أقام مجلس الشيوخ الأمريكي جلسة استماع استثنائية، الخميس، لمناقشة المخاوف بشأن "الحصانة الواسعة" التي تتمتع بها مواقع التواصل الاجتماعي، بحضور الرؤساء التنفذيين لعمالقة التكنولوجيا.
وبحسب تقرير نشرته "بي بي سي"، استمرت جلسة الاستماع في مجلس الشيوخ لأكثر من ثلاث ساعات ونصف، وشارك فيها كل من مارك زوكربيرغ (فيسبوك) وجاك دورثي (تويتر) وساندار بيشاي (غوغل)، عبر تقنية الفيديو كونفرانس.
وفي الوقت الراهن، تحظى الشركات الكبرى حصانة أمام القضاء الأمريكي، مثل فيسبوك وتويتر وغوغل، بسبب ما ينشره المستخدمون، أو ما تقرر حذفه.
وقال السيناتور الجمهوري روجر ويكر: "لا نستطيع الاتصال بمارك زوكربيرغ"، لكنه انضم إلى الجلسة بعد دقائق.
وحذر سياسيون من أن هذه "الحصانة الواسعة" تشجع على السلوك السيء، وطالب الرؤساء التنفيذيون لمواقع التواصل البارزة بقانون يسمح لهم بتغيير المحتوى.
الجدل بشأن المادة 230
يبدي أعضاء الكونغرس قلقهم من موضوع الرقابة وانتشار المعلومات المضللة، ويقول بعض المتابعين لقطاع التكنولوجيا إن التشريع المعروف بالمادة 230 بحاجة إلى تعديل.
ويشار إلى أن المادة 230 تمنح الحماية القانونية الرئيسية التي تمنع مقاضاة شبكات التواصل الاجتماعي.
وتعتبر المادة أن مواقع التواصل غير مسؤولة بشكل عام عن ما ينشره المستخدمون ويتسبب بالإساءة أو بخرق القوانين، وتصنّف هذه المواقع كوسطاء، مثل بائعي الصحف، غير مسؤولين عن المحتوى.
وينظر إلى المادة على أنها وجدت أساساً لحماية مزودي الإنترنت. لكنّها أصبحت الدرع الواقي لمنصّات، مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب، ويقول السياسيون إن المادة 230 أصبحت قديمة، فيما يعترض الديمقراطيون على انتشار الأكاذيب عبر الإنترنت دون تبعات لذلك.
ويقول الجمهوريون إن شركات التكنولوجيا الكبيرة تستخدم سلطاتها لفرض رقابة على الأشخاص الذين لا تتفق معهم، فتتخذ سياسة تحريرية بدلاً من البقاء على الحياد.
ويتفق الطرفان على ضرورة وضع نوع من المسؤولية على شبكات التواصل الاجتماعي.
اقرأأيضا : الحكومة الأمريكية تقاضي غوغل بتهمة الاحتكار.. وتفكيكها وارد
وردّ جاك دورثي، الرئيس التنفيذي لتويتر، على أعضاء اللجنة قائلاً إن المادة 230 هي "أهمّ تشريع قانوني لحماية الكلام على شبكة الإنترنت" وإن شطبها سيلغي ذلك.
لكنّ دورثي وجد نفسه في مواجهة أسئلة محددّة حول سياسات تويتر التنفيذية بشأن ما حذف بعض المواد.
وسأل دورثي عن سبب قيام تويتر بوضع تحذير على تغريدة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول أمن بطاقات الاقتراع بالبريد، وترك تغريدات لآية الله علي خامنئي، تهدد بالعنف ضد "إسرائيل" دون تحذير، فأجاب قائلا إن تغريدات المرشد الإيراني بمثابة نوع من "استعراض القوة"، لم تنتهك شروط الاستخدام.
وحول المادة 230، قال مؤسس فيسبوك إنها شجّعت على حرية التعبير وساعدت في "صنع الانترنت الذي نعرفه".
لكنّ زوكربيرغ أضاف قائلاً "الانترنت تطوّر أيضاً"، و"أعتقد أن على الكونغرس تحديث القانون للتأكد من أنه يعمل على النحو المنشود".
تحذير بشأن تسريبات
كشف زوكربيرغ خلال الجلسة عن "اجتماع خاص" مع جهاز مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي أي)، حذّر خلاله الشركات بشأن نشر معلومات مسرّبة.
وقال إن فيسبوك تلقى تحذيرا من احتمال وقوع "عملية قرصنة وتسريب في الأيام أو الأسابيع التي تسبق الانتخابات (الرئاسية)". وافترض أن الشركات الأخرى تلقت تحذيراً مماثلاً.
وأضاف أن مكتب التحقيقات الفيدرالي "اقترح أن نكون في حالة تأهب وحساسية قصوى، وأنه في حال ظهور مجموعة من الوثائق ، يجب أن ننظر إلى ذلك بعين الشك، إذ قد يكون الأمر جزءًا من محاولة تلاعب أجنبية".
ودافع الرئيس التنفيذي لغوغل، ساندارا بيشاي، بحدّ عن التشريع، قائلاً "قدرتنا على توفير الوصول إلى مجموعة واسعة من المعلومات، ممكنة فقط بسبب الأطر القانونية القائمة مثل المادة 230".
وأضاف أن الولايات المتحدة أقرّت المادة في وقت مبكر من تاريخ الإنترنت وأنها "كانت عاملاً أساسياً في ريادتنا لهذا القطاع".
"خدعة سياسية"
ودعا كل من الرئيس ترامب ومنافسه جو بايدن إلى إلغاء المادة 230، وإن اختلفت الأسباب.
لكن بعض الديمقراطيين انتقدوا في خلال كلمتهم الجلسة بأكملها، واعتبروا توقيت عقدها القريب جداً من موعد الانتخابات، بمثابة "خدعة سياسية".
وأخبر السيناتور ريشارد بلومنثال اللجنة أنه كان "مدافعا عن إصلاح المادة 230 خلال 15 عاما"، بالإشارة إلى ولايته كمدع عام، معبرا عن قلقه واستغرابه من توقيت الجلسة.
وتخضع الشبكات الأمريكية الثلاث، مع مجموعتي "أمازون" و"آبل" لتحقيقات مختلفة على المستوى الفيدرالي للولايات الأمريكية التي تأخذ عليها خصوصا عدم الإشراف بالشكل اللازم على المضامين الإشكالية (بما يشمل الدعايات السياسية الكاذبة والتحريض على الكراهية والانتهاكات الجنسية بحق الأطفال)، وأيضا باعتماد ممارسات مخالفة لقوانين مكافحة الاحتكار.
وقال السيناتور الجمهوري روجر ويكر: "ندرس الطريقة التي تحمي وتضمن فيها (هذه الشبكات) أمن بيانات ملايين الأمريكيين، وكيف تكافح التضليل الإعلامي وعمليات الاحتيال الأخرى، ونتساءل عن ما إذا كانت تصون سلامة الأطفال والمراهقين عبر الإنترنت".
كذلك ترغب اللجنة في فهم "الطريقة التي تسحب فيها (المنصات) المضامين التي تشجع على التطرف والعنف" والتعمق في الخوارزميات السرية التي تستخدمها ومن شأنها التلاعب بالمستخدمين ودفعهم إلى استخدامات سلبية للإنترنت خصوصا لدى الفئات الشابة.
وفي نهاية تموز/ يوليو الماضي، خضع رؤساء مجموعات الإنترنت الأربع الكبرى المعروفة بـ"غافا" (غوغل وآبل وفيسبوك وأمازون) لاستجواب تخلله الكثير من الانتقادات على مدى ساعات أمام لجنة تابعة لمجلس النواب الأمريكي.
اقرأ أيضا: ترامب يتهم شركات التكنولوجيا بالتستر على فساد بايدن