في تطور لافت، نفذت طائرة مسيرة مفخخة بمادة "تي إن تي" هجوما على مطار أربيل استهدف قاعدة لقوات التحالف الدولي، دون وقوع خسائر بشرية، الأمر الذي يشكل فصلا جديدا من فصول الهجمات التي تستهدف المنطقة الكردية في شمال العراق.
وعلى خلفية ذلك، شدد رئيس حكومة الإقليم، مسرور البارزاني، بضرورة الانسحاب الفوري من حدود إقليم كردستان لأي جماعات مسلحة لا تعمل ضمن قوات الأمن العراقية الرسمية، في إشارة إلى فصائل الحشد الشعبي المنتشرة في المناطق المحاذية للإقليم.
التصعيد الأخير، أثار تساؤلات عديدة بخصوص خيارات إقليم كردستان في التصدي للهجمات المتكررة التي تطالها أراضيها، وهل تنذر هذه التطورات في رد عسكري من البيشمركة الكردية، في حال لم تنسحب الجماعات المسلحة من حدود الإقليم؟
عودة للتنسيق
من جهته، قال المحلل السياسي الكردي طارق جوهر، لـ"عربي21"، إن "موضوع الاستهداف حساس جدا، والتي تكررت أكثر من مرة في المدة الأخيرة بسبب انتشار السلاح بيد المليشيات والجماعات المسلحة غير القانونية، وهذا الموضوع أثر على زيادة التوتير في المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل".
ولم يستبعد جوهر "وجود أطراف خارجية (لم يسمها) تسعى إلى ذلك التصعيد؛ حتى تحقق أهدافا سياسية، وخلق مشاكل جديدة بين بغداد وأربيل؛ حتى لا يتوصل إلى تطبيق الاتفاقيات بين الطرفين".
اقرأ أيضا: هجوم بطائرة مسيرة يستهدف مطار أربيل شمالي العراق
وحمّل المحلل السياسي الكردي الحكومة العراقية "مسؤولية إنهاء الفجوة بشكل سريع بين الجيش العراقي والبيشمركة، وإعادة العمل بالتنسيق العسكري والأمني الذي كان سائدا في السابق، خاصة إدارة ملف المناطق المتنازع عليها".
ورأى جوهر أنه "لا يمكن السيطرة على هذه المناطق وفرض الأمن فيها من دون لجنة ومراكز مشتركة بين البيشمركة والجيش العراقي، لذلك كلما تمكن الجيش والحكومة العراقية من السيطرة على الملف الأمني ووضع السلاح بيد الدولة والضغط على المليشيات وتقليص عددها، تقلصت هذه العمليات التي تزعزع الاستقرار والأمن".
وأعرب عن اعتقاده بأنه "لا تزال هناك إمكانية للسيطرة على الوضع، لكن بحاجة إلى تحرّك سريع من حكومة الكاظمي التي تتحمل المسؤولية كاملة في توفير الأمن وزيادة التنسيق والتعاون بين الجهات الأمنية في بغداد وأربيل".
وبخصوص الجهة التي تقف وراء قصف مقر للحشد الشعبي في الموصل على حدود الإقليم، قال جوهر: "هناك أطراف خارجية من مصلحتها عدم وجود تنسيق وتعاون بين بغداد وأربيل والجيش والبيشمركة وحتى الحشد الشعبي؛ لذلك يحاولون استغلال الصراعات والخلافات".
"ضربة موجعة"
لكن الباحث في الشأن السياسي العراقي، أحمد المنصوري، قال لـ"عربي21"، إن "إقليم كردستان في وضع لا يحسد عليه كونه أصبح أحد الأهداف للمليشيات الموالية لإيران، مثلما تفعل مع السفارة الأمريكية في بغداد والقواعد العسكرية في عموم العراق".
وأضاف المنصوري قائلا: "لكن الفارق بين إقليم كردستان والحكومة العراقية في بغداد، أن أربيل لن تبقى صامتة حيال زعزعة أمنها الداخلي، فهي تضم استثمارات أجنبية وعربية كبيرة، ولا يمكن التفريط بها، لذلك أتوقع ردا عسكريا على الهجمات".
اقرأ أيضا: استئناف الملاحة بمطار أربيل العراقي بعد هجوم بطائرة مسيرة
وأوضح أن "الرد العسكري ربما يكون بضربة جوية موجعة تنفذها قوات التحالف الدولي بمعلومات من الأجهزة الأمنية الكردية، كما حصل في المرة السابقة عندما كانت الضربة في سوريا ضد كتائب حزب الله العراقي في شباط/ فبراير 2021".
ولم يستبعد المنصوري أن "ترد قوات البيشمركة بشكل مباشر أيضا على مجاميع تابعة للحشد الشعبي في المناطق المحاذية للإقليم في نينوى، وكركوك، وديالى، لأن الولايات المتحدة ستكون إلى جانبهم في حال أي صراع يندلع بين الحشد الشعبي والقوات الكردية".
ونوّه إلى أن "الأحزاب السياسية في إقليم كردستان والسلطات في أربيل لن يسمحوا بأن تحول المليشيات أراضيهم إلى منطقة للصراع الإيراني مع الولايات المتحدة، فالأمور أمامهم مكشوفة، ويعرفون من يستهدفهم ولماذا".
وكان رئيس حكومة إقليم كوردستان، قد أكد بعد التواصل مع رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي ومسؤولين في بغداد، أن "أعضاء الجماعة الإرهابية المسؤولة عن هذا الهجوم سيُحاسبون على أعمالهم".
وبعد تصريحات البارزاني، تعرضت مواقع للحشد الشعبي، الخميس، إلى قصف صاروخي جديد شمال الموصل، في قرية باريما قرب منطقة الشلالات شمال الموصل، تسبب بإصابة أحد عناصر الحشد الشعبي، في إحدى قرى ناحية برطلة شرق الموصل.
تصعيد خطير
وفي السياق ذاته، اتهم السياسي الكردي ووزير الخارجية العراقي الأسبق، هوشيار زيباري، في تغريدة، "مليشيا" بأنها خلف الهجوم، دون تسميتها.
وندد زيباري بالهجوم، معتبرا أن "الجهة التي تقف خلفه هي نفسها التي نفذت هجوم 15 شباط/ فبراير الماضي الصاروخي على المطار".
وكتب زيباري على حسابة في "تويتر" قائلا: "يبدو أن المليشيا نفسها التي استهدفت المطار قبل شهرين تعاود الكرّة. هذا تصعيد ملموس وخطير".
وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2020، أحرق مئات من مؤيدي الحشد الشعبي مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني في بغداد، بعد انتقادات وجهها زيباري العضو في الحزب.
وقصف الطائرة المسيرة الأخير، جاء بعد نحو شهرين من هجوم صاروخي استهدف مجمعا عسكريا في المطار، تتمركز فيه قوات أجنبية تابعة للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لدعم العراق لمكافحة تنظيم الدولة، وسقط فيه قتيلان بينهم متعاقد مدني أجنبي يعمل مع التحالف.
وتبنت الهجومَ مجموعة تطلق على نفسها "سرايا أولياء الدم" بالعراق، وقالت إنه "استهدف مركزا لعمليات الموساد بأربيل، وخلف خسائر في الأرواح والمعدات".
وردا على ذلك، شن الجيش الأمريكي في 26 شباط/ فبراير 2020 غارات استهدفت منشآت تابعة لجماعات مدعومة من إيران شرق سوريا، حيث أفاد مسؤولون أمريكيون بأن الضربات تهدف إلى إرسال إشارة مفادها أن واشنطن تريد معاقبة الجماعات المتشددة، لكنها لا تريد أن ينزلق الوضع إلى صراع أكبر.
قوى ترفض إعلان مرشحيها.. هل ينجح العراق بتأمين الانتخابات؟
موقع فرنسي: قوات أمريكا بالعراق تستخدم النفط الإيراني المهرب
رسالة الكاظمي لإيران.. هل تردع المليشيات أم تنذر بالمواجهة؟