تكثف تركيا من جهودها لأخذ مكانتها في الفضاء، بعد إنشائها وكالة فضاء وطنية، ومسارعتها إلى توسيع شبكة أقمارها الخاصة بالمراقبة والاستطلاع، وصولا إلى طرحها مشروعا وطنيا يهدف إلى إرسال قمر صناعي إلى القمر بحلول عام 2023.
وأمس الثلاثاء، كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن عشرة أهداف تسعى بلاده لتحقيقها ضمن خارطة طريق "برنامج الفضاء الوطني" للانتقال إلى مستويات أعلى في السباق العالمي.
واكتسب الفضاء الخارجي أهمية استراتيجية في صراع الدول الكبرى، بعد الحرب الباردة، وأصبح إرسال الأقمار الصناعية عنصرا مهما من عناصر الأمن القومي للدول.
وبرز اهتمام تركيا، بالفضاء مع عام 1994، بعد إطلاق أول قمر صناعي، بمساعدة خارجية، لكن الرئيس التركي وضع هذا الملف على طاولته طوال السنوات الماضية، ليصدر مرسوما رئاسيا عام 2018 بإنشاء وكالة فضاء وطنية.
الأهداف العشرة في البرنامج التركي الفضائي
ويتمثل الهدف الأول لتركيا بعد الكشف عن برنامجها الوطني للفضاء، في إرسال مركبة فضاء إلى القمر في الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية، بحسب ما أعلنه أردوغان.
أما الهدفان الثاني والثالث فيتمثلان في منافسة الشركات العالمية في مجال تطوير الأقمار من الجيل الحديث بإنشاء ماركة تجارية محلية، وتطوير نظام تحديد المواقع والتوقيت الإقليمي الخاص بتركيا.
وتسعى تركيا لتحقيق هدف رابع، وهو تحقيق سلامة الوصول إلى الفضاء، وإنشاء ميناء فضائي خاص. ويكمن الهدف الخامس، في زيادة الكفاءة من خلال الاستثمار في "طقس الفضاء" أو "الأرصاد الجوية".
أما الهدف السادس، فهو الانتقال بتركيا إلى مستوى أكثر تقدما في مجال الأرصاد الفلكية، وتتبع الأجسام الفضائية من الأرض. وأما الهدفان السابع والثامن، فيتعلقان بتطوير نظام اقتصادي للصناعات الفضائية، وإنشاء منطقة لتطوير تكنولوجيا الفضاء.
ويكمن الهدف التاسع الذي تسعى لتحقيقه تركيا في برنامجها، في تطوير الموارد البشرية الفعالة والمختصة في مجال الفضاء، وصولا إلى تحقيق الهدف العاشر بإرسال مواطن تركي إلى الفضاء.
وقال أردوغان، إن "هناك الكثير من الأشخاص في تركيا ممن يتمنون تحقيق هذا الحلم، وتوجد هناك نساء مستعدات للترشح للذهاب إلى الفضاء، وسنعمل على إرسال مواطن تركي ليس بهدف رحلة سياحية، بل في مهمة علمية ستوجه الأجيال المقبلة، وسنختار مواطنا لديه المؤهلات لذلك".
اقرأ أيضا: تركيا تطلق القمر الصناعي الجديد "توركسات 5A" إلى الفضاء
باهتشلي يقترح اسم "جاجابي".. من هو؟
ودعا الرئيس التركي، إلى إطلاق لقب على أول رائد فضاء تركي سيذهب إلى الفضاء.
وكان أول المقترحين على تسمية أول رائد للفضاء، هو حليف أردوغان وزعيم الحركة القومية دولت بهتشلي، الذي اقترح أن يلقب بـ"جاجابي".
وهو التركي نور الدين جبريل بن جاجابي، وكان شخصية هاوية في معرفة تفاصيل حركة النجوم والكواكب في السماء، وكان أمير ولاية قرشهر (وسط تركيا) في عهد الأمير السلجوقي كيخسرو، وبنى مدرسة قرشهير.
التعاون مع إيلون ماسك
في 27 كانون الثاني/ يناير الماضي، بحث الرئيس التركي، مع مؤسسة شركتي "تيسلا" و"سبيس إكس"، إيلون ماسك، قضايا عدة بحسب ما أعلنته الرئاسة التركية.
وبحث الرئيس التركي مع ماسك، قضايا متعلقة بالتعاون في مجالات مختلفة منها تكنولوجيا الفضاء.
رئيس تحرير صحيفة "حرييت" أحمد هاكان كشف في وقت سابق، أن السبب الرئيس للقاء بين أردوغان وماسك، يتعلق بموضوع المجال الفضائي.
وأضاف هاكان أن تركيا تعتزم إرسال أول رائد فضاء بالتعاون مع رئيس شركة تيسلا إيلون ماسك.
وأضاف: "كيف سيكون الأمر؟ وأين سيذهب رائد الفضاء؟ وما هو نطاق التعاون؟ وكيف سيكون دور إيلون ماسك؟ وهل ستكون هناك ثورة في الدراسات الفضائية التركية"، لكنه قال: "لا يوجد لدي تفاصيل أكثر".
الكاتب التركي، هاكات أشتليك، قال في مقال له على صحيفة"posta"، إن وزارة الصناعة والتكنولوجيا، أجرت العديد من الاستعدادات المطولة بشأن وكالة الفضاء التركية.
وأضاف: "هناك أشياء يمكن لدولة بذات حجم وقدرات تركيا، القيام بها في الفضاء، مثل الدول الأخرى كالولايات المتحدة وروسيا والصين والهند والاتحاد الأوروبي".
وتابع، بأن "البرنامج الفضائي" ليس مجرد تطوير مركبات فضائية باهظة الثمن، أو مكوكات، أو الاستعداد للسفر بين الكواكب، والوصول إلى أعماق الفضاء، ولتركيا القدرة على اتخاذ خطوات كهذه في مجال الفضاء.
ولفت إلى أن رئاسة الصناعات الدفاعية، وشركة "روكيتسان"، تواصلان العمل لتطوير الصواريخ، كما أنه من البث الإذاعي والتلفزيوني، إلى الاتصالات العسكرية، ومن الاتصالات الهاتفية إلى بيانات الأرصاد الجوية، يتم توفير العديد من الأمور بواسطة الأقمار الصناعية.
وأضاف أنه من أجل واقعية تنبؤات الأرصاد الجوية، فمن الضروري أن تكون التكنولوجيا في هذا المجال متوفرة.
وأشار إلى حديث سابق في آب/ أغسطس 2019، مع رئيس وكالة الفضاء التركية سردار حسين يلدريم، الذي قال إن بلاده لا تسعى لتحقيق ما تنجزه "ناسا"، ولكن "نريد أن نكون في هذا السباق".
وأضاف يلدريم: "الوصول إلى الفضاء هو من بين أهدافنا، والمراصد مهمة جدا، نريد مراقبة وفهم أعماق الفضاء مع التلسكوبات الكبيرة".
ولفت إلى أن إرسال أقمار صناعية إلى الفضاء، تعني أنه يمكن التحكم في الكثير من الأشياء في هذا العالم، لافتا إلى الاستعدادات التركية لإطلاق القمر الصناعي "تركسات A6".
تجارب تركيا في الأقمار الصناعية
وأجرت تركيا في 24 كانون الثاني/ يناير 1994 أول إطلاق لقمر للاتصالات "توركسات 1A"، لكنه سقط بعد انطلاقه، في المحيط بعد 12 دقيقة و12 ثانية بسبب عطل في الصاروخ وتفككه، لكن المهندسين الأتراك تمكنوا بعد 199 يوما من إطلاق "توركسات 1B" في آب/ أغسطس من العام ذاته، ليبدأ أول تواجد للأقمار التركية في الفضاء.
واستمر أول قمر صناعي للاتصالات في الفضاء في الخدمة، يغطي جميع أنحاء تركيا مع "توركسات 1B" نحو 12 عاما.
وفي تموز/ يوليو 1996 أخذ "توركسات 1C"، مكانها في المدار، فيما تم إطلاق "توركسات 2A" في كانون الثاني/ يناير 2001.
وبقيت تركيا رائدة في مجال الاتصالات عبر البث التلفزيوني ونقل البيانات، مع هذه الأقمار الثلاثة، حتى 13 حزيران/ يونيو 2008، مع إرسال القمر الصناعي "توركسات 3A"، ليشمل البث كل تركيا وأوروبا وشمال أفريقيا، وكافة الجمهوريات التركية ليمتد حتى الصين.
وفي 14 شباط/ فبراير 2014، تم إرسال "توركسات 4A"، بصاروخ بروتون روسي الصنع، وتبعه "توركسات 4B" في تشرين الأول/ أكتوبر 2015، ليبلغ إجمالي عدد الأقمار الصناعية المرسلة إلى الفضاء ستة أقمار.
وفي 8 كانون الثاني/ يناير 2021، أطلقت تركيا القمر الصناعي التركي الجديد "توركسات 5A" إلى الفضاء بنجاح، من قاعدة "كيب كانافيرال" الأمريكية، بواسطة صاروخ "فالكون 9" من إنتاج شركة "سبيس إكس.
ومن المقرر أن تطلق تركيا، القمر الصناعي "توركسات 5B" في الربع الثاني من العام الجاري 2021، فيما تواصل جهودها لإطلاق "توركسات 6A" في الأشهر الأولى من العام 2022.
اقرأ أيضا: تركيا ترسل أول قمر صناعي مصغر للفضاء بهذا الموعد (صور)
أقمار صناعية للمراقبة والرصد
ويعد القمر "راسات" هو ثاني قمر صناعي للاستشعار عن بعد لـ"توبيتاك" (مؤسسة الأبحاث العلمية والتكنولوجية التركية) بعد القمر الصناعي "بيلسات"، وهو أول قمر للرصد والمراقبة يتم تصميمه وتصنيعه في تركيا، وقد أُطلق إلى الفضاء في 17 آب/ أغسطس عام 2011 من على الحدود الروسية مع كازاخستان.
وانطلق القمر "غوك تورك1" في 18 كانون الأول/ ديسمبر 2012، وهو أول قمر صناعي لأعمال الاستطلاع والمراقبة عالية الدقة تم تطويره في تركيا، وهو في إطار الاتفاق بين وزارة الدفاع التركية وشركة "توساش"، ومهمته جمع المعلومات الاستخبارية والبيانات الرقمية والجغرافية لقيادة القوات الجوية.
فيما أطلقت تركيا "غوك تورك1"، في 5 كانون الأول/ ديسمبر 2016، ويقوم بتلبية احتياجات القوات المسلحة التركية ودعمها بالمعلومات التي تحتاجها، ويستخدم القمر الصناعي ذو المدار المنخفض مهام الاستشعار عن بعد في العديد من المجالات التي تهم المؤسسات والهيئات العامة مثل المراقبة البيئية، وتحديد المحاصيل الزراعية، ومراقبة الحدود والمساحة.
وتتم حاليا مواصلة العمل على تطوير القمر الصناعي "غورك تورك3".
أردوغان يكشف سر لغز "عمود معدني" ظهر مؤخرا في تركيا
أردوغان يدشن فرقاطة محلية الصنع.. وسلاح جديد على متنها
ماكرون يوجه رسالة ودية لأردوغان يستهلها باللغة التركية