يعاني بائعو حلوى احتفالات "المولد النبوي الشريف" في مصر من شح الزبائن والفعاليات، بسبب تداعيات جائحة "كورونا".
وبحسب استطلاع مراسل "عربي21"، فقد انخفضت المبيعات ما بين 25 بالمئة و50 بالمئة في بعض الأماكن؛ بسبب تراجع حركة البيع والشراء، والتي تعود بالمقام الأول إلى انخفاض السيولة لدى الأسر المصرية.
يحتفل العالم الإسلامي بذكرى مولد النبي محمد عليه السلام في الثاني عشر من ربيع الأول من كل عام، والذي يوافق 29 من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.
ولكن الاحتفال بهذه المناسبة الكبرى لها طقوس وعادات خاصة في مصر تعود لقرون خلت، حيث تمتد قرابة الشهر من خلال إقامة شوادر حلوى المولد، وهي حلوى تقليدية لا تدخل فيها مكونات الحلوى الحديثة مثل الشوكولاتة والبسكويت والكراميل.
وتعتمد تلك الحلوى بشكل أساسي على مكونات رخيصة الثمن نسبيا؛ مثل السكر وعسل الجلوكوز والنشا والدقيق والسوداني والسمسم والحمص لتصبح في متناول الجميع.
أسعار حلوى المولد
ويتراوح سعر علبة الحلوى بسعة كيلو غرام واحد 40 جنيها وحتى 250 لسعة عدة كيلوغرامات، كما ترتفع من 350 إلى 750 في بعض أنواع الحلوى التي تحتوي على بعض أنواع المكسرات وتزن نحو 5 كيلوغرامات.
ولكن بمرور الوقت سارعت بعض مصانع وشركات الحلوى في تقديم أنواع غالية الثمن للطبقات المقتدرة والغنية، حتى وصل سعر العلبة لبعض الأنواع إلى ألفي جنيه (130 دولارا) بعد تغيير مكوناتها البسيطة بأخرى فاخرة.
وفي جولة قام بها مراسل عربي21 في أحد الأسواق الشعبية، كان الإقبال ضعيفا رغم مرور أكثر من أسبوعين على إقامة شوادر بيع الحلوى، وكان المعروض أكثر من المطلوب.
هذا التراجع وكساد الأسواق، يأتي ضمن سلسلة من التراجعات التي بدأت منذ 2016 في أعقاب تعويم الجنيه المصري، وارتفاع أسعار مكونات الحلوى أكثر من 300 بالمئة.
لم يختلف الحال كثيرا في محلات بيع حلوى المولد الفاخرة، رغم تحفظها على زيادة المعروض منها إلا أن الإقبال تفاوت بين الضعيف والمقبول، ولكن يلاحظ لجوء المصنعين إلى تقليل أحجام وأوزان الحلوى بهدف إتاحة عملية الشراء.
بقيت المناسبة وركدت الأسواق
واشتكى تاجر حلوى المولد، الحاج محمدي سيد، في أحد أحياء مدينة الجيزة من حالة الركود في الأسواق، والتي وصفها "بالطبيعية"، قائلا: "لم أتوقع تحسن السوق هذا العام عن العام الماضي فالأسباب لم تتغير بل زادت سوءا".
وتابع في حديث لـ"عربي21": "أثرت أزمة كورونا على أوضاع الناس الاقتصادية، وأصبح الشراء صعبا، والنفقات زادت مع دخول موسم المدارس والدروس الخصوصية ومصروفات الدراسة والملابس الشتوية، من أين ستأتي الأسر بالمال لكل هذا؟".
واستدرك بالقول: "رغم ذلك فإن الناس تشتري ولن تكف عن الشراء، فهذا موسم ذكرى ميلاد الحبيب النبي، والناس لن تكف عن الفرح بقدومه وشراء الحلوى والتزاور لأنها عادة لن تقطعها أي أسباب، والكل يشتري على قدر حالته".
بدوره، توقع عضو غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، ورئيس شعبة الحلوى سابقا، محمد رأفت، "تراجع حجم الطلب على شراء حلوى المولد بما لا يقل عن 20 بالمئة حتى الآن مقارنة بموسم العام الماضي؛ نتيجة جائحة فيروس كورونا".
وأضاف لـ"عربي21": "الأسعار مستقرة؛ بسبب عدم زيادة أسعار السكر، المكون الرئيسي للحلويات التقليدية، ولكن حجم الاقبال لن يكون جيدا، إلى جانب أزمة فيروس كورونا في مصر والعالم، هناك أوضاع اقتصادية صعبة نتيجة تداعيات الإغلاق الذي فرضته الإجراءات الاحترازية".
بحسب رئيس شعبة الحلوى سابقا، فإن "الكثير من الأسر المصرية ستعتمد على استراتيجية تقليل الكميات لأسباب صحية ومالية، كبار السن يخشون من زيادة السكر وبالتالي التعرض لمشاكل صحية، وتحاول الكثير من الأسر تقليل الكميات ولا أن تقطع عادة الشراء".
مولد بلا حلوى
هناك فئات لن تشتري حلوى المولد هذا العام وربما لن تتذوقها إلا إذا أهداهم بعض الأهل القليل منها.. وبسؤال مراسل عربي21 لسيدة تدعى أم محمد بالقرب من أحد شوادر الحلوى عن خططها للشراء هذا الموسم، أكدت: "لن نشتري، فلا يوجد لدينا المال".
وأشارت إلى أنها تتدبر شؤون أسرتها بالكاد، قائلة: "زوجي لا يعمل، وأبنائي في الدراسة، وأعمل في حضانة، وأتقاضى أجرا زهيدا، فمن أين لنا شراء الحلوى، إلا إذا جاءتنا كهدية أو نتناولها عند بعض الأصدقاء أو الجيران أو الأهل، الجيوب فارغة، والنفقات كثيرة".
مسؤول مصري: ترامب كان سيتعافى أسرع لو قمنا بعلاجه (شاهد)
إصابة العشرات بالاختناق جراء تسرب غاز الكلور جنوب مصر