تشهد العاصمة
العراقية بغداد، توترا أمنيا على خلفية اعتقال الأجهزة الأمنية العراقية لأحد عناصر مليشيا "
عصائب أهل الحق"، بتهمة قصف السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء شديدة التحصين.
وأطلقت الأحد الماضي ثمانية صواريخ على المنطقة الخضراء، سقطت ثلاثة منها بجوار السفارة الأمريكية، فيما أصاب صاروخ آخر عمارة سكنية في مجمع القادسية في بغداد.
تهديد وردّ
وانتشرت العناصر الأمنية في منطقة شارع فلسطين في جانب الرصافة من العاصمة بغداد، عقب تجوال عدد من العجلات التابعة لـ"عصائب أهل الحق"، التي هدد عناصرها بمقطع تداوله ناشطون، بأنهم رهن إشارة زعيمهم قيس الخزعلي.
وأفادت مواقع محلية عراقية بأن مليشيا "العصائب" الموالية لإيران، أمهلت حكومة
الكاظمي 48 ساعة للإفراج عن عنصرها المعتقل لدى الأجهزة الأمنية، وإلا فإنها على أهبة الاستعداد على إنزال "عقاب الله" على يد "المجاهدين".
وعلى خلفية ذلك، قال رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي؛ إنه لن يخضع إلى المغامرات أو الاجتهادات، وأنه طالب بالتهدئة لمنع زج البلاد في مغامرة عبثية، لكنه مستعد لـ"المواجهة الحاسمة" إذا اقتضى الأمر.
وقال في تغريدته على "تويتر"؛ إن "أمن العراق أمانة في أعناقنا، لن نخضع لمغامرات أو اجتهادات، عملنا بصمت وهدوء على إعادة ثقة الشعب والأجهزة الأمنية والجيش بالدولة بعد أن اهتزت بفعل مغامرات الخارجين على القانون. طالبنا بالتهدئة لمنع زج بلادنا في مغامرة عبثية أخرى، ولكننا مستعدون للمواجهة الحاسمة إذا اقتضى الأمر".
وفي السياق ذاته انشرت في جانب الرصافة من بغداد قطعات أمنية انتشرت بشكل كثيف، ولا سيما قوات مكافحة الإرهاب، التي أبدت هي الأخرى استعدادها لأي مواجهة محتملة.
ونقلت مواقع محلية عن رئيس جهاز مكافحة الإرهاب الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي، قوله؛ إن "قواتنا جاهزة لحماية العراق والعراقيين، وننتظر أوامر رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة".
وساطة للتهدئة
على ضوء هذه التطورات، أفادت مواقع محلية عراقية أن جهات سياسية وأخرى حكومية تقود وساطة للتهدئة بين "عصائب أهل الحق" والحكومة، ولا سيما التحرك الذي يجريه مستشار الأمن الوطني، قاسم الأعرجي.
وأشارت إلى أن "القيادات طالبت الأطراف الالتزام بالحلول السلمية واللجوء للسبل القانونية في حل الأزمة، وأنها حذرت من أي احتكاك أو توتر أمني يستغل من فلول الإرهاب".
وبينت أن "القيادات السياسية شددت على ضرورة ضبط النفس والتهدئة وحل الأمور بعيدا عن التصعيد الإعلامي والعسكري، مشددة على "ضرورة التزام جميع الأطراف بالمصلحة الوطنية".
لكن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، رفض الإفراج عن المعتقل المدعو "ح. ز" الذي ينتمي إلى مليشيا "العصائب" قبل انتهاء التحقيقات معه وصدور قرار قاضي التحقيق بشكل رسمي، وفقا لمواقع محلية.
وفي المقابل، نقلت وسائل إعلام محلية عن القيادي في "عصائب أهل الحق" جواد الطليباوي، قوله؛ إنه "قبل أربعة أيام جرى اعتقال أحد الأشخاص المنتمين لعصائب أهل الحق بدعوة جنائية".
وأضاف: "يوم أمس، وصلت إلينا معلومات تؤكد أن جهازا أمنيا تدخل بسير التحقيق، وبدأ يضغط على المعتقل من أجل نزع اعترافات من المعتقل تفيد بأن له صلة بعمليات إطلاق الصواريخ، ولهذه الأسباب تدخلنا من أجل إيقاف المحاولات التي لا تمت لا للقانون ولا للعدالة بصلة".
وتابع الطليباوي، قائلا: "نحن مع القانون وداعمون لقواتنا الأمنية، لكن على المسؤولين المعنيين بالتحقيق أن يطبقوا القانون بعيدا عن التدخلات السياسية".
وفي تغريدة كتبها على "تويتر"، قال الطليباوي: "أي محاولة ثانية للإساءة للحشد الشعبي وفصائل المقاومة، هي محاولةٌ أمريكيةٌ قطعا وستبوءُ بالفشل كما فشلت المحاولة الأولى، لكننا سَنُغلِّبُ صوتَ العقل والحكمة ما دام ذلك ممكنا، وإلا فنحنُ لها"، في إشارة إلى اعتقال عناصر من "حزب الله العراقي" في حزيران/ يونيو الماضي، الذي أفرج عنهم بعد مضي أربعة أيام فقط.
"شتاء ساخن"
وتعليقا على هذه التطورات، قال المحلل السياسي الدكتور سعدون التكريتي لـ"عربي21"؛ إنه "كما يبدو أن السلاح المنفلت وصل مدياته الكبيرة، بحيث غدت تؤثر حتى على القرار الإيراني".
وأكد أن "الشواهد تؤكد وجود نوع من التمرد على التوجهات الشيعية، ما سببها هناك أكثر من توقع، ولكن تبقى الحقيقة أن العناوين التي تتخفى وراءها هذه الجماعات لا تنفي وجود إرادة شيعية محلية لإحراج الكاظمي إلى حد الاستقالة".
وتوقع التكريتي أن "الشتاء الساخن قادم كما يبدو ولا منتصر معلوم في الأفق حتى الآن، حيث نلمس اليوم مدى الفارق بين أوامر سليماني للقوى العراقية وخليفته قآاني، الذي لم يستطع لغاية اليوم أن يملأ فراغه".
وتابع: "هناك رأي مغاير أن الدفع الإيراني باتجاه هذا التصعيد؛ لإنهاء خيار الحكم المدني المؤيد من قبل الأمريكان بإظهار فشله الذريع، وقد تحقق جزء كبير من ذلك".
وتأتي هذه التطورات بعد زيارة أجراها قائد فيلق القدس الإيراني، إسماعيل قاآني إلى العاصمة العراقية بغداد، الأربعاء الماضي، التقى خلالها عددا من القيادات الشيعية بعد استهداف السفارة الأمريكية.
ونشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، في 12 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، تقريرا أكد فيه تحدي "عصائب أهل الحق" التي يقودها قيس الخزعلي، لإيران، من خلال شنها هجمات صاروخية على مصالح الولايات المتحدة في العراق.
وأكد التقرير أن "العصائب"، إحدى الفصائل العراقية المسلحة والمتنفذة المدعومة من إيران، تمردت على التعليمات الصادرة من طهران، واستمرت في مهاجمة مصالح الولايات المتحدة.
اقرأ أيضا: MEE: عصائب أهل الحق تتحدى إيران وتهاجم أمريكا بالعراق