شكلت الأخبار
الواردة من إقليم بني شنقول قمز غربي في إثيوبيا، حيث يقع سد النهضة مصدر قلق بعد سيطرة
جماعة مسلحة على إحدى المقاطعات هناك.
وقالت لجنة حقوق
الإنسان الإثيوبية، قبل أيام؛ إن جماعة مسلحة سيطرت على مقاطعة سيدال في منطقة كماشي
التابعة لإقليم بني شنقول قمز غربي البلاد، مشيرة إلى ارتكابها أعمال قتل بحق مدنيين،
وخطفت موظفين عموميين.
وأضافت اللجنة،
وهي لجنة حكومية، أنها تلقت تقارير عن أن مقاطعة سيدال "تحت سيطرة شبه تامة لجماعة
مسلحة منذ 19 نيسان/ أبريل".
وتفجر العنف
العرقي في إقليم بني شنقول قمز في الشهور القليلة الماضية، وتسكن المنطقة جماعات عرقية
مختلفة، منها قمز وأجاو وشيناسا وأمهرة، وشهدت تزايدا في الهجمات الدامية على المدنيين.
وتصارع إثيوبيا
لاحتواء أعمال عنف عرقي وسياسي في مناطق عديدة بما فيها جماعتا أورومو وأمهرة، أكبر
جماعتين عرقيتين قبل الانتخابات العامة المقررة في حزيران/ يونيو.
ما قصة بني شنقول
وعن الوضع التاريخي
لهذا الإقليم، يقول نقيب الصحفيين السودانيين، الصادق الزريقي: "هذا الإقليم كان
يتبع السودان تاريخيا قبل أن يقتطع منه، وهناك تداخل قبلي بين أبناء هذا الإقليم ومناطق
السودان في النيل الأزرق وجنوبه، حيث تسود هناك الثقافة العربية والإسلامية، وتكمن المشكلة
في أن الإقليم يعاني من التهميش من السلطة المركزية في أديس أبابا، وهو إقليم مضطرب
أمنيا ومنذ الحرب في إقليم تيغراي كانت هناك معارك مسلحة".
وأوضح رئيس اتحاد
الصحفيين الأفارقة لـ"عربي21" أن الإقليم "يعاني من ضعف التنمية والمشاركة
السياسية، ولكن بعد الشروع في بناء سد النهضة القريب من السودان ضمن نطاق الإقليم (بني
شنقول)، طالب المواطنون بتعويض الأهالي الواقعة قراهم في محيط بحيرة السد، وأن الانتفاع
من السد يجب أن يكون من أولوياته الإقليم وتطويره، لذا فإن القضية هي قضية سياسية اجتماعية
تنموية".
وفيما يتعلق
بالاضطرابات هناك وهل تفجرت أو فُجرت عن قصد، لم يستبعد الزريقي إثارتها من قبل دول
خارجية، وأكد أن "هناك مخاوف إثيوبية من اختراق هذا الإقليم من قبل المخابرات
المصرية أو السودانية والتهديد الحقيقي للسد لا يأتي عبر عمل عسكري مباشر، في إشارة
إلى التهديدات المصرية السابقة، إنما بتفجير الأوضاع من الداخل ودعم متمردي بني شنقول
ضد السلطة المركزية في أديس أبابا، من أجل تعطيل عملية الملء الثاني أو بناء السد نفسه".
هوية الجماعات
المسلحة
وفيما يتعلق
بهوية الجماعة المسلحة التي سيطرت على أجزاء من الإقليم المضطرب، قال الصحفي والمحلل
السياسي الإثيوبي، أنور إبراهيم؛ إن "البيان الصادر عن لجنة حقوق الإنسان الإثيوبية
لم تذكر لمن تتبع تلك الجماعة المسلحة، ولكن المنطقة هناك (بني شنقول) يوجد فيها عدد
من الجماعات والحركات المسلحة منذ القديم".
ولكنه أشار في
حديثه لـ"عربي21" إلى وجود تطور وحراك مسلح كبير جدا، "وحتى اللحظة
لا توجد أي تفاصيل أخرى حول هوية الجماعة المسلحة وأهدافها".
وبشأن المخاوف
من امتداد سيطرة الجماعات المسلحة إلى منطقة سد النهضة، أكد إبراهيم "أن منطقة
كماشي في مقاطعة سيدال، ليست قريبة من سد النهضة
كما أشيع، ومن ثم لا تشكل أي خطورة حقيقية"، لافتا إلى أنها "تقع ما بين
عاصمة الإقليم أصوصا ومناطق غرب أوروميا، وتخضع أجزاء منها بالأساس لسيطرة الجماعات
المسلحة ( جبهة تحرير أورومو)".
قضية السد لتوحيد
الإثيوبيين
على الجانب المصري،
حذرت الخبيرة في الشؤون الأفريقية، نائب رئيس تحرير صحيفة الأهرام، أسماء الحسيني،
من تأثير الاضطرابات عموما وفي بني شنقول خصوصا على استقرار إثيوبيا، وقالت:
"هذه منطقة كثير من سكانها يعتقدون أنها يجب أن تعود للسودان، وقد ضمتها بريطانيا
إلى إثيوبيا عام 1902 ولكن تاريخيا هي تتبع السودان، وهناك تحركات أثيرت في هذا الصدد
على وقع وجود نزاعات عرقية وسياسية متعددة في أكثر من مكان".
وأكدت في تصريحات
لـ"عربي21" أن "ما يجري هناك هو أمر خطير ويهدد استقرار إثيوبيا والسلم والأمن في الإقليم كله، وقد أشار رئيس الوزراء الإثيوبي في اجتماع المجلس الوطني، السبت،
بأصابع الاتهام لجهات داخلية وخارجية لم يحددها تقف خلف التوتر وإثارة الفوضى في إثيوبيا،
وهذه الاتهامات مجهلة، ولا يمكن إطلاق الاتهامات على عواهنها دون دليل".
ولم تستبعد الحسيني
استخدام القيادة السياسية في إثيوبيا قضية سد النهضة "كأداة من أجل توحيد الإثيوبيين،
أو أداة سياسية لمعركة الانتخابات المقبلة على الأبواب، ولكنها لن تفلح لأن هناك قضايا
سياسية حقيقية في الداخل يجب حلها، وسد النهضة هو سد تنموي كان يجب أن يكون هناك توافق
أكبر عليه كي تتفرغ إثيوبيا لمواجهة مشاكلها ولا تفتعل أو تفتح الباب أمام مشكلة أخرى؛ لأن ذلك سوف يفاقم من تعقيد مشاكلها الداخلية ولن يحلها".
اقرأ أيضا: ما إمكانية استغلال أزمات إثيوبيا الداخلية لإنهاء أزمة السد؟
هل نسف شكري خط السيسي الأحمر بتصريحه عن الملء الثاني؟
تصاعد خلاف سد النهضة.. هذه تفاصيل الأزمة منذ البداية
هل يردع التحذير الأمريكي إثيوبيا ويوقف خططها بملف النهضة؟