ماذا ستخبرنا عن علاقتها بعبد الحليم حافظ؟
من الأديب الذي كلّفته بكتابة سيرتها الذّاتية؟
كواليس إقامتها في لندن لعشرين سنة؟
ما حقيقة إصابتها بكوفيد 19؟
التقيتها لأوّل مرة في فيلم (صغيرة على الحبّ): كانت هي داخل ذلك الإطار الغريب وكنتُ أنا الطّفلةُ التّي تحاولُ اقتحامه. وكنّا نحن الصّغار، آنذاك، نعتقد جازمين أنّ من السّهل جدّا الوصول إلى داخلِ الإطارِ بمجرّد عمليّة تنقيب ناجحةٍ عن بؤرة ما في خلفيّة التّلفاز.
بين تعلّقٍ بشخصياتها وحبٍ لشخصها، بين رغبة الطفلة الصغيرة في لقائها وفضول الصحفية في محاورتها، سمحت لنفسي بمقابلة افتراضيّة عبثت من خلالها بالواقع حتّى تجمّل بالخيال.
فلو نعيد ترتيب الأحداث، الساعة التاسعة مساء وعشرين دقيقة، 20 حزيران/يونيو 2001 الصّحافة العربيّة تكذّب خبر وفاة سعاد حسني وتصريح من هذه الأخيرة يؤكد ذلك. 21 حزيران/يونيو 2001 سعاد حسني تعلن استقرارها في لندن. أوّل كانون الأول/ديسمبر 2020 سعاد حسني تعود لتستقر في القاهرة.
لديها 91 فيلما، من أبرز هذه الأفلام: "الزوجة الثانية"، "غروب وشروق"، "أين عقلي"، "شفيقة ومتولي"، "الكرنك" "أميرة حبي أنا". كما أمتعتنا بموهبتها الغنائيّة في بعض أفلامها، مثل فيلم "خلي بالك من زوزو".
إنّنا أمام ممثلة عربيّة استثناء على جميع المستويات، فيكفي أنّ نقول إنّ صورها تغزو مواقع التّواصل الاجتماعي، رغم أنّها غادرتنا قبل غزو الرّقمنة في العالم العربي. فماذا ستخبرنا في هذا اللّقاء الافتراضي؟
مرحبا، حاولنا الاتصال بك منذ فترة وقلت إنك تخضعين للحجر الصّحي، بعد عودتك من لندن...لماذا اخترت أن يكون الاحتفاء بعيد ميلادك السابع والسبعين في القاهرة: هل هي عودة نهائية أم عطلة فقط؟
قبل الإجابة عن السّؤال، أشكرك على اختيار هذا الفستان شبيه فساتيني في أدواري، وهو بصراحة كان موضة السّبعينيات والثّمانينيات، أشكرك على هذه المجاملة اللّطيفة منك وتذكيري بفستان جميل من الزّمن الجميل.. والله ذكرتني بالكثير من الصور التي لن أنساها أبدا. حتّى لا أطيل عليك أعود إلى سؤالك. أريد من النّاس الانتباه أكثر لصحّتهم، لا بأس لنتحمل قليلا من أجل صحتنا جميعا. الحياة جميلة رغم كل شيء. على فكرة، هي مصادفة وليس ترتيبا مسبقا، لم آت خصيصا للاحتفال بعيد ميلادي، فمن يعرفني جيدا، يعرف أنني لا أحب الاحتفالات بأعياد الميلاد. يعني بصراحة هل يجوز الاحتفال بسنوات مضت؟ بالعكس الاحتفال عندي ممارسة يومية؛ كل يوم بالنسبة لي حفلة جديدة، أحب الحياة.
هل صحيح أنك كنت في حجر صحّي بسبب إصابتك بالكوفيد 19؟
لا غير صحيح. فقط كان بسبب العودة من السّفر واحتراما للإجراءات الصّحية. أريد من خلال صحيفتكم التّرحم على كل ضحايا هذا الوباء من مواطنين وفنانين، وآلمني كثيرا رحيل الممثّلة الكبيرة رجاء الجداوي.
كيف قضيت فترة الحجر الصّحي الشّامل ربيع 2020؟
بصراحة، استثمرت الفترة في التّواصل مع أحد الكتّاب المهمين والممتازين في العالم العربي لكتابة سيرتي، وهذا لعدّة أسباب أهمّها كمّ الإشاعات التي أصبحت مواقع التّواصل الاجتماعي تّروّج لها؛ قصص خيالية، خالية من كلّ المصداقية، يتكلمون عن ناس ماتت بكلّ وقاحة، يشوّهون التّاريخ كما يشاؤون؛ لهذا أردت إنقاذ سيرتي الشّخصية من أناس لا يخجلون. وربّما هذا من بين أسباب عودتي للقاهرة. قريبا ألتقي هذا الأديب الكبير وسنكتب السيرة سويا.
نفهم من كلامك أنك تنوين الاستقرار في القاهرة؟
طبعا، بصراحة هذا الوباء جعلني أعيد ترتيب كلّ حساباتي. نحن في تجربة صراع مع الموت، والموت ذكرني أنّ هناك مشاريع ما زلت أطمح إليها؛ أطمح إلى دور الجدة وإلى أدوار نساء في الستينيات والسبعينيات وثمانينيات العمر، لم لا؟ بصراحة أوّل ما أقمت في لندن منذ عشرين سنة، تسلمت ثلاث سيناريوهات وكان بودي أن أختار سيناريو واحدا من بينها، ولكن تعرضت لوعكة صحية، وبتوجيه من أطبائي كان لا بد من استراحة طويلة.
كيف تعلّقين على إشاعة موتك التي انتشرت لما كنت في لندن، هناك من حمّل المسؤولية لصفوت الشريف؟
كل ما في الأمر أن امرأة تشبهني. تصوري كأنّها نسخة مني، سقطت من "البلكون" في لندن، فلما نُشرت صورها على الصحف تصوروها أنا. كما يقال: "ربنا يخلق من الشبه أربعين". كانت حادثة مأساوية بصراحة، لا أريد أن أتّهم أحدا بعينه. من تعمّد الركوب على الحدث متأكّدة أنّه عاقب نفسه بنفسه.
لم تجاهلت ذكري لصفوت الشّريف وحتى لم تكوني حاضرة في جنازته؟
سأكتفي بهذا: رحمه الله وفي خالق في الوجود يحكم بيننا. أنا لم أتكلم في حياته فلن أسمح لنفسي بفتح الدّفاتر القديمة في مماته.
يخيفك الموت؟
الإنسان الطّموح لا يخيفه الموت في حدّ ذاته، وإنما يخيفه أن يذهب دون إتمام مشاريعه
سعاد حسني والثّورات العربية:
كيف تابعت الثورات العربية من لندن؟
عبر شاشات التلفزيون وتمنّيت لو كنت موجودة... كنت لا أفارق الشاشة بحثا عن أخبار جديدة.
ما هي انطباعاتك عن الثّورات العربيّة بعد انقضاء العشريّة الأولى؟
مازال باكرا على التّقييم، ثمّ ولا ثورة في العالم جنت ثمارها بسرعة. "طب على إيه" الشّارع العربي مستعجل الآن... عيشوا اللحظة... عيشوها الثورة وكونوا مطمئنين أن هذه الثورة ثمارها لأبنائنا ليست لنا.
خلال الثورة، عديد الوجوه المعروفة أدلت بدلوها إلاّ أنت، ألم تتوجه لك دعوة من أي منبر إعلامي؟
تحصّلتِ على أكثر من دعوة، ولكن رفضتها بكل لطف.. لم؟
أطلق الثّورة شبابٌ. فالأجدر بنا أن نستمع للشباب مهندس الثورة لا أن نستمع لأنفسنا. للأسف نحن على مدار كلّ هذه السنوات في تونس أو في مصر أو غيرها من الدّول العربيّة، الكل تكلم إلا الشباب ..يكفينا ركوبا على الأحداث.
تعيشين في زمن وسائل التواصل الحديثة، كيف تطوّرين صفحتك على فيسبوك التي تقريبا متابعوها المائة مليون، وهذا رقم قياسي بالنسبة لك مقارنة بالموجود في العالم؟
صدقا مبادرات فرديّة من الجمهور.. لا علاقة لي بها. الحمد للّه حبّ الناس نعمة.
لماذا ترفضين استثمار صفحتك في الترويج للعلامات التجارية؟
أنا فنانة ولست علامة تجارية.
ترفضين نشر أيّ صورة عن الفترة التي قضيتها في لندن، لماذا؟
لأسباب أرفض الكشف عنها حاليّا، سأكتفي الآن بالإجابة التّالية: لم أشأ أن يراني الجمهور في أسوأ حالاتي. سأعود بأكثر تفاصيل عن تجربتي في لندن في سيرتي الذّاتية، وأعتذر لن أستطيع الكلام عن الصور أكثر من هذا.
سعاد حسني والتمثيل:
في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات، الأضواء مسلطة عليك، وإلى اليوم أنت تصنعين الاستثناء وتخطفين الأضواء حتى من الجيل الجديد من الممثلات، ما سرك؟
لا أقوم بعمليّات التجميل، لم أقتل الطّفلة التي بداخلي. ربّما هذا، وربما أيضا تفاصيل أخرى يراها المشاهد من خلال الكاميرا ولا أراها أنا.
وكأنّك ترفضين كل ممثلة تقوم بعملية تجميل؟
عمليات التجميل تقتل الملامح والخصوصية. ولهن الخيار النجاح في أن يكن صور مجلات جميلة أو ممثلات جميلات.
العديد من الفنانات إن لم يجهرن بذلك فهن يتمنين أن يكن شبيهاتك: اليوم من بين الجيل الجديد من الممثّلات تتمنّين لو عشت شباب من: درّة زروق، ياسمين صبري هند صبري أو هل من اسم آخر؟
أنا… أتمنى أن أشبه نفسي فقط. يكفيني جمالي الداخلي.
أي التفاصيل في وجهك تشدّك أكثر للمرآة؟
تجاعيدي.. أحبّ تجاعيدي. حين أكون أمام المرآة غالبا مخيلتي تكون "شغالة"، يخطر ببالي الكثير من الشّخصيات التي لم أخضها بعد، والتي لن تكون جميلة دون تجاعيدي. كنت دائما أتمعّن النظر في أغلفة المجلات التي تحمل صور نساء متقدّمات في العمر.
في تصريح سابق تحدّثت عن عدم ثقتك بالنّاس وخوفك منهم، كيف لسعاد حُسني التي تحظى بكلّ هذه الجماهيريّة أن تخاف من النّاس؟
أنا أجيدُ لعبة الكلام فقط أمام الكاميرا، وبعيدا عن الكاميرا أنا أجيدُ فقط الصّمت. تعرّضت لصدمات ولم أتكلّم عنها. حين عبّرت عن خوفي من النّاس كان ببالي حينها شخصيّات معيّنة أساءت لي. كل هذه الجماهير التي تتابعني لليوم هي كل مكسبي في هذه الدّنيا.
اليوم أمام قلّة الأعمال السينمائية والدرامية، هل تغيرت مقاييس سعاد حسني في انتقاء أدوارها؟
استحالة.. قناعاتي لا تتغير مهما تغيرت الأحوال والظروف، حتى لو كان ذلك هو الحل الوحيد.
هل تحافظين على التّشدد نفسه في مناقشة الأدوار؟
التمثيل فن ليس وظيفة، ومن حق الفن علينا الاشتغال على الصغيرة قبل الكبيرة، وهذا واجبي تجاه فني، أُكْرم نفسي وأحتفظ بما حققته على أن أرضى بأيّ دور.
ما رأيك فيما يعرف بالسينما التّجارية؟
تتفيه الفن تحت راية الجمهور "عاوز كدا"هذا مستحيل القبول به.
سعاد حسني والأمومة:
لو نعود إلى طفولتك، هل كنت "البنوتة" المشاكسة بين 16 أخا وأختا غير الأشقاء؟
أحبّ الضحك واللّعب.. وخفيفة دم.. (تضحك) "ولو أنّه لليوم أنا خفيفة دم ولا أهضم مني". أقول هذا بكل تواضع حتى لا يقال عني المغرورة.
هل الطفلة الصغيرة التي بداخلك وتتمسكين بها بشدة، هل هذه الطفلة التي هي أنت تعوّض إحساس الأمومة؟
(تجيب بسرعة وكأنّها لا تريد منّا التركيز على ملامحها، كأنّها لا تريد فضح حقيقة شعورها).
ممارسة الأمومة ليس بالضرورة الإنجاب. الأمومة هي أنا في علاقتي بنفسي، هي أنا في علاقتي بالآخر؛ لأن الأمومة في نهاية الأمر نوع من العطاء، قدر ما تكون سخيّ العطاء قدر ما تكون سعيدا. لا تعنينا المصطلحات، ما يعنينا هو الحالة الشعورية الجميلة في ممارسة تفاصيل الحياة اليومية بكل حب وعطاء للآخر.
هل أثر انفصال والديك عليك؟
أي انفصال يؤثر طبعا، ولكن والداي حرصا على ألا يكون انفصالهما مضرا لنا. عشت مع أمي.. درّبت نفسي على الاستقلالية منذ صغري.
سعاد حسني والحب:
قريبا عيد الحب، هل تحتفي سعاد حسني بهذا العيد؟
المفروض تعرفين الآن إجابتي؛ "إنّ السعادة والحب وأعياد الميلاد مفيهمش مناسبات".
لو كان عندك وردة واحدة ووجدت نفسك أمام عبد الحليم ومعه كل الذين تزوجت بهم، لمن تهدين الوردة؟
طبعا سأهديها لنفسي (تضحك).. وهذه أبدا ليست نرجسية.
اليوم بعد مرور كل السنوات ما هو الزواج الذي لو يعود بك الزمن لن تكرريه؟
لو عاد بي الزّمن، سأعيش التجارب نفسها بذات الصدق.
ولا حتى علاقتك بعبد الحليم؟
لا أفهم... لم وضعت عبد الحليم حافظ في خانة المستثنين، ولكن ولا هو أيضا.
لمحت ألق الحب وأنت تنطقين باسم عبد الحليم؟
هو العندليب... فنان الحب... كيف لا يرتبط اسمه عندي بالحب والألق والفرح!
عبد الحليم رحمه الله وأنا لا أسمح لنفسي بالحديث أو خوض تفاصيل يشاركني فيها شخص متوفى. لو كان بيننا كنت تكلّمت عنه، وفي نهاية الأمر، هذه حياتي الخاصة لا أدري لم كل هذا الإصرار على الحديث في الموضوع مع كل مناسبة؟ يفتشون حتى في نوع العقد الذي ربطنا، زواج عرفي أو رسمي أو علاقة دون عقد: اليوم العالم العربي يعيش الفقر والجهل والأوبئة والحروب..آلاف الأطفال بين مشرّدين وميتين ظلما وقهرا، وجزء من الصّحافة جعلت من علاقتي بعبد الحليم قضيّة أساسيّة وأولويّة. قصص وخزعبلات. أنا وعبد الحليم قصّة لن تتكرر وفوق منطق السّطحية والتخلّف"، موش أحسن إني كنت مختبئة في لندن".
قلت "مختبئة"؟
نعم.. أردت أن أرتاح قليلا. لا أعلم لم البعض يستهويه العيش بقصص الناس.. لم لا يعيش كل واحد قصته عوض مضيعة الوقت في التركيز على قصص الآخرين؟
أترك لك كلمة الختام..
شكرا لهذه الاستضافة الجميلة.. شكرا لصحيفة عربي21.. كان لقاء ممتعا.. تحية لجمهوري.. "لا تفتكرو إني نسياكم فمتنسونيش".
وانتهى اللّقاء بهذه الجملة التي همس بها ألق عينيها السوداوين.. غادرتنا مبتسمة.. ما زلت أراها تبتسم وتلوّح لي بيديها.
"أحلام الدوبلير".. رؤية طازجة لعالم عَفِن!
الرياضة بوصفِها هُوِيّة قوميّة
صامولي شيلكه: صائد أحلام المصريين