قال رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض، كمال كليتشدار أوغلو، قبل أسبوع، في كلمته أمام أعضاء البرلمان التركي: "من قال لكم إني لن أترشح لرئاسة الجمهورية؟". وجاء هذا السؤال الاستنكاري في رد كليتشدار أوغلو على سؤال نواب ينتمون إلى حزب العدالة والتنمية الحاكم حول ترشحه للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في صيف 2023.
كليتشدار أوغلو لم يترشح حتى الآن في أي انتخابات رئاسية، بل رشح حزب الشعب الجمهوري أكمل الدين إحسان أوغلو في انتخابات 2014، ومحرم إينجه في انتخابات 2018. ولذلك يتعرض لانتقادات ويتهم بأنه ليست لديه جرأة كافية لمنافسة رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، وأنه يعرف جيدا أنه لا حظ له أمام مرشح حزب العدالة والتنمية. وكان الحديث يدور في كواليس أنقرة بأن حزب الشعب الجمهوري سيرشح رئيس الجمهورية التركي السابق عبد الله غول للانتخابات الرئاسية القادمة.
هل يمكن أن يترشح كليتشدار أوغلو لرئاسة الجمهورية؟ يبحث الرأي العام التركي حاليا عن جواب هذا السؤال، وسط اعتقاد سائد بأن ترشح رئيس حزب الشعب الجمهوري لرئاسة الجمهورية شبه مستحيل، على الرغم من تصريحاته الأخيرة التي توحي بأنه ينوي الترشح في انتخابات 2023.
الانتخابات الرئاسية والبرلمانية يتم إجراؤها في ذات اليوم، وفقا للنظام الرئاسي الذي انتقلت إليه تركيا في صيف 2018. ولذلك، فالمرشح للانتخابات الرئاسية لا يمكن أن يترشح للانتخابات البرلمانية، ما يعني أنه يبقى خارج البرلمان دون حصانة في حال خسر السباق الديمقراطي أمام منافسه
الانتخابات الرئاسية والبرلمانية يتم إجراؤها في ذات اليوم، وفقا للنظام الرئاسي الذي انتقلت إليه
تركيا في صيف 2018. ولذلك، فالمرشح للانتخابات الرئاسية لا يمكن أن يترشح للانتخابات البرلمانية، ما يعني أنه يبقى خارج البرلمان دون حصانة في حال خسر السباق الديمقراطي أمام منافسه، كما أن هذه الخسارة قد تؤدي إلى سقوط المرشح من منصبه القيادي في حزبه وربما خروجه نهائيا من الساحة السياسية، وهذا أمر لا يمكن أن يتحمله كليتشدار أوغلو. ولذلك، لم يترشح في الانتخابات الرئاسية السابقة ليفضل بقاءه
على رأس حزب الشعب الجمهوري. وأما احتمال ترشحه في الانتخابات القادمة فيكاد ينعدم، مهما قال الآن حول هذا الموضوع. وبالتالي، يطرح هذا السؤال نفسه: "لماذا ألمح كليتشدار أوغلو الآن إلى احتمال ترشحه للانتخابات الرئاسية؟".
حزب الشعب الجمهوري يعاني هذه الأيام من فضائح أخلاقية مدوية، بعد أن كشفت عدد من النساء المنتميات إلى الحزب بأنهن تعرضن في صفوف حزب الشعب الجمهوري للتحرش الجنسي أو حتى الاغتصاب. وهناك تحقيقات تجري وقضايا رفعت إلى المحاكم، ما يعني أن تلك الاتهامات لم تأت من فراغ. وعلى الرغم من وصول عدد قضايا التحرش والاغتصاب إلى عشر قضايا، فإن رئيس حزب الشعب الجمهوري ما زال يلتزم الصمت، ولم ينبس ببنت شفة حتى الآن حول الفضائح المتفجرة في صفوف حزبه.
كليتشدار أوغلو، من خلال طرح احتمال ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة، يسعى إلى لفت انتباه الرأي العام التركي إلى أي موضوع آخر، كي ينسى الفضائح الأخلاقية التي تعصف بحزبه. ومن المؤكد أنه مستعد لإثارة مسائل أخرى للنقاش من أجل إشغال الرأي العام.
كليتشدار أوغلو، من خلال طرح احتمال ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة، يسعى إلى لفت انتباه الرأي العام التركي إلى أي موضوع آخر، كي ينسى الفضائح الأخلاقية التي تعصف بحزبه
النائب السابق عن حزب الشعب الجمهوري، باريش ياركاداش، هو الذي فضح أولا في حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر" وبرنامج تلفزيوني؛ أحداث التحرش والاغتصاب في صفوف الحزب، إلا أن رئيسة فرع إسطنبول لحزب الشعب الجمهوري، جانان كافتانجي أوغلو، اتهمته بممارسة الاستعراض. كما أعلنت قناة "خلق" التلفزيونية التابعة لحزب الشعب الجمهوري إنهاء البرنامج الأسبوعي الذي كان ياركاداش يحل فيه ضيفا دائما، ما يدل على أن قيادة الحزب تسعى إلى التستر على المتورطين في تلك الفضائح، بدلا من الدفاع عن حقوق النساء اللاتي تعرضن للتحرش أو الاغتصاب.
قد يسأل سائل: "ماذا لو يترشح رئيس حزب الشعب الجمهوري للانتخابات الرئاسية القادمة؟". هذا احتمال وارد، ولو كان ضئيلا للغاية. ومن المؤكد أن أردوغان، المرشح المشترك لحزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، سيكون أكثر من يفرح بهذا القرار. وتشير نتائج استطلاعات الرأي إلى أن أصوات المؤيدين للحزبين تكفي ليضمن أردوغان الفوز في الجولة الأولى أمام كليتشدار أوغلو. كما أن حزب الشعب الجمهوري يعاني من انقسام حاد، في ظل استعداد المرشح السابق للانتخابات الرئاسية، محرم إينجه،
لإعلان تأسيس حزب سياسي جديد.
السيناريو الأقرب من الواقع حتى الآن هو أن يقدِّم حزب الشعب الجمهوري مرشحا آخر غير رئيسه كليتشدار أوغلو للانتخابات الرئاسية القادمة. وقد يكون ذاك المرشح شخصا يتفق على ترشيحه تحالف الملة الانتخابي الذي يتشكل من حزب الشعب الجمهوري، والحزب الجيد، وحزب السعادة، بالإضافة إلى حزب الشعوب الديمقراطي الموالي لحزب العمال الكردستاني. إلا أن اتفاق تلك الأحزاب الأربعة لا يعني بالضرورة أن مؤيديها سيصوتون في الانتخابات لصالح المرشح المشترك.
twitter.com/ismail_yasa