سلط موقع
"
بلومبيرغ" الضوء على العلاقات التركية في قارة
أفريقيا، والتي يبدو
أنها تأثرت كثيرا بتداعيات جائحة
كورونا الاقتصادية.
وقال الموقع في تقرير
ترجمته "عربي21" إن فيروس كورونا قيد طموحات
تركيا في تطوير علاقاتها مع
الدول الأفريقية، رغم أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عمل كثيرا لإقامة تلك
العلاقات، لدرجة أنه ومنذ
توليه السلطة عام 2003 افتتحت تركيا 30 سفارة جديدة في القارة، وزار أردوغان نفسه
28 دولة أفريقية. كما أن حجم التجارة التركية ازداد خلال العقد
الماضي إلى سبعة أضعاف ووصل إلى 10 مليارات دولار.
وفي ما يلي نص
التقرير:
إن الدول
الأفريقية بحاجة لمساعدات من أجل مواجهة وباء فيروس كورونا والمشاكل الاقتصادية الناجمة
عنه، لكن الرئيس رجب طيب أردوغان غير قادر على تلبية مطالبها، رغم التأثير الذي عمل
على بنائه طوال العقد الماضي.
الرئيس
السنغالي ماكي سال ورئيس غينيا بيساو عمارو سيسكو إيمبالو، زارا أنقرة وعلى غير عادة
الرئيس الذي يحب الأضواء كان لقاؤه معهما بعيدا عنها.
صحيح
أن العلاقات التركية مع دول أفريقيا تطورت بدرجة لم يعد فيها زعماء الدول الأفريقية
بحاجة لاحتفاءات رسمية، لكن لقاء 30 كانون الثاني/ يناير والذي بدا هادئا ولم يتجاوز
التصريحات العادية والصور الجماعية لم يؤد للهدف الذي جاء من أجله الزعيمان الأفريقيان،
ولم يكن لدى أردوغان ما يقدمه لهما، فعلى الرغم من التأثير التركي في القارة والذي
توسع خلال السنوات الماضية إلا أن فيروس كورونا قيد قدرة تركيا على تقوية طموحاتها.
ففي
وقت يعاني فيه اقتصادها من ضغوط فإنها ليست في وضع لمنح المساعدة لدول الساحل والصحراء
الأفريقية التي كثف فيها أردوغان التنافس فيها مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وقبل كوفيد- 19 كان التوسع التركي في أفريقيا هو أهم إنجاز لأردوغان في السياسة الخارجية.
ومنذ
توليه السلطة عام 2003 افتتحت تركيا 30 سفارة جديدة في القارة، وزار أردوغان نفسه
28 دولة أفريقية. وربما كان التبادل التجاري التركي مع دول الصحراء الأفريقية صغيرا مقارنة مع الصين والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والهند إلا أن حجم التجارة التركية
ازداد خلال العقد الماضي إلى سبعة أضعاف ووصل إلى 10 مليارات دولار.
لكن
هذه الأرقام لا تعطي صورة عن حجم القوة التركية في هذه المنطقة، فبالإضافة للتجارة
والمصالح الأمنية فإنها تشتمل على القوة الناعمة. وأصبحت تركيا مزودا مهما للسلاح في
القارة. ولديها قواعد عسكرية في الصومال والسودان وتقدم الدعم المالي لنشاطات مكافحة
الإرهاب في منطقة الساحل. وتقوم شركات الإنشاءات التركية ببناء المطارات والسكك الحديدية.
وتسير الخطوط الجوية التركية رحلات جوية إلى دول الصحراء أكثر من أي شركة خطوط جوية
غير أفريقية.
ويسهم
الدعم التركي والمحسنون الدينيون الأتراك ببناء المدارس والمستشفيات والمساجد، ووصلت
المسلسلات الدرامية التركية إلى جماهير واسعة في أفريقيا. بل واشترت نوادي كرة القدم
التركية لاعبين من المنطقة.
إلا
أن فيروس كورونا أظهر محدودية التأثير التركي. وليس لدى أنقرة ما تقدمه لدول الصحراء
من أجل التعامل مع تداعيات الفيروس الاقتصادية. وعلى خلاف الصين والهند وروسيا فليس
لديها لقاحات لكي تقدمها لهذه الدول. ومقارنة مع أمريكا والاتحاد الأوروبي والصين أيضا
فليس لديها المال الكبير لمساعدة هذه الدول المثقلة بأعباء الديون.
وقررت
الحكومات المتعبة تقليل النفقات وتخفيض القروض من أجل التعامل مع آثار الفيروس، وهناك
عشرات الملايين من الأفارقة يواجهون خطر الجوع. وربما قررت هذه الدول تخفيض أو تعليق
المشاريع الضخمة التي تفضلها شركات الإنشاءات التركية. والدول الأخرى وبخاصة دول الخليج لديها المال الذي لا تملكه تركيا، فالإمارات العربية المتحدة التي تتنافس معها
تركيا في القرن الأفريقي تبرز كمركز للقاحات مما يعطيها نفوذا إقليميا إضافيا.
وهذا
لا يعني أن تركيا ليس لديها أوراق نفوذ لكي تلعبها، ففي الصومال التي حفرت فيها أنقرة
جذورا عميقة، يمكنها الاعتماد على امتنان الحكومة والدعم الشعبي للحفاظ على تأثيرها.
وتم تدريب معظم القوات الصومالية في قاعدة "تيركوصوم" في العاصمة مقديشو.
وتحتاج الدول الأفريقية للخبرات التركية خاصة في مجال السلاح. وتواجه إثيوبيا النقد
الغربي بسبب الحرب الأهلية في إقليم تيغراي، شمال البلاد وهي معنية بتعميق العلاقات
مع تركيا، لكن في غرب أفريقيا التي جعلها أردوغان مركز استراتيجيته الجريئة فدول الصحراء
التي تكافح للحصول على المساعدات قد تتجه نحو باريس وليس أنقرة.