التي أرسلت هؤلاء الأشخاص بالوصاية الأردنية، واعتراف بسيادة الاحتلال على المقدسات، وفق رأي الناشط المقدسي وعضو "لجنة الدفاع عن سلوان" فخري أبو دياب.

هذه الوفود (يبدو أن هذا الوفد بمثابة "وفد استطلاعي") هي بمثابة تطبيق أمين لصفقة القرن، التي تتحدث بإعجاب عن إدارة الاحتلال الصهيوني للحرم القدسي الشريف، في إمعان سافر بتزوير الحقائق على الأرض، حيث جاء في نص الصفقة: "كانت دولة إسرائيل حارسا جيدا للقدس. أثناء إدارة إسرائيل، أبقت القدس مفتوحة وآمنة"، وهذا كذب وافتراء على الحقائق.

وإمعانا في كيل المديح للمحتل الصهيوني تقول الصفقة وبكل فجاجة: "على عكس العديد من القوى السابقة التي حكمت القدس، ودمرت الأماكن المقدسة للأديان الأخرى، فإن دولة إسرائيل جديرة بالثناء لقيامها بحماية المواقع الدينية للجميع والحفاظ على الوضع الديني القائم"!! وتؤكد هذه الصفقة أنه "بالنظر إلى هذا السجل (الاحتلال الصهيوني) الجدير بالثناء لأكثر من نصف قرن.. نعتقد أن هذه الممارسة يجب أن تبقى، وأن جميع الأماكن المقدسة في القدس يجب أن تخضع لنفس أنظمة الحكم الموجودة اليوم (التي يضعها الاحتلال الصهيوني). على وجه الخصوص، يجب أن يستمر الوضع الراهن في جبل الهيكل/ الحرم الشريف دون انقطاع"!!!

للأسف، فإن هذه الوفود تأتي تطبيقا أمينا لهذه الصفقة التي رفضتها كل الشعوب العربية والإسلامية التي استطاعت أن تعبر عن رأيها بحرية، وهي الصفقة التي تدفن حق المسلمين في قبلتهم الأولى وثالث الحرمين الشريفين، وتسلمه على طبق من ذهب للمحتل الصهيوني.

كما تأتي للأسف تطبيقا للفتاوى المستعجلة، دينية وسياسية، التي كانت تحث المسلمين على زيارة المسجد الأقصى من خلال سفارات المحتل الصهيوني.

إن التمادي في هذه السذاجة بل والحماقة، يعني مزيدا من الوفود العربية التي ستقتحم الأقصى بالتنسيق والتعاون مع قوات الاحتلال الصهيوني ومخابراته، ويعني اعترافا ضمنيا بسيادة الاحتلال الصهيوني على المسجد الأقصى، وأنه صاحب الحق في تحديد من يدخل إلى المسجد الأقصى ومن يبعد عنه، خصوصا وأن الجميع يعلمون مقدار التضييق الذي تفرضه سلطات الاحتلال على المقدسيين وعلى الفلسطينيين في ما يتعلق بالصلاة في المسجد الأقصى.

الوضع الجديد يرتب مسؤولية كبرى على الأردن صاحب الوصاية على المقدسات، وعلى دبلوماسيته التحرك بسرعة تجاه تلك الدول العربية، وشرح مدى الخطر من جراء تلك التصرفات على مصير الحرم القدسي، وإذا لم تجد استجابة فحينئذ يجب عليها أن تضع النقاط على الحروف، وأن تصارح الشعوب العربية والإسلامية وفي مقدمتها الشعبان الأردني والفلسطيني بالموقف الخطير الذي يتهدد السيادة على المقدسات، ليس من باب رفع المسؤولية، بل من باب التشاركية في الوقوف أمام الخطر الذي يحاك ضد المقدسات الإسلامية في القدس في ظل صفقة القرن.