أكد رئيس مركز مسارات لأبحاث السياسات في رام الله، هاني المصري، أن إجراء الانتخابات قبل معالجة إفرازات الانقسام، لن يحدث تغييرا في الحالة الفلسطينية، مشيرا إلى أنه نصح المتحاورين في القاهرة على ضرورة إنهاء المشاكل العالقة أولا لكنهم لم يستجيبوا له.
جاء ذلك في ندوة متخصصة عقدها منتدى التفكير العربي في لندن، وتابعتها "عربي21".
وأوضح المصري، أنه منذ حدوث الانقسام كانت هناك مبادرات وجهود ارتكزت على إنهائه، والتوصل إلى رؤية واستراتيجية مبنية على أسس شراكة لا تختص فقط بالفلسطينيين بالضفة الغربية وقطاع غزة، وإنما تستعيد وحدة القضية والشعب الفلسطيني.
وأشار إلى أنه بدلا من البحث عن أسباب فشل الجهود والمحاولات لإنهاء الانقسام، فضلت حركتا حماس وفتح القفز بشكل عشوائي وارتجالي على مقاربة أخرى، تقوم على أن "الانتخابات أولا مدخل لإنهاء الانقسام".
ولفت إلى أن هذه الوصفة التي اختارتها القيادات النخبوية المتحكمة في الساحة الفلسطينية تهدف لخدمة مصالحهم الفردية وليس المصلحة الوطنية، بمعالم أساسية قائمة على تجديد الشرعية للوضع والقيادة الراهنة.
اقرأ أيضا: ندوة متخصصة: الانتخابات الفلسطينية لن تنهي الانقسام (فيديو)
وأشار إلى أن فكرة الانتخابات جاءت من التفاهمات والحوارات الثنائية بين حركة حماس وفتح، وبهذه الاتفاقات تم الاعتراف بنوع من الانقسام، وبالتالي أصبح العمل يجري على إذابته وليس إنهائه لكي يحتفظ كل طرف بما لديه.
وكشف المصري، أن هناك اتفاقا مسبقا بين حركتي حماس وفتح، على المشاركة ضمن قائمة مشتركة واحدة، لكنهم يسعونون لإخفاء ذلك، بعد أن وجدوا معارضة كبيرة من داخل التنظيمين، لأن قائمة مشتركة دون الاتفاق على برنامج سياسي، وإنهاء الانقسام تعني التقاسم في المصالح، ومصادرة حق الشعب الفلسطيني في حرية الاختيار.
ولفت إلى أن محمود عباس هو مرشح توافقي للانتخابات الرئاسية من حركتي فتح وحماس، بحسب التفاهمات التي جرت بينهما.
وحول تفسير الإقبال الكبير من الفلسطينيين، الذين سجلوا للمشاركة في التصويت بالانتخابات، ذكر المصري، أنها نسبة كبيرة جدا مقارنة بالبلدان الكبيرة المستقرة، مرجحا أن السبب في هذه النسبة العالية، وجود هوة كبيرة ما بين القيادة والسلطة سواء في الضفة وغزة، والشعب الفلسطيني الذي ينظر إلى الانتخابات رغم كل الظروف التي تعقد إجراءها ونزاهتها، أنها قد تكون فرصة للتغير في ظل واقع حياتي واقتصادي صعب جدا.
وأكد أن الاحتلال الإسرائيلي لاعب رئيسي في التأثير على حرية ونزاهة الانتخابات، ويصادر نتائجها، ولذلك إذا لم يسبقها إنهاء الانقسام، والاتفاق على برنامج تحرري، سيتمكّن الاحتلال من التأثير عليها.
واستدل المصري، بالاعتقالات الإسرائيلية في الأيام الماضية، التي استهدفت نوابا في المجلس التشريعي، وطلاب جامعات وأكاديميين.
وكشف أن الاحتلال الإسرائيلي، قام بالاتصال بالعديد من الشخصيات معظمهم من حماس وفصائل أخرى ومستقلين، وحذرهم من الترشح بالانتخابات.
ولفت إلى أنه اقترح خلال مشاركته في لقاءات القاهرة الأخيرة، حلولا لتذليل هذه العقبة، ولم يتم الأخذ بها، وتم ترحيلها إلى ما بعد الانتخابات.
وأشار إلى أن مشاركة المقدسيين في الانتخابات، لا يمكن أن تترك حتى اللحظة الأخيرة، ويجب أن لا يتم حرمانهم من المشاركة الفاعلة أسوة بالمناطق الأخرى بالاكتفاء على الاقتراع الالكتروني.
وشدد المصري على أن "إجراء انتخابات حرة ونزيهة يحتاج إلى إنهاء الانقسام أولا، وليس العكس، أي يجب إنهاء الانقسام حتى نتمكن من إجراء الانتخابات ونضمن نزاهتها".
اقرأ أيضا: حماس تتحدث عن اتفاق القاهرة والانتخابات الفلسطينية (شاهد)
ووصف المصري اتفاق القاهرة الذي توصلت له الفصائل مؤخراً بأنه "اتفاق يقف على رمال متحركة"، وأكد أن "الاتفاق سيفشل، لأن الانتخابات وحدها ليست وصفة سحرية، حيث يجب معالجة أسباب الانقسام ويمكن أن يكون من ضمن الحل الانتخابات، كما يجب عدم إغفال وجود الاحتلال".
ولفت إلى أنه يجب عدم إغفال العوامل الخارجية، مشيرا إلى أن الإدارة الأمريكية الجديدة أبلغت السلطة الفلسطينية قبل أيام، بأن أي حكومة ستنبثق بعد الانتخابات التشريعية عليها الاعتراف بشروط اللجنة الرباعية، وإلا ستقاطع.
وشدد على ضرورة تقديم حلول جذرية لمواجهة الضغوط والشروط الأمريكية والإسرائيلية، وليس البحث عن حلول شكلية تدور بشكل الشخصيات المرشحة.
وشدد على أنه لا يمكن البناء على اتفاقية التوافق الوطني، لأن منظمة التحرير الفلسطينية ليست سوى "هيكل عظمي" بحاجة إلى الكثير من الإصلاحات لتصبح ذات برنامج حقيقي يمكن الاستناد إليه.
واستنكر المصري موقف الفصائل الفلسطينية وتغاضيها عن قرارات رئيس السلطة بشأن القضاء، والتي تؤثر على نتائج الانتخابات.
سيناريوهات الانتخابات
وحول سيناريوهات إجراء الانتخابات، أشار المصري، إلى أن السيناريو الأول قائم على ما تم التفاهم عليه بين حركتي حماس وفتح.
ولفت إلى أن هذا الخيار، هو استنساخ للوضع الراهن ويشرعن الانقسام، مشددا على أن المطلوب عدم البقاء بالانتظار للوصول إلى هذه النتيجة، و"عليه يجب استغلال الانتخابات لمواجهة هذا المخطط وقلبه على أصحابه من خلال دخول قوائم ديمقراطية ووطنية تؤمن بالتغيير وإحداثه عبر الانتخابات".
وأضاف أن المطلوب تشجيع القوائم الأخرى بما فيها مشاركة القيادي في حركة فتح مروان البرغوثي، لخوض الانتخابات ببرامج واضحة، لمواجهة القائمة المشتركة لحركتي حماس وفتح، وتغيير قواعد اللعبة.
ولفت إلى أن الاستطلاعات، تشير إلى أن البرغوثي شخصية لا يمكن منافستها إذا تم "الوصول إلى الانتخابات الرئاسية"، إلا في حال توافق حماس وفتح على مواجهته وهو احتمال ضعيف.
وأضاف أن "الشعب الفلسطيني بحاجة إلى تغيير في الأدوات والرؤية والسياسات وخطط العمل والأشخاص، لأنه بدون التجديد سوف تعاد نفس الأخطاء والنتائج الكارثية التي وصلنا إليها بالانقسام".
هل انتهت أوسلو؟
المصري شدد على أن أوسلو لم تنته، قائلا: "ومن يتحدث حول ذلك، فهو يخادع نفسه والشعب الفلسطيني، موضحا أن الوضع القائم هو وضع أقل من واقع تفاهمات أوسلو التي تبقى منها وما زالت فقط الالتزامات الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي".
وأكد أن "الانتخابات الفلسطينية وظيفتها الرئيسية تجديد شرعية أوسلو، والأمر يتوقف على مدى نجاحنا كفلسطينيين بتشكيل سلطة تعبر عن البرنامج الوطني الفلسطيني تتخلص من مسارات أوسلو عبر الانتخابات".
ولفت إلى أن منظمة التحرير مغيبة تماما، والواقع قائم على قرارات الرئيس الذي هو صاحب الأمر والنهي.
انتخابات المجلس الوطني إذا تمت ستكون بـ"التعيين"
وأشار إلى أنه لا توجد إرادة من أجل الوصول إلى المرحلة الثالثة وهي انتخابات المجلس الوطني، موضحا أنه لم يتم اتخاذ أي إجراءات في الشتات الفلسطيني تسهم في ذلك، مشددا على أن الأمور ستتجه إلى "التعيين" من خلال التوافق الفصائلي فقط.
ولفت إلى وجود عوائق قد تسهم بعدم إجراء الانتخابات التشريعية، منها عدم التمكن من إقناع مروان البرغوثي وناصر القدوة بالكف عن الترشح، لأن إصرارهم على ذلك رغم التهديدات سيغير قواعد اللعبة كليا.
ولفت إلى أن هناك سيناريو آخر، بإجراء انتخابات تشريعية وفق ما تخطط له حركتا حماس وفتح.
اقرأ أيضا: باحث فلسطيني يقرأ أبرز سيناريوهات الانتخابات المرتقبة
أما السيناريو الأخير، وهو تراجع حركتي حماس وفتح عن القائمة المشتركة، واستبدالها بقائمة أخرى بحيث تقوم حماس بترشيح نصف العدد المطلوب لمقاعد المجلس التشريعي، تقابله قائمة أخرى من فتح أكثر عددا بـ10 إلى 15 مقعدا، تخفف من وطأة عدم الرضا الفلسطيني على فكرة القائمة المشتركة.
وشدد على أهمية عدم حصر التفكير بالسلطة، والمطلوب الامتناع عن العودة إلى المفاوضات بدون مرجعية، وإلا فإن الاحتلال سيستغل ذلك للتغطية على ما يقوم به بـ"الضم الزاحف"، وتغيير الواقع، وعمليات التهويد لاسيما في القدس المحتلة.
وأضاف أن المطلوب مواجهة التهديدات والمخططات الإسرائيلية، وعدم الانشغال فقط بالأوضاع الداخلية الفلسطينية.
هل تغير التطورات الأخيرة علاقة الأردن مع حركة حماس؟
الاحتلال يستدعي شخصيات بالضفة ويحذرها من الترشح
الانتخابات الفلسطينية.. هل تؤسس للمصالحة أم إدارة الانقسام؟