كشفت وسائل إعلام عن فحوى الاتصال الأخير الذي أجراه المهاجم المفترض لكنيسة في مدينة نيس الفرنسية.
واتصل إبراهيم العويساوي بعائلته، فجر الخميس الماضي، عبر الفيديو وأخبر عائلته أنه وصل للتو إلى نيس ووجد مكانا في أسفل مدرجات مبنى مقابل للكنيسة سيخلد فيه للنوم ويرتاح قليلا.
وبعدها بساعات قليلة، قالت الشرطة الفرنسية إن الشاب التونسي دخل إلى الكنيسة، وقتل شخصين، وقطع رأس امرأة. وهو يردد "الله أكبر".
وقال شقيق إبراهيم، ياسين العويساوي: "أخبرنا أنه وصل للتو ولم يعرف أحدا هناك... قال إنه سيغادر المبنى في الصباح، ويبحث عن تونسي للتحدث معه ليرى ما إذا كان يمكنه البقاء معهم أو العثور على وظيفة"، بحسب وكالة رويترز.
وأضاف شقيقه ياسين، في تصريح آخر لوكالة فرانس برس، قائلا: "هذا غير عادي"، مبديا استغرابه من سرعة وصول إبراهيم (21 عاما) وقيامه بالهجوم.
وتتواصل التحقيقات الفرنسية حول الهجوم، قدم جان فرانسوا ريكار المدعي العام لمكافحة الإرهاب بعض المعلومات عن المشتبه به الذي أصيب بجروح خطيرة على يد الشرطة ونقل إلى المستشفى، وهو "تونسي يبلغ من العمر 21 عاما وصل إلى فرنسا في تشرين الأول/ أكتوبر بعدما نزل في جزيرة لامبيدوسا الإيطالية في 20 أيلول/ سبتمبر".
وأضاف المدعي العام، أن المهاجم بعد وصوله إلى نيس قرابة فجر يوم الخميس، أمضى حوالي ساعة ونصف الساعة في محطة القطار، ثم ارتدى حذاء جديدا ووقع الهجوم بعد ذلك.
وشرع القضاء التونسي بالتحقيق مع أفراد عائلة العويساوي، حيث قال نائب وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس محسن الدالي في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية الجمعة إن المشتبه به "ليس مصنفا إرهابيا لدى السلطات التونسية وغادر البلاد بطريقة غير قانونية في 14 أيلول/ سبتمبر الفائت ولديه سوابق قضائية في أعمال عنف ومخدرات".
من هو المشتبه به
العويساوي شاب في الـ21 من عمره، من محافظة القيروان (وسط البلاد)، ويقطن في حي طينة بمدينة صفاقس، برفقة أفراد عائلته وفيرة العدد ومحدودة الدخل.
انقطع العويساوي عن دراسته مبكرا، وانتقل إلى العمل بمعاصر الزيتون في "صفاقس" جنوبي تونس، بعد أن يئس من عمله ميكانيكيا، ليشتغل في بيع الوقود العشوائي، قبل أن يهاجر بطريقة غير نظامية إلى أوروبا.
هكذا عاش الشاب التونسي إبراهيم العويساوي، المشتبه به في تنفيذ عملية نيس الإرهابية بفرنسا، التي أسفرت عن مقتل 3 أشخاص وإصابة آخرين.
بقي إبراهيم كغيره من الشباب التونسي العاطل عن العمل، إلى أن راودته فكرة الهجرة غير النظامية واستوطنت ذهنه، فأعد العدة، ووجد من يعبر به البحر إلى حلمه.
وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، عبر الشاب الحدود البحرية خلسة نحو جزيرة "لامبيدوزا" الإيطالية، ومن ثم إلى الأراضي الفرنسية، طمعا في لقمة عيش استحالت في تونس كما خُيّل إليه.
تحت الصدمة
عائلة العويساوي، أبدت استغرابها مما نسب إلى ابنهم، وخيمت حالة من الصدمة على كافة أفرادها، بسبب "عدم انتماء إبراهيم إلى أي تنظيم إرهابي" قبل هجرته، بحسب تعبيرهم، حسب وكالة أنباء الأناضول التركية.
وقالت والدة إبراهيم قمرة العويساوي إن "إبراهيم اتصل بي في حدود الساعة الثامنة مساء، فور وصوله إلى فرنسا، ليلة قبل الحادثة".
وأضافت الأم، في حالة من الهلع والذهول، أنها "استغربت ذهاب إبراهيم إلى مدينة نيس، رغم أنه لا يتقن اللغة الفرنسية".
وتابع ياسين بأن العائلة فوجئت صباح اليوم التالي، بأن "الكنيسة نفسها التي قضى أمامها إبراهيم ليلته، شهدت تنفيذ عملية الطعن".
وأشارت العائلة، إلى أن إبراهيم لم تكن تظهر عليه أي علامات تدل على اعتزامه تنفيذ عملية طعن، وأنهم في حالة صدمة من الاتهامات الموجهة إليه.
وقالت عفاف شقيقة إبراهيم إن شقيقها قصد كنيسة نوتردام في نيس بحثاً عن مكان ينام فيه وإنه أخبرها بأنه يعتزم أخذ قسط من الراحة في مبنى يقع مقابل الكنيسة. وقالت عفاف إنه لم يظهر أي دلائل تشير إلى أنه يخطط لأي هجوم، حسب صحيفة "الغادريان" البريطانية.
"عمل إرهابي"
وأضافت عائلة العويساوي أن ابنها انقطع مبكرا عن دراسته، وأنه كان يعاني البطالة كغيره، وسوء الأحوال المعيشية، ما دفعه إلى التنقل بين عدد من الأعمال.
وأوضحت أنه عمل ميكانيكيا في مدينة صفاقس، ثم انتقل إلى العمل بمعاصر الزيتون، وأنه عمل أيضا، في بيع الوقود العشوائي بالمدينة.
وتحدث ياسين بصدمة عن طموحات شقيقه، قائلا: "لقد كان يقول: أريد أن أعمل وأن أتزوج وأن أشتري منزلا وسيارة مثل أي شخص آخر".
ولا يريد ياسين إبراهيم تصديق أن أخاه هو من نفذ تلك العملية البشعة تماما مثل بقية العائلة التي تقول إنه قد يكون متفرجا عاديا في ذلك المكان، وكان محاصرا في جريمة شهدها، ولم يكن طرفا فيها.
أما السلطات التونسية فقالت إن سلوك العويساوي العنيف أحياناً وتعاطيه للمخدرات لفتا انتباه الشرطة المحلية إليه.
وهو ما أكدته قمرة العويساوي والدة إبراهيم حسب صحيفة "الغارديان" البريطانية، وقالت إن ابنها كان يشرب الكحول ويتعاطى المخدرات، وإنها قالت له: "ليس لدينا ما يكفي وأنت تقوم بتبديد المال". وقالت إنه رد عليها: "إن شاء الله سيهديني ربي إلى الطريق الصحيح، هذا شأني".
وتضيف الصحيفة أن أقارب العويساوي لاحظوا تغييراً في سلوكه خلال العامين الماضيين، فقد بدأ يصلي بانتظام ويمكث في البيت بعد أن تخلى عن صحبة أصدقائه السابقين. وينقل عن شقيقه الأكبر ياسين قوله إن إبراهيم لم يظهر أبداً أي تطرف، حيث كان يحترم الجميع ويقبل اختلافاتهم حتى منذ أن كان طفلاً.
اقرأ أيضا: فرنسا توقف رجلا مشتبه بصلته بمنفذ حادثة نيس
توقيف مدرّس بلجيكي عرض على تلاميذه صورة ساخرة للنبي ﷺ
66 عاما على الثورة الجزائرية.. هل تحقق حلم الشهداء؟
لماذا يهاجم إعلام السيسي حملة مقاطعة البضائع الفرنسية؟