باشرت النيابة العامة بموريتانيا منذ الثلاثاء، الاستماع لعشرات المشمولين فيما بات يعرف بـ"ملفات فساد العشرية" في إشارة إلى الفترة التي تولى فيها الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز السلطة من 2009 إلى 2019.
ومن بين المشمولين في الملف، بالإضافة إلى الرئيس السابق ولد عبد العزيز، اثنان من رؤساء الحكومات في عهده، بالإضافة 11 من وزرائه وعدد من رجال الأعمال.
وقال مراسل "عربي21" في موريتانيا إن النيابة العامة استمعت مساء الثلاثاء وصباح اليوم لعشرات المشمولين في الملف، بينهم رئيس الوزراء الأسبق، يحيى ولد حدمين، فيما ينتظر أن يستمر مثول المشمولين في الملف حتى صباح غد.
ويوجد الرئيس السابق منذ الثلاثاء، لدى إدارة الأمن الوطني في نواكشوط، حيث من المرجح أن يحال ضمن مجموعة من المتهمين للنيابة العامة في وقت لاحق من مساء الأربعاء.
أبرز التهم
وكان البرلمان الموريتاني أصدر في حزيران/ يونيو الماضي تقريرا، تضمن اتهامات بالفساد وإهدار للمال العام أثناء إدارة صفقات عمومية تمت في عهد الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز.
وحقق البرلمان الموريتاني في تسيير عدد من الملفات خلال فترة حكم الرئيس السابق تشمل صندوق العائدات النفطية وعقارات للدولة تم بيعها في نواكشوط.
ومن أبرز الملفات نشاطات شركة "بولي هونج دونج" الصينية وصفقة للإنارة العامة بالطاقة الشمسية، وصفقة تشغيل رصيف الحاويات بميناء نواكشوط وتصفية الشركة الوطنية للإيراد والتصدير (حكومية).
اقرأ أيضا : ضيف "عربي21": مقابلة مع نائب سابق لرئيس برلمان موريتانيا
وعقب صدور التقرير البرلماني أوقفت الشرطة في آب/ أغسطس الماضي، الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز قبل أن تفرج عنه بعد أسبوع من توقيفه على ذمة التحقيق.
في غضون ذلك استمعت شرطة الجرائم الاقتصادية إلى عشرات الوزراء والمسؤولين السابقين، قبل أن يتم استدعاؤهم الثلاثاء، للمثول أمام النيابة العامة.
إقالة المتهمين
وبادر الرئيس الحالي محمد ولد الغزواني، بإقالة عدد من المسؤولين الحكوميين ممن وردت أسماؤهم في الملف الذي بات يعرف محليا بـ"ملف فساد العشرية".
وأقال ولد الغزواني الثلاثاء، الوزير الأمين العام للحكومة "جا مختار ملل" من منصبه إثر ورود اسمه في قضايا فساد، كما أقال مدير الشركة الوطنية للصناعة والمناجم (حكومية) ومدير شركة تسويق الأسماك (حكومية) للسبب ذاته.
تصفية سياسية
وقال رئيس فريق الدفاع عن الرئيس السابق، المحامي محمد ولد إشدو، إن ما يجري "منذ الثلاثاء ليس إحالة مشتبه بهم أمام القضاء؛ بل عملية سياسية تم حبكها وتنظيمها من أجل تصفية عهد بأكمله والإصرار على جر جميع رموزه أمام شرطة الجرائم الاقتصادية، وتلطيخ سمعتهم بتهم واهية لا أصل لها ولا فرع ولا دليل".
وقال في تصريح أرسله لـ"عربي21": "ما حدث يشكل إهانة لكوكبة من خيرة أبناء وبنات الوطن، وللشعب الموريتاني وللوطن الذي يرى ويسمع - بكل مرارة- رموزه وأبطاله وقادته الذين خدموه بجد وإخلاص، ورفعوا رأسه أمام العالم بعد نكبته الطويلة، يسحلون ويهانون في مخافر الشرطة".
وأضاف: "أكدنا أكثر من مرة بطلان تقرير لجنة التحقيق البرلمانية واستحالة متابعة المستهدفين في هذا الملف من طرف النيابة بقوة القانون" مشيرا إلى أن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز يتمتع بحصانة مطلقة بقوة المادة 93 من الدستور.
لكن رئيس فريق المحامين عن الطرف المدني (الدولة) في ملف الفساد إبراهيم ولد أبتي، قال إن الملف وصل مرحلة الاتهام ويسير بشكل طبيعي بعد إحالته رسميا إلى القضاء.
وأضاف في تصريحات لوسائل إعلام محلية: "ننتظر قرارات وكيل الجمهورية بوصفه الوحيد المخول قانونيا بتوجيه الاتهامات إلى المشمولين في هذه القضية".
محاسبة المفسدين
وفي أول رد سياسي على تطورات الملف، عبر حزب "الاتحاد والتغيير الموريتاني" عن أمله في أن تتحقق العدالة لكل المشمولين في الملف دون حيف أو غبن.
وأكد في بيان وصلت نسخة منه لـ"عربي21" على ضرورة "محاربة الفساد والوقوف بكل حزم في وجه المفسدين".
وعبر الحزب عن ارتياحه لإقالة كافة المشمولين في الملف واستدعائهم وإحالتهم إلى القضاء، مضيفا أنه يثق في القضاء الموريتاني "وقدرته على البت بكل نزاهة وحياد فيما بات يعرف بملف العشرية".
ورفض سياسيون وأمناء أحزاب تواصلت معهم "عربي21"، التعليق على مجريات التوقيف بداعي بدء سريان إجراءات التقاضي وعدم جواز التعليق عليها لكونها لا زالت منظورة دون صدور حكم بات نهائي.