سياسة عربية

فلسطينيو 48 يعتبرون نشر "المستعربين" محاولة إخضاع

عنصر من المستعربين خلال قمع شبان فلسطينيين بإحدى المواجهات في الضفة- جيتي

أثار قرار الاحتلال الأخير نشر وحدات من المستعربين في الأراضي المحتلة عام 1948؛ حالة استياء عامة في أوساط الفلسطينيين الذين اعتبروها محاولة إخضاعهم تحت اسم مكافحة العنف والجريمة.

وكانت مصادر إسرائيلية ذكرت أن شرطة الاحتلال ستنشر وحدات مدربة من المستعربين في البلدات الفلسطينية في الداخل؛ لمكافحة ظاهرة العنف، وأن أفرادها كانوا شاركوا في عمليات خاصة ضد الفلسطينيين في الضفة والقدس المحتلة.

وأضافت المصادر أن هذه الوحدة ستضم بين صفوفها فلسطينيين من تلك البلدات؛ لتجنيدهم وتدريبهم على مكافحة الجريمة، وهو الأمر الذي قوبل برفض فلسطيني لمحاولات الاحتلال ضم أبنائهم في صفوف الوحدات الخاصة المستعربة.

عضو حزب الوفاء والإصلاح في الداخل الفلسطيني، زاهي نجيدات، قال لـ"عربي21" إن العلاقة بين الاحتلال وفلسطينيي الداخل مبنية على الريبة، بل هناك محطات أوضحت لكل عاقل أن المؤسسة الإسرائيلية تعتبر المجتمع الفلسطيني في الداخل عدوا تماما كباقي أجزاء الشعب الفلسطيني.

وأوضح أن مثال ذلك مجزرة كفر قاسم التي ارتكبها عام 1956، ومجزرة يوم الأرض 1976، وهبة القدس والأقصى عام 2000.

وأكد أن حزبه أعرب في بيان عن ارتيابه من نشرهم، معتبرا أن مصطلح "مستعربون" يثير الاشمئزاز والنفور في نفوس الفلسطينيين، لاسيما أن هذه الوحدة أذاقتهم الويلات وجرّعتهم المرار كبارا وصغارا، حسب قوله.

وأكد أن الشرطة الإسرائيلية استأصلت عصابات الإجرام بين أوساط المجتمع اليهودي؛ لأنها ملكت الإرادة التي هي بالتالي إرادة المؤسسة الإسرائيلية، وفعلت ذلك دون اشتراط فتح مراكز شرطة أو الإعلان عن الاستعانة بـ"حرس الحدود" أو المستعربين، بخلاف الاشتراطات التعجيزية التي توضع في المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل.

وأضاف: "باعتقادي أن هذه محاولة لتحسين صورة هذه الأجهزة؛ من أجل محاولة استمالة أبنائنا لهذه الوحدة سيئة الصيت، أو لجهاز الشرطة الإسرائيلي، أو لسائر الأجهزة التي ترصدنا، وما أكثرها!".


وأكد أن نشرها سيكون فقط من باب الترويض والتماهي كون " الهدف النبيل" هو محاربة عصابات الإجرام، ولكن الحقيقة أن المراد هو الأسرلة والترويض، مبينا أن الاحتلال يريد الفلسطينيين في الداخل مجتمعا متناحرا مفككا ومنشغلا بذاته، دون أن تكون له القدرة على الاهتمام بالقضايا والهموم الوطنية الكبرى.

وتابع قائلا: "كلي أمل أن يكون داخلنا الفلسطيني عصيا على هذه المحاولات المسمومة والرامية إلى سلخه عن ثوابته القِيَمِيَّة والوطنية، والتي ما توقفت منذ النكبة وإلى يومنا هذا".

مشاريع مشبوهة

قرار نشر وحدات المستعربين جاء بموجب قرار اتخذه المفتش العام الجديد للشرطة الإسرائيلية، كوبي شبتاي، قائدا لوحدة حرس الحدود، والقائد الحالي للوحدة، أمير كوهين، وفي الأيام القليلة الماضية انطلقت أول دورة تدريبية للضباط الذين سينضمون إلى الوحدة الجديدة.

 

 

اقرأ أيضا: وزير إسرائيلي سابق يهاجم الإسلام وينكر وجود الفلسطينيين


وستعمل وحدة "المستعربين" الجديدة، التي سيتم إنشاؤها، مثل سابقاتها، تحت إشراف وحدة "حرس الحدود" الشرطية، التي تعمل على مراقبة وحماية "حدود إسرائيل" وخطوط المواجهة والموانئ الجوية والبحرية، وتعمل على تنفيذ العمليات بالمشاركة والتنسيق مع الجيش الإسرائيلي، ومن المقرر أن تبدأ عملها خلال أشهر معدودة. وسيعمل عناصرها تحت ستار "سكان محليين" في البلدات العربية.

الناشط السياسي في حركة أبناء البلد، لؤي الخطيب، قال لـ"عربي21" إن الفلسطينيين بطبيعة الحال دائما يتعاطون مع المشاريع السلطوية على أنها مشاريع مشبوهة، متسائلا: "فكيف إذا كان الحديث عن مشروع يتعلق بالمؤسسة الأمنية التي نال الفلسطينيون الكثير من سياساتها الإجرامية الوحشية؟!".

واعتبر أن إقامة وحدة مستعربين بحجة محاربة العنف ما هو إلا استهداف للفلسطيني، والتضييق عليه، ومنعه من رفع رأسه، حيث يعلم تماما كيف تعمل الشرطة الإسرائيلية التي هي جزء من المؤسسة الأمنية، والتي تتعامل مع العربي ووجوده كخطر أمني.

وتابع:" قتلت شبابنا بالشوارع وبالحارات، وحتى أمام بيوتهم، وحتى في أثناء دراستهم، كشهيد طمرة أحمد حجازي".

ورأى أن وحدة كهذه ستستغل لتطويق الفلسطينيين؛ لمنعهم من أخذ دورهم في مكافحة الجريمة، مبينا أن الشرطة هي جزء من المشكلة وليست جزءا من الحل.

وأضاف: "تحديدا وحدات المستعربين هي من قتلت شبابنا، وقمعتهم في المظاهرات، واعتدت عليهم واعتقلتهم، هذا هو دورها، فما الذي تغير لتكون وحدة كهذه أداة لمحاربة العنف؟".


واتهم الخطيب سلطات الاحتلال باستغلال قضية الجريمة التي تملك خيوطها، وأغرقت المجتمع الفلسطيني بها لتدخل المزيد من المشاريع المشبوهة لتكملة ما تقوم به مجموعات الإجرام؛ أي أن الفلسطينيين أمام مخطط حكومي جديد يأتي في سياق محاصرة القوى الوطنية، وإرهابها، وملاحقتها، وليس ملاحقة المجرمين الذين يتجولون بقرانا ومدننا برعاية سلطوية.

وحول الحديث عن محاولة دمج الشبان الفلسطينيين بهذه المشاريع، قال الخطيب إن الهدف منه فقط هو المزيد من تفسيخ الهوية الجماعية لهم، وتحويلهم لمجموعات متناحرة، تقتل بعضها البعض، وتفتك ببعضها البعض.

وأضاف:" ما يدعو للأسف أن من بين سياسيينا أعضاء كنيست عرب أعلنوا دعمهم لمثل هذه الخطط الحكومية، ولم يمانعوا بأن تفتتح محطات شرطوية، ويندمج شبابنا بها، وأصحاب هذا الطرح هم على هامش شعبنا لا يمثلون موقف الأغلبية الساحقة التي ترفض هذه المشاريع، وترفض افتتاح مراكز شرطوية، لا بل وتتظاهر أمام محطات الشرطة، وتطالب بإغلاقها وطردها من قرانا".

وأوضح أن أقرب مثال حي على ذلك هو الحراك الفحماوي الموحد، الذي يواظب منذ أسابيع على التظاهر أمام مركز شرطة أم الفحم، ويطالب بطردها من المدينة، لافتا إلى أن الحراك استطاع فعلا أن يمنع الجريمة ويلجمها ويحاصرها، الأمر الذي عجزت عنه الشرطة؛ لأنها الراعية له.

وختم قائلا: "باختصار، شعبنا يدرك أن مواجهة الجريمة ستأتي من صلبه، وعبر مبادرات وطنية، ولا تعويل إطلاقا على أي مخطط حكومي؛ فنحن نتعامل مع الشرطة والمؤسسة الإسرائيلية كمسؤولة عن كل الجرائم، بل راعية لها".