نشر موقع "
دي سي نيوز" الروسي تقريرا تحدث فيه عن تخلي بروكسل عن قرار فرض
عقوبات ضد مديري مؤسسة البترول التركية، على خلفية أعمال التنقيب غير القانونية في شرق البحر المتوسط.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"؛ إن أحد الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي صرح لوكالة "رويترز"، بأن الديبلوماسية أولوية بالنسبة للاتحاد الأوروبي، بينما أفاد آخر بأن مناقشة مسألة العقوبات لم يبدأ بعد.
في كانون الأول/ ديسمبر، أعلنت بروكسل اعتزامها فرض عقوبات ضد مسؤولين في مؤسسة البترول التركية، وقد لقي قرار فرض العقوبات تأييدا من طرف اليونان وقبرص وفرنسا، بينما اتخذت ألمانيا وإيطاليا موقفا متحفظا؛ بسبب رغبتهما في التمسك بالعلاقات التي تجمعهم مع تركيا.
وذكر الموقع أنه مع فرض إدارة دونالد ترامب المنتهية ولايته في كانون الأول/ ديسمبر عقوبات على تركيا بسبب شرائها منظومة أس-400 الدفاعية الروسية، شهدت سياسة أنقرة تغيرا مفاجئا؛ أدرك
أردوغان أن الوقت قد حان للتقليل من حدة المواجهة مع الاتحاد الأوروبي، وزيادة الضغط الدبلوماسي على البروكسل. وفي التاسع من كانون الثاني/ يناير، عقد رجب طيب أردوغان مؤتمرا عبر الفيديو، مع وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.
بعد المحادثات، أعلن المكتب الصحفي للرئيس التركي عن رغبة أردوغان في فتح صفحة جديدة في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي في العام الجديد. وفي 22 كانون الثاني/ يناير، زار وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو بروكسل، حيث التقى جوزيب بوريل ورئيس المجلس الأوروبي تشارلز ميشيل.
وأورد الموقع أن أردوغان اغتنم فرصة إصابة نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بفيروس كورونا للاتصال به، ووضع حدّا للتوتر في العلاقات. وقد بعث أردوغان برسالة إلى نظيره الفرنسي متمنيا له الشفاء العاجل، واقترح عليه مناقشة كيفية مكافحة الوباء بشكل مشترك، فضلا عن التطرق إلى العلاقة التي تجمع البلدين.
ولكن فحوى الرسالة يتعارض بشكل صارخ مع تصريحات أردوغان في الخريف ردا على الحرب التي شنها ماكرون ضد "الإسلام السياسي"، أي مع الأئمة الأتراك في فرنسا الذين اعتبرهم أداة لنشر التطرف بين المسلمين الفرنسيين. من جهة أخرى، شكل الصراع في ناغورني كاراباغ أحد عوامل توتر العلاقات التركية الفرنسية، بسبب دعم الجانبين جهات مختلفة؛ حيث دعمت تركيا أذربيجان، بينما وقفت فرنسا في صف أرمينيا، بما في ذلك خلال تمرير قرار في البرلمان، يدعو الحكومة إلى الاعتراف باستقلال المنطقة المتنازع عليها.
وأشار الموقع إلى تقاطع مصالح البلدين في ليبيا، حيث ساعدت تركيا حكومة الوحدة الوطنية بقيادة فايز السراج المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، بينما دعمت فرنسا ضمنيّا القوات الموالية لحفتر. مع ذلك، يبدو أن تركيا قررت التغاضي عن جميع هذه التناقضات في الوقت الحالي من أجل تطبيع العلاقات مع الاتحاد الأوروبي. كما نجحت أنقرة أيضًا في إثبات قدرتها على التفاوض للأوروبيين، وبشكل أساسي مع اليونان وقبرص، وهما البلدان اللذان وقفت بروكسل إلى جانبهما.
اتهم وزير الدفاع التركي خلوصي أكار اليونان بالرغبة في إشراك الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في نزاعهما الثنائي. وفي الوقت الذي تواجه فيه تركيا تهديدا بعقوبات من جانب الاتحاد الأوروبي وحزمة من التدابير التقييدية من طرف واشنطن، تسعى أنقرة إلى تسوية الخلاف مع اليونان؛ أملا في تحقيق مصالحة مع الإدارة الأمريكية الجديدة.
شبح صراع جديد مع روسيا
نتيجة للسياسة التي اتبعتها تركيا مؤخرا، تراجع الاتحاد الأوروبي عن قرار فرض العقوبات عليها، وقد بات جليا للعيان تخلي اليونان وفرنسا عن المطالبة بفرض عقوبات ضد تركيا، اقتداء بألمانيا بشأن مسألة التسوية الدبلوماسية البناءة لجميع النزاعات، بينما عارضت الولايات المتحدة ذلك.
وأوضح الموقع أن التوصل إلى اتفاق في الوقت الحالي، سيكون خير دليل على مدى فعالية الدبلوماسية التركية من جهة، وعلامة على تعويل
أوروبا والولايات المتحدة على حل الصراع بطرق سلمية مع أحد حلفاء الناتو من جهة أخرى. وهذا يعني أيضا أن الاتحاد الأوروبي لا يستطيع المخاطرة بخسارة حليف، ناهيك عن اتفاقيات التجارة والهجرة المبرمة بين الطرفين، التي تقلل بشكل كبير من تدفق اللاجئين إلى الجزر اليونانية.
من السابق لأوانه الجزم باستئناف الاتحاد الأوروبي وتركيا الحوار بشأن انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، غير أنه من الواضح أن أنقرة عادت مجددا إلى المعسكر الغربي. ونتيجة لذلك، قد تطرأ بعض التغييرات على العلاقات الروسية التركية.
وفي تقرير نشرته صحيفة "عرب نيوز"، تنبأ الخبير السياسي زيد بلباجي بحدوث صراع بين روسيا وتركيا، قائلا إن "الصراع أمر لا مفر منه". وإلى جانب تصالح تركيا مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، قد يؤدي استياء روسيا من تركيا بسبب سياستها في سوريا وليبيا وناغورنو كاراباغ إلى تصعيد جديد في العلاقات.