رغم تعهد رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، بتنظيم الاستفتاء على مسودة الدستور قبل تنظيم الانتخابات في 24 كانون الأول/ ديسمبر المقبل، إلا أن رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح يؤكد استحالة ذلك تقنيا.
لم يبق لموعد الانتخابات الرئاسية
والبرلمانية سوى نحو 9 أشهر، وإلى الآن لم يتم تحديد موعد الاستفتاء على مسودة الدستور،
ولم يُصدر مجلس النواب القوانين المنظمة للانتخابات.
ويصر المجلس الأعلى للدولة
(نيابي استشاري) على "إجراء الاستحقاق الدستوري المُنجز من قِبل الهيئة التأسيسية
لصياغة مشروع الدستور المنتخبة، بالإضافة إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية
الجديدة في موعدها المحدّد على أسس قانونية سليمة ومتينة".
غير أن مجلس النواب منقسم بين
مؤيد لتنظيم الاستفتاء قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وداعٍ لتأجيله إلى ما
بعد الانتخابات لضيق الوقت.
انتهاء المهلة
كما أن مهلة 60 يوما التي منحها
ملتقى الحوار السياسي والبعثة الأممية لمجلسي النواب والدولة، لإقرار قانون للاستفتاء
على الدستور انتهت في 20 شباط/ فبراير الماضي، ما يحيل الأمر للأعضاء الـ75 لملتقى
الحوار، وهو ما لم يحدث حتى الآن.
وأكثر المتشائمين بإمكانية إجراء
الاستفتاء على مسودة الدستور قبل موعد الانتخابات، هو السايح، الذي يرى أن البلاد ضيعت
فرصتها لتنظيم الاستفتاء إلا إذا قررت تأجيل الرئاسيات والبرلمانيات إلى نهاية
2022.
ويقول السايح، في تصريح صحفي،
إن "توقف مسار القاعدة الدستورية المؤدية لانتخابات الـ24 من ديسمبر استنزاف للوقت
المحدد لإجراء الانتخابات"، في إشارة إلى ضرورة طي صفحة الاستفتاء إلى ما بعد
الانتخابات.
وفي خطوة إجرائية حدد السايح
نهاية تموز/ يوليو المقبل، آخر موعد لتسلم قوانين الانتخاب، ليكونوا جاهزين لإجراء
الانتخابات في موعدها.
اقرأ أيضا: WP: كيف يمكن لأمريكا مساعدة الحكومة الليبية الجديدة؟
لكن البعثة الأممية والمجتمع
الدولي وحتى مجلس النواب، مصممون على تنظيم الانتخابات في 24 ديسمبر المقبل دون تأجيل،
ورئيس حكومة الوحدة التزم أمام النواب بتحقيق هذا الهدف.
ولتجاوز الإشكال الدستوري الذي
ستجرى على أساسه الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، شكلت البعثة الأممية لجنة دستورية
ضمت 10 أعضاء من مجلس النواب ومثلهم من المجلس الأعلى للدولة، واستبعدت لجنة صياغة
الدستور المنتخبة.
وعقدت اللجنة حتى الآن ثلاثة
اجتماعات في مصر؛ الأول جرى في أيلول/ سبتمبر 2020، والثاني في كانون الثاني/
يناير الماضي، أما آخرها فجرى في شباط/ فبراير الماضي.
ورغم أن أغلبية أعضاء اللجنة
الدستورية كانوا يميلون إلى إجراء الاستفتاء قبل الانتخابات، واتفقوا على إنجازه عبر
الأقاليم الثلاثة (طرابلس وبرقة وفزان)، شرط حصوله على نسبة 50 بالمئة+1 في كل إقليم،
إلا أن الاجتماع الأخير توصل إلى خيار آخر.
وتم الاتفاق في 12 فبراير،
على اعتماد مشروع الدستور من مجلس النواب بعد الموافقة عليه شعبيا، أو إقراره كقاعدة
دستورية بالاتفاق بين مجلسي النواب والدولة حال تعذر الاستفتاء.
لا توافق
وبالنظر إلى صعوبة عرض مسودة
الدستور على الاستفتاء الشعبي دون أن يؤثر ذلك على موعد الانتخابات في 24 ديسمبر، فإن
الخيار الثاني يبدو عمليا وإن لم يكن مثاليا.
إذ أن مسودة الدستور التي صاغتها
لجنة الستين المنتخبة، تحت ضغوط عدة جهات، لا تحظى بتوافق تام بين أطراف النزاع، بالإضافة
إلى معارضة ممثلي الأقليات مثل التبو والأمازيغ لها.
لذلك فمن المرتقب أن يتم التصديق
على مسودة الدستور على مستوى مجلس النواب وبالتوافق مع المجلس الأعلى للدولة، ليكون
بمثابة المرجع الدستوري الذي يحتكم إليه المختصمون.
وستمهد هذه الخطوة لإصدار مجلس
النواب قانون الانتخابات، بينما قد يؤجل إصدار قانون الاستفتاء إذا لم تعرض مسودة الدستور
على الشعب.
ففي سبتمبر 2018، صوّت نحو
30 نائبا على ما سموه قانون الاستفتاء، لكن نوابا آخرين اعترضوا عليه لعدم حصوله على
النصاب الكافي، ما أدى إلى عدم اعتماده.
ومن المرجح أن تساعد أجواء المصالحة،
النواب في إصدار قانون الانتخابات قبل نهاية يوليو المقبل، كما اشترطت اللجنة العليا
للانتخابات، لبدء التحضيرات، بينها استدعاء الهيئة الناخبة.
وفي حالة أخفق مجلس النواب مجددا
في إصدار قانون الانتخابات في آجاله المحددة، فسنكون أمام سيناريو إحالة الأمر إلى
الأعضاء الـ75 لملتقى الحوار.
اقرأ أيضا: المفوضية الليبية: تعديل الإعلان الدستوري لازم لإجراء انتخابات
وتحرص البعثة الأممية التي يقودها
يان كوبيتش، على احترام موعد 24 ديسمبر، وهو ما تختلف بشأنه لجنة صياغة الدستور، التي
ما فتئت تطالب بإجراء الاستفتاء قبل أي انتخابات، حتى لو تطلب الأمر تأجيلها.
وتمكنت لجنة صياغة الدستور من
إنجاز مهمتها في يوليو 2017، بعد ثلاث سنوات من انتخابها في فبراير 2014، لكن المسودة
لاقت انتقادات عدة من مجلس النواب الذي أبدى رغبة في تعديلها، الأمر الذي عارضته اللجنة. إذ تضمنت مواد جدلية من شأنها إعاقة ترشح اللواء المتقاعد خليفة حفتر للرئاسة.
فالمرحلة المقبلة من المرتقب
أن يتم فيها اعتماد مسودة الدستور بالتوافق بين مجلسي النواب والدولة، دون عرضها على
الاستفتاء، ثم إصدار قانون الانتخابات، والذهاب مباشرة لإجراء الانتخابات الرئاسية
والبرلمانية في موعدها، ما يعني أن الرئيس والبرلمان القادمين ستكون لهما فرصة إعادة
صياغة مسودة الدستور قبل عرضها على الاستفتاء الشعبي.
ترقب جلسة منح الثقة للحكومة الليبية.. وحفتر يحاول التعطيل
ماذا يحمل تحذير السراج من التواصل مع سلطة ليبيا الجديدة؟
ما تأثير فضيحة "رشاوى الملتقى" على منح الثقة للحكومة الليبية؟