على
غرار الانتخابات البرلمانية المصرية، انطلقت انتخابات الاتحادات الطلابية
بالجامعات المصرية، بفتح باب الترشح، وسط غياب للحركات الطُلابية السياسية، ما جعل الانتخابات "فارغة المضمون".
ومن المقرر فرز وإعلان النتائج يوم 20 كانون الأول/ديسمبر
الجاري على أن تنتهي في الـ24 من الشهر ذاته، بانتخاب أمناء اللجان ومساعديهم
ورئيس الاتحاد ونائبه على مستوى الجامعة.
وتتزامن الانتخابات مع قُرب انتهاء الفصل الدراسي الأول، واستعداد طُلاب
الجامعات لامتحانات منتصف العام، وسط عزوف عن الإقبال على الترشح للانتخابات، مع
استمرار القبضة الأمنية على الطلاب ومنع الحركات الطلابية من ممارسة أي نشاط
سياسي.
ومنذ الانقلاب العسكري عام 2013، لم تعقد الانتخابات الطلابية إلا عام
2015/ 2016، وحينها تم إلغاء النتائج بعد
أن فاز طلاب معارضون ومستقلون بأغلبية الاتحادات الطلابية، مقابل هزيمة ثقيلة
للقائمة التي تبنتها الأجهزة الأمنية آنذاك.
وفي آب/أغسطس 2017، اعتمد المجلس الأعلى للجامعات "اللائحة الطلابية الجديدة"،
وسط رفض قطاع واسع من الطلاب، بسبب هيمنة الأجهزة الأمنية عليها، ومحاولة خلق
اتحادات منزوعة الصلاحيات، وثني الاتحادات الطلابية عن مهامها الرئيسية.
ومنذ تشديد القبضة الأمنية، غابت الحركات الطلابية عن المشهد، فاختفت
حركات معروفة مثل: حركة طلاب الإخوان المسلمين، و6 أبريل، ومصر القوية، والتيار
الشعبي، والسلفيين، الذين شكلوا قاطرة الانتخابات في السنوات الماضية.
اقرأ أيضا: "كم ريجيني بمصر".. تقرير حقوقي يرصد ارتفاع وفيات السجون
وفي كانون الأول/ديسمبر 2017، اتهم خالد عبد الغفار، وزير
التعليم العالي "جماعة الإخوان وتيارات سياسية أخرى" بأنها وراء "عزوف الطلاب"
عن المشاركة في انتخابات اتحادات الطلاب، بحسب زعمه.
وأجريت الانتخابات للمرة الأولى منذ اعتماد اللائحة الجديدة في عام
2017/ 2018، ولم تشارك فيها الحركات الطلابية المعروفة، ونجح معظم الفائزين
بالتزكية، حيث أدت اللائحة المثيرة للجدل إلى تفريغ الاتحادات الطلابية من
مضمونها، وفقا لكثيرين.
ولعبت
الاتحادات الطلابية دورا بارزا في الحياة السياسية المصرية طوال عقود ماضية،
وشاركت في جميع الأحداث والقضايا الوطنية والعربية والإسلامية سواء من خلال
المؤتمرات والندوات أو إطلاق المسيرات الاحتجاجية والتفاعل مع القضايا بشكل يعكس
التنوع السياسي والنضج الوطني.
اتحادات الطلاب والمجال العام
من جانبه، اعتبر الأكاديمي المصري ورئيس قسم الصحافة والإعلام بجامعة القاهرة
سابقا، البروفيسور، سليمان صالح أن "الاتحادات الطلابية وفتح المجال العام
وجهان لعملة واحدة"، وقال: "لا يمكن تحقيق الديمقراطية إلا إذا اتسع المجال العام لمناقشة كل الأفكار والآراء".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد أن الجامعات المصرية شهدت تجارب توضح دور اتحادات الطلاب المهم في توسيع نطاق المجال العام وتشكيل الرأي القائد، وكانت أهم هذه التجارب في الأعوام 1975- 1981".
ورأى أنه خلال فترة حكم نظام حسني مبارك كان "تقييد للاتحادات الطلابية، لكن مع ترك هامش من الحرية يسمح ببناء صورة إيجابية للجامعات المصرية"، أما نظام السيسي، وفقا للأكاديمي المصري، "فقد قام بالتحكم بشكل كامل في الجامعات المصرية، وفرض سيطرة أجهزة الأمن عليها، ومنع أية انتخابات حقيقية في الاتحادات الطلابية، ونوادي أعضاء هيئة التدريس".
وقال: "كان لذلك تأثير سلبي علي العملية التعليمية وزيادة الإحباط بين
أعضاء هيئة التدريس والطلاب وتشويه صورة الجامعات المصرية ".
اقرأ أيضا: متحديا الانتقادات.. ماكرون يدافع عن الشراكة مع نظام السيسي
ودعا
البروفيسور صالح "الطلاب وأعضاء هيئة التدريس إلى بدء مرحلة كفاح جديدة
للدفاع عن استقلال الجامعات والحرية الأكاديمية، وحق الطلاب في انتخاب اتحاداتهم
وممارسة أنشطتهم، لأنهم قادة المستقبل ويجب أن يتعلموا القيادة في الجامعات".
وشدد على أن "انتخابات الاتحادات الطلابية هي حق للمجتمع حيث يتعلم فيها
الطلاب الديمقراطية والقيادة والمناقشة الحرة وتشكيل الرأي العام، لذلك فهي أساس
لبناء الديمقراطية".
وختم حديثه بالقول: "يجب أن يدير الطلاب انتخاباتهم بحرية دون تدخل من السلطة
أو الأجهزة الأمنية، كما أن أي تدخل من السلطة في انتخابات اتحاد الطلاب يشكل
انتهاكا لاستقلال الجامعات وللحرية الأكاديمية".
انتخابات بلا حركات طلابية
منذ اللحظات
الأولى للانقلاب، والحركات الطلابية كانت "مصدر قلق للنظام الانقلابي"، وفق نائب
رئيس اتحاد طلاب مصر سابقا، أحمد البقري، الذي أشار إلى أن "ما يحدث داخل أسوار
الجامعات مرتبط بما يصيب الشأن العام المصري".
وقال لـ"عربي21": "النظام الحالي لم يؤمم
الحركة الطلابية المصرية فقط بل صادر الحياة السياسية والحزبية وصار كل من يعبر عن
رأيه ويحلم بمستقبل أفضل مصيره السجن أو القتل".
وأكد البقري على أن "النظام العسكري
القمعي الحالي لم يسمح للحركة الطلابية أو الاتحادات بأي دور سياسي أو ثقافي أو اجتماعي، بل إنه تخطى كل الأنظمة السابقة التي قمعت الحركة الطلابية، وما يجري هو حركة مخبرين لا حركة طلابية من أجل الفوز بسكن
بالجامعة أو منصب أو حضور لقاءات ومؤتمرات هنا وهناك".
ورأى البقري أن "الوضع في الجامعات يعكس الوضع على الأرض، والسيسي يدرك
دور الطلاب في أي عملية تغيير سياسي أو حراك شعبي، وطلاب الجامعات قبل ثورة يناير
كانوا في صدارة جمع توقيعات المطالب السبعة التي أدت إلى قيام الثورة، لكن النظام الحالي عدو لكل الصناديق حتى
صناديق الاتحادات الطلابية".
مراقبون: لقاء ماكرون والسيسي يؤدي إلى مزيد من القمع
غضب من تصريحات ماكرون والسيسي في فرنسا.. ماذا قالا؟
برلمان الكويت يفقد "نعومته".. تعرف على تاريخ مشاركة المرأة