أثارت فعالية لبلدية إسطنبول الكبرى التي يترأسها أكرم إمام أوغلو، جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب رفع الأذان وقراءة القرآن الكريم والأدعية باللغة التركية، على خلاف ما جرت عليه العادة في السنوات الطويلة الماضية.
وإحياء للذكرى الـ747 لوفاة العالم التركي المشهور جلال الدين الرومي، أحيت بلدية إسطنبول الكبرى، فعالية في مسرح محسن أرطغرل بالمحافظة.
لكن الفعالية أثارت غضب الأتراك، لاسيما من المحافظين الإسلاميين، بسبب رفع الأذان وقراءة القرآن والأدعية باللغة التركية، بالإضافة إلى مشاركة نساء ورجال بشكل مختلط في فقرة للدراويش.
واعتاد الأتراك في خطبهم واحتفالاتهم الدينية، على قراءة القرآن الكريم والأدعية باللغة العربية.
يشار إلى أنه في عام 1932 بدأ حظر الأذان باللغة العربية، وفي سنة 1941 تم تشريع قانون في البرلمان التركي بعهد الرئيس التركي عصمن إينونو، ورئيس وزرائه رفيق صيدام، بحظر الأذان بشكل كامل، ليستمر الحظر حتى وصول الحزب الديمقراطي برئاسة عدنان مندريس إلى السلطة عام 1950.
وقال المؤرخ التركي، مراد باردكاشي، في مقال على صحيفة "خبر ترك": "لقد اعتدنا على الإساءة للمولوية منذ فترة طويلة، لكننا لم نواجه قط مثل هذه الإساءة وهذه النزوة منذ 747 عاما (..) وكان يجب احترام التقاليد التي تعود منذ قرون مضت".
وأضاف: "لقد تم محو كافة القواعد بالفعالية التي نظمتها بلدية إسطنبول، شارك فيها نساء ورجال على ساحة المسرح معا، وعلاوة على ذلك تمت قراءة القرآن باللغة التركية!".
وتابع: "الذين يعتبرون قراءة البسملة أو قول الله أكبر ولا إله إلا الله زلا، فضلوا ترجمة هذه العبارات للغة التركية وقاموا بترجمة عبارة صدق الله العظيم بشكل خاطئ".
وقال: "إذا كان لديك الإيمان أم لا فهذا شأنك، وبإمكانك قراءة القرآن أو الأذان باللغة التي تريدها، عندما يكون خاصا بك، ولكن كان يجب احترام المولوية بتقاليدها المعروفة منذ مئات السنين".
وأشار إلى أن هناك احتمالا بأن بلدية إسطنبول قد حولت الفعالية المولوية لأغراض سياسية، من خلال حرصها والحزب الذي ينتسب إليه رئيسها للعودة إلى حقبة الثلاثينيات، والتي تم تلقين الأذان فيها باللغة التركية في جميع أنحاء البلاد، بالإضافة لتدريس القرآن بالتركية في المساجد، وتجريد لغة العبادة.
وأكد أن حزب الشعب الجمهوري الذي حاول القيام بهذا الفعل قبل 80 عاما، لا يزال غير قادر على نزع آثار الكراهية التي تسبب بها "الأذان التركي" أو القرآن التركي"، مشددا على أن رغبة بلدية الحزب المعارض في قراءة القرآن باللغة التركية سيلحق ضررا كبيرا بالحزب في الانتخابات.
من جهته قال الكاتب التركي، نوح ألبيرق، إن "حزب الشعب الجمهوري عجن برهاب الإسلام، ولا يستطيع التغير، أولئك الذين صوتوا لإمام أوغلو بعد قراءته سورة ياسين في مسجد أيوب قبل الانتخابات، هم مسؤولون عن هذا العار".
وأضاف الكاتب التركي، في مقال على صحيفة "ستار"، أن "إمام أوغلو الذي اشتهر بتقواه والتأثير على القلوب بقراءة سورة ياسين، لم يفكر بحل أي مشكلة في إسطنبول منذ عام ونصف، لكنه لم ينس إحياء كراهية الدين من جديد في الفعالية".
وتابع بأن "شغف حزب الشعب الجمهوري بـ"الأذان والقرآن التركي" لم ينته أبدا، ويسعى للظهور في كل فرصة".
وفي تعليقه على الحدث، قال رئيس فرع إسطنبول في حزب الدعوة التركي، إردال إليبيوك، في تغريدة له على حسابه في "تويتر": "لا يمكن قبول الهراء الذي قامت به بلدية إسطنبول الكبرى بذكرى وفاة مولانا (الرومي)، وبينما كان الدراويش ذكوروا وإناثا يؤدون مراسم الذكرى، تمت قراءة القرآن باللغة التركية، من المخزي فصل القيم الروحية عن معناها الحقيقي".
من جهتها قالت القيادية في حزب العدالة والتنمية، جميلة تاش ديمير، إنه "لا يمكن وصف هذا العار، حيث أقيمت فعالية نظمها إمام أوغلو، اختلط فيها النساء والرجال، وتمت الترجمة للغة التركية".
أما الأستاذة الأكاديمية في جامعة مرمرة، فقالت: "من المهم تحليل هذه العقلية (إمام أوغلو) بشكل جيد من الناحية الاجتماعية، لقد قفزت بمهارة عقود طويلة، نحو صدمات لحقت بالمجتمع، لها علاقة بحقبة الأربعينيات القمعية".
يذكر أن مطالبات حزب الشعب الجمهوري، بشأن رفع الأذان وقراءة القرآن لم تكن غائبة طوال السنوات الماضية، ففي عام 2018، طالب النائب في الحزب المعارض أوزتورك يلماز، بقراءة القرآن ورفع الأذان باللغة التركية، لكي تكون مفهومة لدى الناس، معتبرا أن قراءتها باللغة العربية يعد احتقارا للغة التركية، ما أدى لانتقاد واسع على مواقع التواصل الاجتماعي لاسيما من الحزب الحاكم والرئيس التركي الذي قال: "البعض يحاول إعادة البلاد إلى الماضي عبر مزاعم التحضر (..) هناك من يشعرون بالانزعاج من المساجد والأذان، والحجاب، لا يمكن لهذه العقول أن تتغير".