نشرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية تقريرا سلطت فيه الضوء على الأزمات العديدة التي يعيشها لبنان والتي زاد انفجار بيروت من حدتها.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن اللبنانيين يعانون من الركود الاقتصادي، ووجدوا أنفسهم مجبرين على اللجوء إلى بنوك الطعام أو مغادرة البلاد، إن استطاعوا.
بعد سبعة أشهر من استقالته، اقترح القائم بأعمال رئيس الوزراء حسان دياب في نهاية الأسبوع الماضي التوقف عن إدارة الشؤون الجارية إذا كان ذلك قادرا على تسريع تشكيل الحكومة الجديدة لأن "لبنان على وشك الانفجار" على حد قوله.
ولكن على الرغم من عدم قدرتها على تقديم أي مخرج من الأزمة، إلا أن الأوليغارشية الطائفية تتمسك بالسلطة في ظل الانتظار الطويل لإعادة تشكيل علاقات القوة الإقليمية. بينما ما زالت المعارضة الجديدة بعيدة عن تغيير ميزان القوى.
باستثناء بعض المبادرات الخاصة، تظل آمال إعادة الإعمار غير واقعية. أصبحت بيروت مدمرة. كما تلاشت أسطورة "سوليدير"، وهي الشركة المسؤولة عن إعادة إعمار المركز، التي تم اعتبارها منذ فترة طويلة كرمز لإعادة إعمار البلاد بعد حرب 1975-1990. لبنان في حالة يرثى لها. واللبنانيون في حالة ذهول لأن الصدمات المتتالية التي تعرضوا لها كانت عنيفة للغاية.
أزمة وجودية
ذكرت الصحيفة أن عامر البساط، المحيط بتفاصيل الأزمات المالية والاقتصادية في العالم بما أنه يترأس قسم الأسواق الناشئة في صندوق الاستثمار بلاك روك، يصف تقاعس السلطات "بالإجرامي" .
وأضاف أن "الاقتصاد اللبناني تراجع بنسبة 26 بالمئة في عام واحد. هذا ما شهدته الولايات المتحدة مدة خمس سنوات خلال فترة الكساد الكبير.
بعد مرور قرن كامل، ما زالت التبعات الاجتماعية والسياسية واضحة هناك. من الواضح أن المجتمع اللبناني لن يخرج سالما من صدمة وجودية كهذه".
اقرأ أيضا : تواصل غضب لبنان.. حزب الله يهاجم وحديث عن تنافس مسيحي
تشهد البلاد التي تعيش مأزقا سياسيا اضطرابات اجتماعية وديموغرافية كبيرة. في ظل غياب نظام إحصائي موثوق، يصعب تحديد هذه التطورات، لكن الاتجاهات واضحة، مع تفاقم جذري في التفاوتات في بلد يعاني أساسا من هذه المشكلة حتى قبل هذه الأزمة.
استثمر فاحشو الثراء، بأعداد صغيرة جدًا، ثرواتهم في الخارج واستمروا في التمتع بنمط حياة فاخر. أما الفقراء الذين يمثلون أكثر من نصف السكان فهم مدعومون فقط من الشبكات الخيرية أو العائلية أو الجمعياتية أو الدينية. وبينهما، نجد طبقة وسطى آخذة في الاختفاء، إما لأنها أصبحت فقيرة أو لأنها هاجرت.
وبينت الصحيفة أنه في غضون أشهر، انخفض الحد الأدنى للأجور في لبنان إلى ما يعادل 67.50 دولارًا مقابل 450 دولارًا قبل الأزمة. وهو أدنى من مستوى سريلانكا على سبيل المثال، وهي دولة التحق كثير من مواطنيها منذ فترة طويلة بصفوف عاملات منازل في لبنان.
"إنقاذ الأرواح"
على الرغم من أنه ما زال بإمكانهم شراء الطعام ومداواة أنفسهم، إلا أن معظم اللبنانيين، الذين كانوا يعتبرون في السابق ميسوري الحال، مجبرون على التكيف بسرعة. يقول أحد أساتذة الاقتصاد: "لم يتبق لي سوى أربعة طلاب في صفي الدراسي بالجامعة الأمريكية".
تعتبر هذه الكلية رائدة في مجال التعليم العالي، وقد أصبحت باهظة الثمن بالنسبة للعديد من العائلات التي تسجل أبناءها هناك.
أما رندة البالغة من العمر خمسين عاما، فتقول: "أنا أستاذة جامعية بخبرة 23 عامًا. إن راتبي البالغ خمسة ملايين ليرة لبنانية يساوي الآن 420 يورو فقط. شراء الحد الأدنى من المقتنيات بات باهظًا، حتى في حال عدم وجود أطفال في العائلة.
لقد تراجعت عن طلب وجبة في المرة الأخيرة التي ذهبت فيها للانضمام إلى صديق في المطعم قبل الإغلاق. لا أستطيع حتى أن أتخيل ماذا سأفعل إذا تعطل جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بي".
كثير ممن يحملون جواز سفر أجنبيًا غادروا البلاد بالفعل. استمرت الكليات والمدارس الثانوية الباريسية في الترحيب بالطلاب اللبنانيين الجدد.
بينما تستقبل كندا بلا هوادة ملفات الهجرة. كان محمد مقتنعا بأنه لا مستقبل لعائلته في لبنان، لذلك أرسل زوجته وأطفاله الثلاثة إلى هناك عازما على الانضمام إليهم في غضون عام أو عامين.
لقد دفع كل ما يملك لتمويل هذه الرحلة، لكنه ما زال يكافح للتعامل مع الاضطرار إلى البدء من جديد في بلد أجنبي.
تعتبر الإمارات العربية المتحدة الوجهة المفضلة لأولئك الذين يمكنهم نقل نشاطهم، لا سيما في قطاع الخدمات والتمويل، وخاصة للمهنيين الشباب الذين يبحثون عن عمل لائق، من بينهم آندي خليل.
وقد سخر زملاء هذا المصرفي البالغ من العمر 23 عامًا منه عندما توقع اندلاع الأزمة وشارك في استضافة مجموعة من الاقتصاديين على تويتر تُعرف باسم النيردز.
كان واحدا من بين الذين شرحوا أسباب الكارثة قائلا من مقره في دبي: "أجرينا مناقشات على أعلى مستوى، لكن لم يقع القيام بأي إجراء عقب ذلك. لننقذ أرواحنا، هذا الخيار الوحيد المتبقي أماما".
FP: هل ستتحقق العدالة في جريمة اغتيال لقمان سليم؟
التايمز: مصفحات بريطانية للبنان لمراقبة حدوده مع سوريا