خصصت
صحيفة "فايننشال تايمز" افتتاحيتها للحديث عن المصالحة الخليجية التيتمت
الأسبوع الماضي، مشيرة إلى أن لا منتصر فيها، ومؤكدة على ضرورة قيام السعودية بعمل
المزيد كي تعيد تأهيل سمعتها.
وقالت
الصحيفة إنه بعد أكثر من ثلاثة أعوام من الدعوة للحرب والمرارة، قررت هذه الدول التحرك
في النهاية لحل نزاع غير عادي.
وأضافت:
"هناك شك له مبرره فيما إن كان اتفاق الأسبوع الماضي كاف لرأب الجراح العميقة
التي تسبب بها قرار الرباعي العربي قطع المواصلات والعلاقات الدبلوماسية مع قطر، أو
قد يقود إلى سلام بارد تتقيح فيه المنافسات تحت السطح".
ومع
ذلك علينا، كما قالت الصحيفة، الترحيب بالتقارب، ويجب منح ولي العهد السعودي محمد بن
سلمان بعض الثناء لدفعه باتجاه حل النزاع.
ومنذ
اللحظة التي دفعت فيها السعودية والإمارات باتجاه إجبار جارتهم الصغيرة قطر على الاستسلام
لإرادتهما من خلال فرض الحصار في حزيران/ يونيو 2017، كانت الرصاصة الأولى تحمل علامة
التنمر والفعل الذي لم يتم التفكير به بطريقة هادئة.
واتهم
الرباعي قطر التي ظل ينظر إليها بالتغريد خارج السرب، بدعم الجماعات الإسلامية والتقارب
من إيران. ونفت الدوحة هذه الاتهامات، واستخدمت ثروتها من موارد الغاز الطبيعي كوسادة
لتخفيف أثر الضربة على اقتصادها. وخرجت من الأزمة واثقة في قدرتها على الاستقلال عن
جيرانها.
وبدلا
من قطع علاقاتها مع الجمهورية الإسلامية، وثقت قطر علاقتها مع طهران وكذا مع تركيا،
العدو الآخر لكل من السعودية والإمارات، ذلك أن قطر حاولت البحث عن طرق جديدة للمواصلات
وتقوية التحالفات.
ولم
تستجب الدوحة للمطالب القصوى من الرباعية وعددها 13 مطلبا، ومنها إغلاق قناة الجزيرة
والقاعدة العسكرية التركية.
ولكن
لا منتصر في المواجهة، تقول الصحيفة، فقد دفعت كل الأطراف الثمن الإنساني والمالي.
فقد خسرت الشركات السعودية سوقا للتصدير وخسرت الإمارات التجارة والسياحة. وعانا كلاهما
من تضرر في السمعة. وتعرض مجلس التعاون الخليجي، الذي كان الكتلة التجارية الوحيدة
الفاعلة بالمنطقة للضعف وتقويض مهمته. فقد انكسرت الوحدة وحرية العمل والحركة بين دوله
الست.
وترى
الصحيفة أن الانفراج المفاجئ يبدو أنه نتيجة مباشرة لهزيمة الرئيس دونالد ترامب في
انتخابات الرئاسة. ولم تكن مصادفة أن تقوم السعودية والإمارات بفرض الحصار على قطر
بعد أشهر من وصوله إلى البيت الأبيض حيث اعتقدتا أن الرئيس الذي بات يهدد إيران يفكر
بنفس ما تفكران به. وفي البداية بدا وكأنه يقف مع الرياض وأبو ظبي متناسيا على ما يبدو
أن قطر تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية بالمنطقة.
ولكن
إدارة ترامب بدأت متأخرة بالضغط على دول الخليج لحل النزاع، إلا أن منظور وصول جوزيف
بايدن إلى البيت الأبيض هو ما دفع السعودية للعناق مع منافستها. فبوجود ترامب كان الأمير
يعرف دعم واشنطن له مهما ارتكب من خطوات كارثية. واليوم فهو بحاجة لأن يحصل على رصيد
مع فريق بايدن والذي انتقد علنا انتهاكات حقوق الإنسان بالمملكة ووعد بإعادة تقييم
العلاقات بين البلدين. وحل الأزمة مع قطر كانت الثمرة اليانعة والسهلة المتوفرة أمامه.
واللفتة
الإيجابية هي ألا يتوقف الضغط أو التدقيق على النشاطات الشائنة التي حدثت في ظل قيادة
ولي العهد، من الاعتقال التعسفي لعدد من رجال الأعمال والمدونين والناشطين إلى قتل
الصحفي جمال خاشقجي والحرب الكارثية في اليمن.
وفي
الشهر الماضي حكمت محكمة سعودية على لجين الهذلول، الناشطة النسوية بالسجن لمدة ستة
أعوام تقريبا رغم الشجب الدولي. ولو كان ولي العهد يسعى لإعادة تأهيل سمعته الملطخة
فأمامه عمل كبير للقيام به.
هيرست: دوافع سوداوية من وراء توجه السعودية للوحدة الخليجية
"فايننشال تايمز": محاصرو قطر يتحدثون عن انتصارها
بلومبيرغ: هل تعود قطر إلى "أوبك" بعد المصالحة الخليجية؟