بعد مرور 24 ساعة على الهجوم الصاروخي الذي استهدف المنطقة المحيطة بمفاعل ديمونا النووي في صحراء النقب جنوب فلسطين المحتلة، خرجت تفسيرات إسرائيلية متباينة إزاء الحادث، فضلا عن التشكيك برواية الجيش.
وعلق الجنرال عاموس
يادلين، الرئيس السابق لمعهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، والقائد الأسبق لجهاز
الاستخبارات العسكرية- أمان، أن "ما حصل ليس ردا إيرانيا على تفجير منشأة
نطنز النووية، لأن الساحة متوترة للغاية،
وإذا ربطنا الهجومين ببعضهما، فهذه ساحة حساسة للغاية، خاصة بسبب القضية النووية،
لذلك عندما شوهد صاروخ ينطلق ليلا باتجاه ديمونا، فقد أشعل كل المصابيح
الحمراء".
وأضاف يادلين لصحيفة
يديعوت أحرونوت، ترجمته "عربي21"، أننا
"أمام صاروخ قديم من الثمانينيات يستخدمه السوريون من حين لآخر ضد الطائرات الإسرائيلية،
لقد صمم هذا الصاروخ ضد طائرات النقل، وأصاب طائرة نقل روسية قبل ثلاث سنوات، لقد طار
هذا الصاروخ مئات الكيلومترات، ولكن إذا لم يصطدم بالطائرة، فقد كان يعتزم
اعتراضها، وإذا لم يسقطه الدفاع الجوي، فإنه يسقط في نهاية المدى في هذه الحالة بمنطقة
ديمونا".
وطالب يادلين "بإجراء
استجواب المنظومات الدفاعية الإسرائيلية عن سبب سقوط الصاروخ، ولماذا حدث ما حدث،
لأننا لا نعرف ما الذي حصل، رغم أن جميع المنظومات الإسرائيلية لديها فرص إصابة
عالية جدا بين 85-90٪، وأحيانا بنسبة 95٪ في ظل الظروف المثلى، وعندما يتم إطلاق
20 صاروخا على إسرائيل، فهناك احتمال أن يخترق صاروخ أو صاروخان هذه المنظومات الدفاعية،
ولو في منطقة حساسة".
رون بن يشاي، الخبير
العسكري، دعا "لإجراء تحقيق فيما حصل"، قائلا إن "الحدث يحتاج لدراسة متعمقة، وهي خطوة
ستستغرق بضعة أيام، لأن الصواريخ الروسية التي بحوزة السوريين قادرة على الوصول لنطاقات
تصل مئات الكيلومترات، وتشكل تهديدا حقيقيا للطائرات الإسرائيلية، أو تلك التي
في طريقها لإسرائيل في شرق البحر المتوسط".
وأضاف بن يشاي في مقال
بصحيفة يديعوت أحرونوت أيضا، ترجمته "عربي21"، أن "قوات سلاح الجو تجري تحقيقا لتعلم الدروس، والتأكد من أن النتيجة ستكون أفضل
في المرة القادمة، خشية تكرار الأعطال ذاتها في منظومة الاعتراض، لأنه في الفترة الماضية
تم إطلاق "Arrow
2" لاعتراض صاروخ SA-5، وكان على وشك السقوط في إسرائيل، والاعتراض بشظايا
الأسهم التي سقطت وقتها على مستوى مدينة إربد في الأردن".
وأشار إلى أن "أي حادث
غير عادي من هذا القبيل يعدّ ظاهريا فرصة لسلاح الجو لقضم النظام الكثيف
والمتطور لاعتراض الصواريخ والطائرات الذي قدمته روسيا لسوريا، لكن الروس في عجلة
من أمرهم لتزويد بطاريات صواريخ جديدة، وأكثر تقدما، بدلا من تلك المدمرة، ما
يجبر إسرائيل على المضي قدما، ويمكن استخدام بعضها كصواريخ أرض-أرض غير دقيقة،
ذات قدرة تدمير محدودة".
وأوضح أن "السوريين
يدركون جيدا حقيقة أن إطلاق صاروخ SA-5 على طائرة في المجال الجوي الإسرائيلي سيؤدي
إلى رد فعل، لكن الصاروخ الذي أطلق هذه المرة من جنوب دمشق مر فوق القدس ومناطق
حساسة أخرى، حتى سقط في قلب النقب، وقد رصدت أنظمة الإنذار والكشف للدفاع الجوي
الصاروخ، وقامت بشكل صحيح بتقييم مكان سقوطه، قرب مستوطنة أبو قرينات البدوية في
النقب، وحذرت منه".
وختم بالقول إن "حدث
الليلة يوضح مدى انفجار المنطقة، وأن أي عمل عسكري قد يتطور الأمر إزاءه في اتجاهات
مختلفة وغير متوقعة، رغم أنه ليس لدى إسرائيل أي نية أو رغبة في تصعيد الموقف، وهذه أيضا نية حلفاء إيران والنظام في سوريا وحزب الله في لبنان".
أمير بوخبوط، المحلل
العسكري، قال إنها "ليست المرة الأولى التي يتم فيها إطلاق الصاروخ المضاد
للطائرات من سوريا على إسرائيل، ففي أكتوبر 2017، أطلق مثل هذا الصاروخ على طائرات
مقاتلة تابعة لسلاح الجو، ونفذت عمليات روتينية في سماء لبنان لأغراض استخبارية،
ثم ردت الطائرات المقاتلة على إطلاق الصاروخ، وهاجمت بطارية الصاروخ".
وأضاف في تقرير نشره موقع
ويللا، ترجمته "عربي21"، أن "السوريين
أطلقوا 20 صاروخا على طائرات سلاح الجو الإسرائيلي، أصابت إحداها، وأسقطت طائرة من
طراز إف16 في الأجواء الإسرائيلية، ووقعت حادثة ثالثة في سبتمبر 2018، حيث أطلقت
بطاريات SA-5 السورية صواريخ على طائرات إسرائيلية، لكنها
أصابت وأسقطت بطريق الخطأ طائرة نقل روسية من طراز إليوشن 20، تحطمت الطائرة
الروسية فوق البحر المتوسط، وقتل الجنود الروس بداخلها،
وفي حالة أخرى في حزيران 2019 وقع حادث آخر".
روني دانيئيل، محلل
الشئون العسكرية في القناة 12، ذكر أنه "بما أن المنظومة الدفاعية
الإسرائيلية لم يكن لديها اعتراض مناسب لهذا الصاروخ، وفي ذلك الوقت بالذات، فقد
قرروا في الميدان محاولة اعتراضه بوسائل أخرى، دون أن يكو بالضرورة عطلا".
وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أننا "أمام حادثة غير عادية بعد
هجوم ناجح على أطراف دمشق، ثم أطلقت سلسلة متنوعة من الصواريخ المضادة للطائرات
على طائرات سلاح الجو، وهذا الصاروخ بالذات شق طريقه جنوبا، رغم أن المدى الذي وصل
إليه 200 كيلومتر، ومع ذلك فإن الجيش الإسرائيلي يحوز مجموعة متنوعة من البطاريات
والوسائل لاعتراض الصواريخ، لكنها غير متوفرة، في أي مكان، وفي أي موقف".
وأشار إلى أن
"المنظومة الدفاعية التي تحوزها إسرائيل تتمثل في نظام اعتراض غير ملائم لهذا
النوع من الأهداف، لذلك كانت هناك معضلة حول ما إذا كان يجب الرد أم لا، وفي
النهاية تقرر إطلاق النار من أجل السلامة بشيء لم يكن مناسبا تماما للتهديد،
وبالتالي لم يصب أيضا، لكن طالما أن هذا ليس عطلا، فمن الواضح أنها محاولة
لاعتراض الصاروخ الضال بوسائل لم يتم تكييفها بالكامل لهذا الغرض، لكنها فشلت".
اقرأ أيضا: تقرير: إيران تطور ترسانة أسلحة متطورة تحت الأرض بسوريا
الاستخبارات الإسرائيلية توسع تدريب عناصرها على "الفارسية"
خلافات أمنية وعسكرية إسرائيلية حول طرق الرد على إيران
"يديعوت": كوماندوز إسرائيلي هاجم سفينة "ساويز" الإيرانية