أثار قرار رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، عبدالحميد
الدبيبة، إلغاء جميع القرارات والإجراءات الصادرة عن حكومتي الوفاق والمؤقتة، مؤخرا بعض
الأسئلة حول دلالة الخطوة ومدى قانونيتها وما إذا كانت ستتسبب في إشكالية وانقسامات.
وقرر الدبيبة إلغاء جميع قرارات السراج والثني ووزاراتهما
والجهات التابعة لهما وذلك اعتبارا من تاريخ منح البرلمان الثقة للحكومة الجديدة في
10 آذار/ مارس 2021، والعمل بالقرار من تاريخ صدوره وإلغاء كل حكم يخالفه وحث الجهات
المعنية على تنفيذه"، وفق نص القرار.
وأصدر كل من رئيس حكومة الوفاق السابقة، فائز السراج، وكذلك
رئيس ما تسمى بالحكومة المؤقتة "غير معترف بها دوليا" عبد الله الثني، عدة
قرارات وتعيينات لبعض الشخصيات في مناصب دبلوماسية وإدارية، وأصدر بعض وزراء الحكومتين
تغييرات لبعض الإدارات والشخصيات داخل الوزارات".
"مبررات قانونية ومنطقية"
من جهته، أكد عضو مجلس النواب الليبي، جبريل أوحيدة، أن
"مدى قانونية أو أهمية القرارات التي ألغتها الحكومة الجديدة هو الذي يحدد مصيرها،
فإذا ما كانت قد صدرت بالمخالفة أو من منطلق انتهازي أو محاباة، فبالتأكيد من حق واختصاص
السلطة التنفيذية القائمة إعادة النظر فيها واتخاذ ما يلزم بشأنها خدمة للمصلحة العامة".
وأشار خلال تصريحات لـ"عربي21" إلى أن "توقيت
صدور هذه القرارات التي جاءت في الوقت الضائع ما زال مثيرا للجدل والريبة، وبالتأكيد
لدى رئيس حكومة الوحدة الوطنية مبررات قانونية ومنطقية لما اتخذه بشأنها، وفي النهاية
يجب أن يكون القضاء هو الفيصل في مصير هذه القرارات إذا ما لجأ إليه المتنازعون"،
وفق قوله.
"جدل قانوني قادم"
في حين أوضح عضو مجلس الدولة الليبي، علي السويح، أن
"قرارات السراج والثني تسمى قرارات الوقت بدل الضائع وعادة لا تخضع لأي معايير
مهنية أو وظيفية ولا لأي مقومات للعدالة، ويستفيد من هذه القرارات الحاشية المقربة
والتي لها ولاء لهما".
وأضاف لـ"عربي21": "على الصعيد الشخصي أؤيد
إلغاء هذه القرارات كونها تشكل عبئا على الدولة، لكن من ناحية قانونية فقد يسبب الإلغاء
جدلا كبيرا للأسف وذلك لأن متخذيها لم يكن لديهم حس المسؤولية في إصدار هذه القرارات"،
بحسب تقديراته.
"سياق طبيعي"
ورأى المتحدث السابق باسم رئيس حكومة الوفاق الليبية، محمد
السلاك، أن "خطوة الإلغاء جاءت في سياق طبيعي يتماهى مع الأطر القانونية والدستورية
ومخرجات جنيف الأخيرة، ومنذ لحظة منح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية أصبحت هي السلطة
الرسمية المعتمدة".
وتابع: "ومنذ إعلان منح الثقة من قبل البرلمان لحكومة
الوحدة الوطنية أصبحت هي الجهة المعنية بشكل حصري بإصدار القرارات والتعيينات ومختلف
الأنشطة الحكومية ويقتصر عمل السلطات السابقة على تسيير الأعمال إلى حين إجراء عملية
الاستلام والتسليم"، بحسب تصريحه لـ"عربي21".
رأي قانوني
مدير إدارة الشؤون القانونية بالهيئة الوطنية الليبية لمكافحة
الفساد، مجدي الشبعاني، أكد أن "قرار رئيس حكومة الوحدة الوطنية أمر صائب ولا حرج
عليه من الناحية القانونية، خاصة أن القرارات الصادرة مؤخرا باتت وكأنها تكريم من
الحكومتين السابقتين لأنصارهما بالمخالفة للقوانين واللوائح المنظمة خاصة وزارة الخارجية،
وهذا ما أكدته الأجهزة الرقابية بمراسلاتها التي وجهتها لرئيس الوزراء الجديد".
واستبعد الشبعاني في تصريح لـ"عربي21" أن تحدث
خطوة إلغاء القرارات والتعيينات أي إشكالية أو انقسامات كون القرارات المتخذة معيبة
كونها صادرة من حكومة تصريف أعمال لإحداث تغيير بمراكز قانونية هامة وحساسة تحتاجها
الحكومة القادمة، وأيضا لكل حكومة رؤية في من تراه مناسبا وملائما للعمل بتلك المناصب"،
كما أوضح.
وقال الباحث السياسي الليبي، علي أبو زيد، لـ"عربي21":
"أعتقد أن الدبيبة يحاول السيطرة على المؤسسات ذات الطابع المالي المهم، أو التي
توفر لشاغليها امتيازات كبيرة، والسراج أصدر قرارات لبعض المقربين منه كمكافآت نهاية
خدمة، أو ليضمن لبقايا اللوبي التابع له البقاء في موقع التأثير".
وأوضح أن "الدبيبة يدرك هذا جيدا وهو يحاول أن يضمن
تحكمه في السلطة التنفيذية بشكل كامل من خلال إلغاء هذه القرارات، أما الإشكالية أو
الصعوبة فقد تكمن في استدراك التعيينات المتعلقة بالبعثات الدبلوماسية التي اعتمدت، وهو
ما قد يسبب حرجا للحكومة في حال رفض المعنيين الامتثال لها"، كما قال.
اقرأ أيضا: حصري: المنفي لم يطلب سحب قوات تركيا.. هذا ما اتفق عليه
أبرز التحديات التي تواجه ليبيا في الذكرى الثانية لهجوم حفتر
ما الذي يجعل ملف المرتزقة في ليبيا يستعصي على الحل؟
هل يعجل اغتيال الورفلي برحيل حفتر عن المشهد الليبي؟