ينذر استهداف سلطات الاحتلال الإسرائيلي المتواصل للمرجعيات الدينية في مدينة القدس المحتلة وخاصة تلك التي تدافع عن المسجد الأقصى المبارك؛ بوجود معركة مركزية لم تنته بعد، ما يتطلب بحسب مختصين، ضرورة التفاف وتكاتف الجميع لإفشال خطط الاحتلال الساعية إلى اقتطاع أجزاء من المسجد الأقصى.
واعتقلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي رئيس الهيئة الإسلامية
العليا في مدينة القدس المحتلة، وخطيب المسجد الأقصى، الشيخ عكرمة صبري (82 عاما)، من
منزله في حي الصوانة بمدينة القدس المحتلة الأربعاء، وخضع لتحقيق مطول في سجن المسكوبية
الإسرائيلي، قبل الإفراج عنه بعد ساعات من اعتقاله.
وعن سبب الاعتقال والتحقيق مع خطيب الأقصى، أوضح المحامي
المهتم بقضايا القدس والأقصى، خالد زبارقة، أن "التهمة التي وجهت للشيخ عكرمة
صبري من قبل سلطات الاحتلال، هي دعوته إلى قراءة كتاب في باب الرحمة بالمسجد الأقصى،
حيث يعتبر الاحتلال هذه الدعوة مخالفة للقانون الإسرائيلي".
ولفت في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن "اعتقال
الشيخ والسبب الذي يقف خلف ذلك يثير الاهتمام"، مبينا أن "الشيخ كان ينوي
قراءة كتاب "السراج الوهاج في ازدواج المعراج" من تأليف العلامة ابن ناصر
الدين الدمشقي، في ذكرى الإسراء والمعراج، وإجازة كل من يسمع قراءة هذا الكتاب في باب
الرحمة"، وهي الذكرى التي بدأت من مغرب يوم الأربعاء وتستمر حتى فجر الخميس
27 رجب 1442هـ الموافق 11 آذار/ مارس الجاري".
وأكد زبارقة المقيم في الداخل الفلسطيني المحتل عام
1948، أن "الاعتقال جاء على خلفية هذه الفعالية، والاحتلال يعتبر أن هذه الفعالية
في باب الرحمة ممنوعة، كون هذه المنطقة مغلقة بأمر من سلطات الاحتلال".
اقرأ أيضا: اعتقالات بالضفة تطال خطيب الأقصى.. واقتحامات للمستوطنين
واعتبر أن "جرأة الاحتلال على الاعتداء على المسجد
الأقصى وأحد رموزه الشيخ عكرمة، تعدت كل الحدود، وهذا يدل على أن المنطقة الشرقية من
الأقصى ومنطقة باب الرحمة، توجد الآن في خطر شديد".
ونبه المحامي الفلسطيني، إلى أن "سلطات الاحتلال تتعامل
مع هذه المنطقة التي هي جزء من الأقصى على أنها منطقة إسرائيلية، ويتصرفون فيها كتصرف
المالك في ما يملك، مع التأكيد على أنهم لا يملكون أي شرعية أو سيادة عليها؛ لأنهم قوة
احتلال قانونا، وأيضا حسب المواثيق الدولية خاصة تلك التي وقعت بين الاحتلال والمملكة
الأردنية الهاشمية".
وشدد على خطورة ما قامت به قوات الاحتلال من اعتقال خطيب
الأقصى، مؤكدا أنه "اعتداء صارخ على قدسية المسجد الأقصى وعلى منطقة باب الرحمة
بشكل خاص، واعتداء كبير على رمزية الشيخ الذي يعتبر رمزا للأقصى، خاصة في ذكرى الإسراء
والمعراج".
وحذر زبارقة من التداعيات الخطيرة لمخططات وأطماع الاحتلال
بالمسجد الأقصى المبارك، الذي "ينتظر الفرصة لإغلاق مصلى باب الرحمة من جديد كمرحلة
أولى، إضافة إلى الانقضاض على المنطقة الشرقية بما فيها باب الرحمة لتحويلها إلى منطقة
يهودية بالكامل".
معركة متواصلة
من جانبه، رأى الباحث في شؤون مدنية القدس زياد ابحيص،
أن اعتقال الاحتلال لرئيس الهيئة الإسلامية العليا في مدينة القدس يأتي في سياقين:
الأول؛ الاحتلال لم يسلم بنهاية معركة باب الرحمة، رغم أن هبة المقدسيين تمكنت من فتحه
واستعادته كمصلى".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "الاحتلال
حاول منع تكريس فتح باب الرحمة، باعتقال الحراس والمواطنين المتضامين معهم، ولكنه سلم
في معركة طول النفس في هذا الموضوع، وحاول أيضا أن يمنع تكريس فتحه كمصلى، ومن أجل
ذلك كان يخرج الأثاث، وحاول إغلاق باب الرحمة؛ عبر الضغط على دائرة أوقاف القدس أو
التفاوض؛ وهذا المسعى ما زال قائما".
وأوضح ابحيص، أن "الاحتلال يحافظ على موقفه بعدم
الاعتراف بباب الرحمة كمصلى، بأن هناك قرارا قضائيا إسرائيليا بشأن باب الرحمة، وهذا
القرار يجب أن يمشي ويعلو، ومن أجل ذلك قام باعتقال الشيخ والتحقيق معه، على اعتبار
أنه يخالف قرار القضاء الإسرائيلي، والشيخ عكرمة لم يعترف بهذا القرار، وهو يعتبر أن
باب الرحمة جزء لا يتجزأ من الأقصى المبارك".
ولفت إلى أن "الشيخ عكرمة ومنذ سنوات وبشكل دقيق منذ آذار/ مارس الماضي، وهو يخط موقفا متميزا في الدفاع عن الأقصى ومصلى باب الرحمة، والواضح أنه يمر في مرحلة حسم وتصفية"، مبينا أن "التصدي للدفاع عن الأقصى يترتب عليه أثمان، ومعظم المرجعيات تركت الشيخ في المقدمة يدفع الثمن وحده، وهو الذي تصدى لهذا الموقف التاريخي في الـ 82 من عمره، لذلك فهو أكثر شيخ يبعد عن الأقصى ويمنع من الخطابة فيه، وأيضا يعتقل".
اقرأ أيضا: بحريني يعيد "مخطوط القسطلاني" للأقصى بعد نهبه لسنوات
وتابع: "وكأن الأمر في حال تعب الشيخ عكرمة، قد
انتهى، وهذا يتطلب التفافا شعبيا حوله، إضافة إلى حضور والتفاف المرجعيات الدينية تحديدا
في القدس وفي العالم العربي والإسلامي، ولا تترك الشيخ وحده منفردا في المقدمة، وألا
ترتضي أن تتفرج على هذا المشهد أو تحافظ على بعض المكتسبات، فالحفاظ على المسجد الأقصى
دونه كل شيء، فهذه معركة مركزية".
وشدد الباحث على أهمية ألا يمر اعتقال الشيخ عكرمة مثل أي اعتقال، لأن
"هناك معركة قائمة عنوانها اقتطاع مصلى باب الرحمة والمنطقة الشرقية من الأقصى،
والشيخ عكرمة هو رأس حربة في هذه المعركة"، منبها إلى ضرورة "مواصلة هذه
المعركة حتى إفشال مساعي الاحتلال، فلا خيارات في هذا الموضوع ولا حلول وسطا".
اعتقالات بالضفة تطال خطيب الأقصى.. واقتحامات للمستوطنين
عكرمة صبري يدعو لمشاركة واسعة في "أسبوع الأقصى العالمي"
السلطة الفلسطينية تطلب من "الجنائية" تحقيقا بجرائم الاحتلال