تسري
الثورة في النفوس وفي أصحابها بالداخل والخارج. وفي الذكرى العاشرة لثورة يناير يشعر أبناؤها بعبق آخر، هناك مشاعر الإصرار وكأنها الأيام التي سبقت اندلاعها.
وما زالت الثورة فزاعة للعسكر، وعلى رأسهم
السيسي القابع على صدر الوطن منذ سبع سنوات. السيسي لا يترك مناسبة إلا ويخرج بالوعد والوعيد، وأن ما حدث منذ 2011 لن يتكرر، بل ومرة وصف أصحاب الثورة بالمارقين وتارة يتوعد الثوار بويلات الأمور.
يرتعب العسكر من الثورة من هواء التغيير، هم يعلمون يقينا أن الشعب إذا أراد الحياة.. فلا بد لقيد العبودية والعسكر أن ينكسر..
وإن الحرية ثمنها إزاحة الوجوه القادمة عبر قوة السلاح بإقامة المحاكم الثورية مقتصة لدماء الشهداء، وفك قيد المعتقلين وحق عودة المطاردين المنفيين خارج الوطن.
مرت سبع سنوات عجاف على شعب
مصر، لم يروا إلا وعودا زائفة من حاو يهوى ألعاب البهلوانات، يداعب أحلام الشعب بكلمات قد تشبعت بالكذب، وسقطت أقنعته قناعا تلو قناع.
يعلم السيسي جيدا بأن الشعب المصري إذا قام هذه المرة من غفوته فلن يبقي على شيء، وأنه لن تهدأ له ساكنة حتى يرى السيسي ومنظومته ثمن ما ارتكبه في حق أبناء الوطن، وأنه لن يرضى بديلا عن دفع الثمن هذه المرة كاملا وليس كما فعلت الثورة مع مبارك.
وما يُشعر مريدي الثورة بالارتياح وأن الغلبة والنصرة لهم، أن السيسي يطبق خبائث كتاب ميكافيلي في قمع الشعب، محاولا تحصين نفسه وحاشيته ومحاربة الثورة من وراء جدار العاصمة الإدارية الجديدة، وبناء أكثر من 20 سجنا، وقمع أي حراك شعبي ولو كان بسيطا، وترقب موجات الثورة أيا كانت.
وتتحرك مياه الثورة أحيانا مع حراك شعبي محدود، ولكن يجب علينا أن نعلم جيدا أن الثورة لا تقوم فجأة بل هي ككرة الثلج المتدحرجة التي لا تبقي ولا تذر إذا ما تحركت، ولذلك يحاول قائد الانقلاب العسكري في مصر، إبطاء حركة كرة الثلج المتوجهة صوبه لتزيل ملك النمرود وتعيد للشعب كرامته وحريته المسلوبة، عبر إراقة الدماء الزكية، واعتقال العقول الحرة، ونفي شباب وشيبة تربوا على حب تراب هذا الوطن، ولنا في قبلتنا ثورة يناير قدوة بعد حكم بالحديد والنار في عهد المخلوع مبارك ومن قبله المهزوم دائما عبد الناصر.
تحاول الثورة المضادة إعادة جذوة الجمر المشتعل في أبناء الوطن عبر ملايات عدة، وحديث سحرة الإعلام الذي حاول إخفاء انفجار البركان.
من ذاق الحرية الحقيقية وتنفسها وملأت روحه لا يرضى عنها بديلا، بل يصبح إحدى حرابها في وجه كل من تسول له نفسه في إعادته إلى قيد العبودية، مهما طال به الزمن، أو يئست بعض النفوس.
وأرى دائما الحل في مقولة أحد المصلحين والمفكرين أن "نتفق فيما اتفقنا عليه، ألا وهو الوطن، ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه". وهو عين الصواب في الوقت الحالي، فلا تُلهِكُم المصالح الشخصية أو الجمعية عن الوطن.
يا قادة الرأي والحركات والجماعات، يا من تطلقون على أنفسكم النخبة، ها هي البوصلة فلا تفقدوها، ألا يكفيكم تيه سبع سنوات؟ فتعالوا إلى كلمة سواء لتحرير الوطن من براثن الاحتلال العسكري لمصر.
وأوجه كلماتي هذه إلى العقلاء في كل معسكر فكري أو أيديولوجي.. بعد سبع سنوات أما آن الأوان لخطاب واحد لكل جنود الثورة (قوتنا في وحدتنا)، وأن هدفنا هو مصر؛ العنوان الكبير الملتف حوله أبناء الوطن، وتقديم خطاب ثوري جديد يحترم الجميع ويكون بديلا حقيقيا.. ولكم في تجربة تشيلي تجربة واقعية.
دمتم لمبادئ ومطالب الثورة مؤمنين، وعلى دربها مستمرين.