أصدر الاتحاد المصري لكرة القدم، بيانا باللغة الإنجليزية، تحت عنوان "إيجابية المسحة الثانية لمحمد صلاح وتأكد إصابته بكورونا"، لتوضيح الحالة الصحية للنجم المصري محمد صلاح بعد إصابته بفيروس كورونا المستجد. وتأكد غيابه عن مباراتي توغو في التصفيات المؤهلة لأمم أفريقيا 2022.
وجاء في البيان أنه "قد تم اتخاذ جميع الاحتياطات الطبية اللازمة بما يتماشى مع البروتوكول الطبي العالمي". في حين خرجت بعض الصحف المصرية معلنة أن الإصابة تمت قبل حضور اللاعب إلى مصر.
ومن المعروف أن محمد صلاح كان قد حضر حفلين بهما تزاحم قبلها، الحفل الأول كان حضوره حفل زفاف أخيه في قريته "نجريج" بمحافظة الغربية بوسط الدلتا، يوم الإثنين 9 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، حيث الزحام الشديد في قاعة مغلقة وبدون ارتداء غطاء الوجه الواقي، ومشاهد الرقص الجماعي دون مراعاة قواعد التباعد الاجتماعي. والحفل الثاني نظمه اتحاد الكرة المصري يوم الأربعاء 11 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، لتكريم اللاعب محمد صلاح نجم ليفربول البريطاني، ومنحه جائزة "The inspirer Award".
ونظرا لأن إصابة اللاعب الدولي بفيروس كورونا المستجد لها أبعاد رياضية مهمة، وقد منعته من الاشتراك في البطولة الأفريقية، ولكن الأهم هنا هو دلالات ما حدث على صحة وسلامة المواطن المصري بصورة عامة، وهذا يعني ببساطة ضرورة معرفة البؤرة الوبائية أو مصدر العدوى، ومن ثم اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة.
بفرض صحة رواية الصحف المصرية وأن العدوى أصابت اللاعب قبل الوصول إلى مصر، فهذا يعني فشل الإجراءات الصحية الاحترازية في المطارات والموانئ المصرية. ويعني فرضية دخول سائحين مصابين بالمخالفة للقرارات الحكومية والتي تم الإعلان عن تطبيقها منذ بداية شهر أيلول (سبتمبر) الماضي بعدم السماح بدخول مصر دون إبراز شهادة تحليل حديثة معتمدة صادرة خلال 72 ساعة قبل الوصول، وتفيد سلبية وجود كورونا مع إجراء الفحوصات الظاهرية عند منافذ الدخول المختلفة.
ومن ناحية أخرى فإن صور محمد صلاح وسط الزحام في قريته، ووسط الزحام في حفل اتحاد الكرة بعدها بيومين يعني أحد أمرين كلاهما خطير؛ الأول هو أن محمد صلاح كان مصابا قبل وصوله إلى مصر وهنا ترد احتمالية أنه نقل العدوى إلى جميع الأهالي والأقارب وإلى جميع من حضروا حفل اتحاد الكرة، والأمر الثاني أن صلاح قد تمت إصابته من الاختلاط مع الحضور في أحد تلك الحفلات وهذا يعني أن الفيروس منتشر بين الناس ولكن لا يتم إجراء الاختبار الخاص بكورونا بصور مناسبة في مصر.
هل كان بيان اتحاد الكرة هو الواقع الفعلي، أم أنه كان مجرد دعاية عالمية وأن نادى ليفربول سوف يسمح للاعب الدولي بأن يتم علاجه مثل أي مواطن مصري رغم المعروف عالميا عن مدى تدهور الوضع الصحي في مصر، كما ورد في تقرير صحيفة نيويورك تايمز والمنشور منذ يومين فق؟
ومن المعروف أن مستويات الاختبار لكشف كورونا منخفضة بشكل لافت للنظر في مصر، عند 953 اختبارًا فقط لكل مائة ألف شخص، وفقًا للبيانات التي تقدمها مصر إلى منظمة الصحة العالمية، مما يعني أنه من المحتمل ألا يتم اكتشاف أعداد كبيرة من الحالات. ويقول خبراء الصحة المعنيون إن هذا النهج يمنح الجمهور إحساسًا زائفًا بالأمان.
وقال الدكتور بيير نبيث من منظمة الصحة العالمية في مؤتمر صحفي في القاهرة الشهر الماضي: "يميل الناس للاعتقاد بأن الوباء قد انتهى".. "هذا وضع ينذر بالخطر لأنه في الحقيقة بدأ فصل الشتاء".
وفى المنطقة العربية فإن معدل الاختبار في مصر يتجاوز فقط أرقام البلدان التي تمر بأزمة مثل اليمن (33) وسوريا (199)، وهو بعيد جدًا عن العراق (7554) والأردن (20.540) وحتى ليبيا التي مزقتها الحرب (5421).
وقد أعلن د. محمد عوض تاج الدين مستشار الصحة الوقائية برئاسة الجمهورية أكثر من مرة بأن 80 بالمائة من الإصابات المشتبهة يتم علاجها بالعزل المنزلي دون الحاجة لإجراء اختبارات كورونا، في حين أن نسبة 5 بالمائة فقط يتم حجزها بالمستشفيات وهي التي يتم لها الاختبار للتأكد من إصابتها.
وفي سابقة طريفة من نوعها فقد خرج علينا عمدة القرية، وأعلن بأن إصابة محمد صلاح ليست من حضوره الحفل في قريته، وأنه سوف يطلب فحص أهالي القرية، وكان التصريح جيدا بالطبع، ولكنه كان من المتوقع أن يصدر من وزارة الصحة فور الإعلان عن الإصابة، وذلك هو مفهوم "التقصي الوبائي" للأمراض المعدية، وهذا يعني ضرورة قيام وزارة الصحة المصرية فورا بإجراء اختبار فحص كورونا معمليا لجميع المخالطين سواء في حفل القرية أو في حفل اتحاد كرة القدم...
فهل تعلن الوزارة عن القيام بواجبها لمعرفة مصدر الإصابة وتحديد بؤرة العدوى، أم سوف تكتفي بالتصريحات المعتادة حول أن الوضع تحت السيطرة؟
ولكن تظل إشكالية علاج اللاعب الدولي قائمة؛ حيث أنه ورد في البيان الرسمي لاتحاد الكرة والصادر باللغة الإنجليزية أن العلاج سوف يتم حسب البروتوكول الطبي العالمي، في حين أن وزير الشباب والرياضة أعلن أن علاج محمد صلاح سوف يتم حسب البروتوكول المصري، حيث أنه يهتم بصلاح مثل اهتمامه بكل الشباب...
فهل كان بيان اتحاد الكرة هو الواقع الفعلي، أم أنه كان مجرد دعاية عالمية وأن نادي ليفربول سوف يسمح للاعب الدولي بأن يتم علاجه مثل أي مواطن مصري رغم المعروف عالميا عن مدى تدهور الوضع الصحي في مصر، كما ورد في تقرير صحيفة نيويورك تايمز والمنشور منذ يومين فقط؟