يقول ناصر القدوة في تصريحاته عند إعلان الملتقى الديمقراطي، أنه يعارض تفاهمات القاهرة بين حماس وفتح، ويعارض إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ووطنية قبل إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة وحل المشكلات العالقة، لأن الانتخابات تعمق المشكلات وتزيدها، وهو قول يُحترم، وقد قاله كثير من المحللين والفقهاء، وقالته قيادات في حماس وفي الجبهة والجهاد، ولكن عباس رفض الاستماع لهذه النصائح، ربما لأن في رأسه مُوّالا لا نعرفه.
القدوة الذي أبدى رفضه لمخرجات القاهرة والانتخابات، هو نفسه يذهب لتشكيل قائمة خاصة تحت عنوان الملتقى الديمقراطي، ويقول إنها مفتوحة أمام كوادر من فتح ومن غير فتح وبالذات المستقلين، ليدخل بها الانتخابات إذا ما جرت في مواعيدها، أي هو يقول إنه رغم اعتراضه على الانتخابات من حيث المبدأ فهو سيشارك فيها مضطرا، وأنه لم يترك تنظيم فتح ويتمسك بالبقاء فيه. في حين ينسب لمركزية فتح أن من يدخل في قائمة غير قائمة فتح المركزية يعني أنه قرر أن يفصل نفسه من فتح.
هذا الذي يجري وغيره، ينشر حالة من الحيرة في الشعب، ويجعل سؤال الشعب الأول: أين الصواب؟ وما الذي يخدم مصالح المواطنين؟ وهل الاختلاف في البدايات سيؤدي إلى اختلاف في النهايات؟
حسين الشيخ المقرب من عباس ووزير الشؤون المدنية، قال في تعقيبه على تصريحات القدوة: إن فتح أعظم وأكبر من قادتها، واستشهد بقوله تعالى: "فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض". وبعيدا عن المساجلات، نفهم أن فتح لديها الآن قائمتان في الانتخابات القادمة، وقد نرى قائمة ثالثة للتيار الإصلاحي الذي يقوده دحلان.
هذا التعدد لا يرغب فيه المواطن، ولا يحبذه، لا سيما أن كثيرًا من المواطنين كانوا يرغبون في قائمة مشتركة بين الكل الوطني، كمرحلة انتقالية تستعيد فيها جميع الأطراف الثقة المفقودة. المواطن متعب ولديه أولوية تتعلق بقضايا الحياة المختلفة وبالمشكلات المتراكمة، وهذا التعدد لا يعطيه الأمل بقرب ارتفاع التعب والألم عن كاهله.
ثقة المواطن حين تختلف الأحزاب تتراجع، فإذا كانت الانتخابات مدخلا للاستماع لرأي المواطن، فإن ما يجري في الميدان لا يقول هذا، بل يقول نقيضه!
عن صحيفة فلسطين الآن