أثار إعلان فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن بالرئاسة الأمريكية، اهتمام العديد من اليمنيين، الذين عبروا عن أملهم بأن تسعى القيادة المقبلة للولايات المتحدة إلى لعب دور محوري لإنهاء الحرب المشتعلة في اليمن منذ ست سنوات.
ومساء السبت، أعلنت وسائل إعلام أمريكية، بينها شبكة "سي إن إن" ووكالة "أسوشييتد برس" ومحطة "فوكس نيوز"، فوز بايدن، ليصبح الرئيس الأمريكي الـ46.
غير أن الرئيس الحالي، الجمهوري دونالد ترامب، رفض نتائج الانتخابات، معتبرا إياها "انتخابات مسروقة"، وأنه سيحقق الفوز، وفق تغريدات له عبر "تويتر".
بمساعدات عسكرية وسياسية ولوجيستية، لعبت إدارة ترامب، منذ آذار/ مارس 2015، دورا حيويا في دعم التحالف العسكري العربي، بقيادة السعودية، ضد جماعة الحوثي اليمنية، المدعومة من إيرن.
هذا الدور الفاعل لإدارة ترامب في دعم التحالف جعل جماعة الحوثي تتهم بشكل متواصل واشنطن بأنها هي التي تقود عمليات التحالف العسكرية، وأن اليمن يتعرض لعدوان أُعلن من الولايات المتحدة.
ويعاني اليمن حربا مستمرة بين القوات الموالية للحكومة ومسلحي الحوثي، المسيطرين على محافظات، بينها العاصمة صنعاء (شمالا) منذ أيلول/ سبتمبر 2014.
وخلفت الحرب 112 ألف قتيل، بينهم 12 ألف مدني، وبات 80 بالمئة من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات للبقاء أحياء، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.
ومنذ سنوات، تتهم شخصيات ومكونات حكومية وحقوقية دولية فاعلة التحالف العربي بارتكاب انتهاكات جسيمة والتسبب بمقتل وإصابة آلاف المدنيين.
وحملت الأمم المتحدة التحالف مسؤولية مقتل معظم المدنيين في اليمن، جراء غارات جوية ينفذها في مناطق عديدة.
فيما يشدد التحالف على التزامه بحقوق الإنسان وحماية المدنيين في اليمن، مقرا بوقوع أخطاء، بعضها تسبب بمقتل وجرح المئات في غارات محدودة، وفق تقديره.
وعود وآمال
على نطاق واسع، يُنظر إلى بايدن في اليمن على أنه مناهض لسياسات ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، خصوصا في ما يتصل بقرار حرب اليمن، الذي صنع مآسيَ، ودفع بملايين اليمنيين إلى حافة المجاعة.
وبعد أن رشحه الحزب الديمقراطي رسميا للرئاسة، قالت حملة بايدن، ضمن برنامجه الانتخابي، إنه في حال الفوز "فسنعيد تقييم علاقتنا بالسعودية، وننهي الدعم الأمريكي لحرب المملكة في اليمن، ونتأكد من أن الولايات المتحدة لا تتنكر لقيمها من أجل بيع الأسلحة أو شراء النفط".
ومع إعلان فوزه، تصاعدت دعوات يمنية لبايدن بأن يعمل مع إدارته المقبلة لإنهاء الحرب وتحقيق السلام في اليمن، البلد العربي الأفقر، والذي فقد 80 مليار دولار خسائر اقتصادية جراء الحرب، وفق تقارير حكومية.
ودعا علي محسن صالح الأحمر، نائب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، إدارة بايدن المقبلة إلى العمل على تحقيق السلام في اليمن، ووقف "عبث إيران"، وفق برقية تهنئة بعثها.
وعبر "تويتر"، كتب عبد العزيز جباري، مستشار الرئيس هادي، نائب رئيس البرلمان: "ننظر لفوز بايدن من زاوية مصلحة اليمن فقط.. تغيير الإدارة في أمريكا فرصة جيدة يجب استغلالها من أجل تحقيق السلام في بلادنا".
ارتياح حوثي
مقابل النظرة التفاؤلية في اليمن بخصوص فوز بايدن، ثمة من يرى أن فوزه سينعكس إيجابا فقط لصالح الحوثيين، كون واشنطن ستعمل على تحجيم دور التحالف، الداعم للحكومة الشرعية، ما سيؤدي إلى استمرار نفوذ الحوثيين في البلاد.
ولا يوجد موقف رسمي واضح حتى الآن للحوثيين بشأن فوز بايدن وإمكانية تأثير ذلك على الملف اليمني، لكن ثمة تصريحات حوثية تشير إلى حالة ارتياح داخل الجماعة لفوزه.
وتحدث محمد علي الحوثي، عضو المجلس السياسي للجماعة (بمثابة الرئاسة في مناطق الحوثيين)، عبر "تويتر"، قائلا إن "ردود الفعل الكثيرة على نتائج الانتخابات الأمريكية تؤكد الضرر الذي فعلته سياسة ترامب في العالم، بغض النظر عن ماذا سيقدم خلفه بايدن، رغم إفصاحه في برنامجه الانتخابي عن بعض الخطوات".
أما عبد الملك العجري، عضو فريق المفاوضات بجماعة الحوثي، فبدا سعيدا بفوز بايدن، حيث قال في تغريدة مقتضبة: "انتهى جنون ترامب، وبقي أن ينتهي جنون العدوان على اليمن (يقصد التحالف)".
العلاقات الأمريكية السعودية
بعد 6 سنوات من الحرب، يُتوقع أن تغير القيادة الأمريكية المقبلة علاقاتها مع السعودية بخصوص الملف اليمني.
وقد يعمل بايدن بشكل فعال على دعم وتشجيع الحل السياسي للأزمة، والضغط على السعودية لللسير في هذا الجانب.
ويُعتقد أن بايدن سيقلص بشكل كبير الدعم العسكري واللوجيستي للتحالف العربي، خصوصا في ظل استمرار الضغوط الدولية لوقف الانتهاكات الحقوقية وقتل المدنيين في اليمن جراء الحرب والجوع والحصار.
وسبق أن طالب أعضاء في الكونغرس الأمريكي مرارا بوقف بيع الأسلحة إلى السعودية، محذرين من التداعيات على حياة المدنيين باليمن.
وبعد ساعات من إعلان فوز بايدن، قال عضو الكونغرس عن الحزب الديمقراطي، رو خانا، إن "الولايات المتحدة ستوقف تمويل الحرب التي تقودها السعودية في اليمن".
وتشير توقعات إلى أن الإدارة الأمريكية المقبلة ستُفعل النشاط الدبلوماسي لإنهاء حرب اليمن، أو على الأقل السير في اتجاه تقليص عدد الضحايا المدنيين، ووقف الانتهاكات الحقوقية، وتهديد التحالف بالمحاسبة للحد من قتل المدنيين، إضافة إلى تقليص مبيعات الأسلحة إلى السعودية والإمارات.
أما السعودية، فقد تعمل على مراجعة سياساتها خلال سنوات الحرب، والسير في خطط جديدة تُخرج الرياض من اليمن بأقل الخسائر، أو على الأقل صنع هدنة طويلة تمهيدا لتسوية سياسية مدعومة أمميا ودوليا.
لكن يبقى عنصر الزمن مسألة معقدة يصعب التكهن بها، حيث لا أفق حقيقيا واضحا يوحي حاليا بقرب انتهاء حرب اليمن، التي يُنظر إليها على أنها نزاع بالوكالة بين السعودية وإيران، فيما يدفع اليمنيون ضريبة هذا الصراع على النفوذ.
الأمم المتحدة تحذر من مجاعة باليمن.. "عد تنازلي لكارثة"
ليس باستطلاعات الرأي فقط.. حملة بايدن تتفوق ماليا أيضا
أوباما ينظم أول "تجمع" لدعم بايدن.. وجولات مكوكية لترامب