تتصاعد حملة
منصات التواصل الاجتماعي في محاربة المحتوى الفلسطيني، وفق ما وثقته مراكز مختصة
تتابع التحديات التي تواجه المحتوى الفلسطيني في الفضاء الإلكتروني.
وتعتبر منصة
"تويتر" العالمية من أبرز المنصات التي شرعت بالتضييق على حسابات الفلسطينيين
وإغلاقها تحت ذرائع غير مقنعة، وفق ما ذكره مركز "صدى سوشال".
ويقول مسؤول
الرصد والتوثيق في المركز، مصعب قفيشة لـ"عربي21": "قبل عدة أشهر كنا
نوثق عددا محدودا من إغلاق الصفحات الفلسطينية، ولكن حاليا هناك مئات الحالات من
ذلك، ووصلت ذروتها في شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي".
ويوضح بأن
المركز وثق خلال شهر الماضي "تناميا كبيرا في انتهاكات إدارات مواقع التواصل
الاجتماعي بحق المحتوى والرواية الفلسطينية"، وبلغت نسبة الانتهاكات التي رصدها
المركز 104 حالات، كان جلها على منصة "تويتر" التي استجابت لضغوط
إسرائيلية.
ووفقا لقفيشة، فإن
وزيرة الشؤون الاستراتيجية بحكومة الاحتلال الإسرائيلي أوريت كوهين، ضغطت على "تويتر" من أجل حذف 250 حسابا فلسطينيا.
وعلق بالقول:
"إدارة تويتر تساهم في طمس الرواية الفلسطينية وسحقها، وتعتدي على حرية
التعبير".
وأشار إلى أن
موقع "فيسبوك" مستمر أيضا في حملته ضد الحسابات والصفحات الفلسطينية من
خلال "حذفها وتقييد النشر عليها"، موضحا أنه "تم استهداف العديد من
الحسابات التي أحيت ذكرى استشهاد فتحي الشقاقي"، زعيم حركة الجهاد الإسلامي السابق
الذي اغتاله الموساد الإسرائيلي عام 1995.
اقرأ أيضا: "زووم" يمنع لقاء عبر منصته تشارك فيه مناضلة فلسطينية
وكذلك استهدف
"فيسبوك" الحسابات التي عبرت عن
تضامنها مع الأسيرة المحررة أحلام التميمي، عقب منع الأردن تجديد إقامة زوجها الشهر الماضي.
وبلغ عدد الانتهاكات على منصة فيسبوك 29
انتهاكا، بينما على منصة إنستغرام 6 انتهاكات، وعلى موقع يوتيوب حالة واحدة، كما
قال قفيشة.
مجابهة الحملة
ونظم مركز
"صدى سوشال" حملة إلكترونية مناهضة لسياسة تويتر تجاه المحتوى
الفلسطيني، وأوضح قفيشة أن المركز صاغ رسالة اعتراض لتقديمها لإدارة منصة باسم
الائتلاف الرقمي للحقوق الفلسطينية.
ويعتبر قفيشة أن
سياسة إدارات منصات مواقع التواصل الاجتماعي "هي استجابة لضغوطات الاحتلال، في
محاولة للتضييق على الرواية الفلسطينية ومنع انتشارها"، لافتا إلى أن المشروع
الخاص المسمى بـ"فك شيفرة معاداة السامية"، قد يكون جزءا من الاتجاه
المتصاعد للتضييق على الفضاء الرقمي وحرية التعبير فيه".
ويوضح أن موقع
الفيسبوك يستخدم الخوارزميات والأسماء والمصطلحات والصور من أجل محاربة المحتوى
الفلسطيني، بينما يتبع موقع تويتر سياسات جديدة فيما يتعلق بالضم، وأن هناك قوائم
محددة يضعها ضمن خيارات محاربة المحتوى.
ولفت إلى أن الحملة
بدأت تتصاعد بشكل ملحوظ بداية عام 2020، مع أنها كانت متواجدة في السابق لكن بصورة
أقل حدة.
ويضيف قفيشة: "هذه
الإجراءات متعمدة ومنبعها سياسة متفق عليها، ونحن جددنا خطابنا أكثر من مرة أنه
يجب على تويتر تغيير مكانه الرسمي، لأن الإمارات أصبحت موقعا غير نزيه لإطلاق مثل
هذه المنصة".
ويبين بأن مواقع
أخرى باتت تستخدم السياسة ذاتها، مثل منصة "زوم" التي من المفترض أن
تكون تعليمية وخاصة بتبادل الآراء والمحتوى الهادف، حيث قامت قبل فترة قصيرة بمنع
ندوة بسبب مشاركة السياسية الفلسطينية ليلى خالد فيها، بينما قامت المنصة بتعيين وزيرة
الأمن الداخلي الأمريكي جانيت نابوليتانو في مجلس إدارتها.
وتعلن
نابوليتانو عداءها للفلسطينيين، وساهمت في مشروع "فك شيفرة معاداة
السامية"، ما يعني أن إدارات مواقع التواصل الاجتماعي تشارك وتتواطأ بشكل
مبالغ جدا في محاربة المحتوى الفلسطيني، كما قال قفيشة.
وإلى جانب توثيق
هذه الانتهاكات، يؤكد قفيشة أن المركز يشارك بشكل دوري في اجتماعات تعقدها إدارات
مواقع تويتر وباقي منصات التواصل وتخاطبها بشكل رسمي، كما قام باستعادة عشرات
الحسابات التي تم حذفها.
ويتابع: "جهدنا
رغم أهميته واستمراريته إلا أنه يعتبر ضئيلا دون أي تحرك ومساندة رسمية، لأن
إدارات مواقع التواصل تعتمد الخطاب الرسمي، فمهما تحدثنا تبقى الاستجابة قليلة
وغير فعالة".
انتهاك للمواثيق
من جانبه، أكد مدير مركز شمس لحقوق الإنسان عمر رحال
أن ما تمارسه إدارات مواقع التواصل بحق المحتوى الفلسطيني هو "انتهاك
للمواثيق الدولية".
ويقول رحال لـ"عربي21":
"إن هذا يعتبر انتهاكا في حرية الرأي والتعبير وفقا للإعلان العالمي لحقوق
الإنسان والإعلان الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية، وغيرها من الاتفاقيات
بما فيها الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، والتي تتحدث بشكل مباشر عن حرية
الرأي والتعبير والحق في التعبير عن ذلك بالطريقة التي يريدها الشخص؛ سواء كان
بالكتابة أو الفن أو الرسم أو أي طريقة أخرى".
اقرأ أيضا: خبير رقمي يتحدث عن تحديات المحتوى الفلسطيني بمواقع التواصل
ويرى رحال أن
إدارات مواقع التواصل الاجتماعي "لا تريد للرواية الفلسطينية أن تبقى حية
وموجودة استجابة لضغط قوى صهيونية وإسرائيلية".
ويقارن بين تباين
سياسة المواقع إزاء المحتوى المنشور عليها، حيث تسارع إلى إغلاق الصفحات التي تحتوي
على أي كلمة موجهة لليهود تحت بند "محاربة معاداة السامية"، أما الحديث
عن الحق والرواية الفلسطينية أو انتقاد ممارسات الاحتلال واعتداءاته على الشعب
الفلسطيني، فلا يعتبر وفقا لهذه المواقع "حرية رأي وتعبير، بل يندرج تحت بند معاداة
السامية والإرهاب والعنف".
ويشير رحال إلى
أن هذه الإدارات "تتماهى مع السياسة الإسرائيلية الرسمية، وهي شريكة في الجرم
عندما تقوم بحذف وإزالة المنشورات أو
إغلاق الحسابات للفلسطينيين أو الأشخاص الذين يؤيدون نضال الشعب الفلسطيني".
وقال: "نحن
أصحاب حق ورواية، ومن الأهمية بمكان أن نتمكن من التعبير عن رأينا بأريحية دون خوف
من محاربتنا حتى في المحتوى".