صحافة دولية

FP: هجمات إسرائيل على "النووي الإيراني" لم تكسر طموح طهران

عمليات التخريب المتعددة فشلت في إقناع إيران بالتخلي عن طموحها لإنتاج القنبلة النووية- جيتي

نشرت مجلة "فورين بوليسي"، تقريرا لأنشال فوهرا، ترجمته "عربي21"، قالت فيه إن الهجمات المذهلة التي نفذتها إسرائيل ضد البرنامج النووي الإيراني لم تفعل الكثير لكي تحد من طموحات إيران النووية، مع أن كل هجوم يصلح لأن يكون موضوع مسلسل إثارة جاسوسي.

 

وتشير الكاتبة إلى أن هذه الهجمات رغم براعتها لكنها استراتيجيا لا تدوم، مشيرة إلى تعرض مفاعل نطنز في 11 نيسان/إبريل لهجوم أدى لانقطاع التيار الكهربائي في أشهر المفاعلات النووية الإيرانية.

 

وتوقفت النشاطات في المفاعل لعدة أسابيع حسب مسؤولين إيرانيين (نحو تسعة أشهر) حسب المخابرات الإسرائيلية والأمريكية.

 

وهذا هو الهجوم الثالث الذي يتعرض له المفاعل والثاني هذا العام، ففي تموز/يوليو انفجرت أجزاء من المفاعل وطالت جزءا يتم فيه إنتاج أجهزة طرد مركزي جديدة مما أخر البرنامج لعدة أشهر، ويقول الخبراء إن الهجومين نفذا باختراق داخلي.


ويعود الهجوم الأول إلى عقد حيث تم استهداف نطنز من خلال عملية إلكترونية "ستاكسنت" التي عطلت ألفا من بين خمسة آلاف جهاز طرد مركزي. وأدى هذا الهجوم إلى تأخير البرنامج النووي مدة 18 شهرا. 


وفي شهر تشرين الثاني/نوفمبر اغتيل محسن فخري زادة الذي يعتقد أنه العقل المدبر للبرنامج قرب طهران باستخدام سلاح تم تفجيره عن بعد.

 

وتم اغتيال سبعة علماء إيرانيين آخرين منذ عام 2007. ولم تؤكد إسرائيل أو تنف أيا من هذه الهجمات ولكنها اعترفت فقط بسرقة أرشيف المشروع النووي من طهران في 2018، والذي كشف كما تقول إسرائيل عن خطط فخري زادة السرية لتطوير السلاح النووي وخرق شروط الإتفاقية النووية الموقعة في عام 2015.

 

وأبطأت العمليات السرية الإسرائيلية الجهود الإيرانية. ويعتقد المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون أنها الطريقة الوحيدة لاحتواء الطموحات الإيرانية.

 

ويقولون إن إحياء الإتفاقية النووية لن يردع إيران عن عمليات التخصيب بل سيكافئها. ويناقشون أن رفع العقوبات عن إيران سيسمح لها ببيع النفط وملء خزينتها الفارغة وتمويل ميليشياتها المتعددة بالمنطقة.

 

ويرون أن الضغوط الاقتصادية والعسكرية هي الطريقة الوحيدة لإكراه إيران على الحد من نشاطاتها الإقليمية.

 

اقرأ أيضا : صحيفة: أمريكا مستعدة لرفع العقوبات عن قطاعات إيرانية مهمة

 

ويخالف الكثيرون هذه المواقف قائلين إن عمليات التخريب المتعددة فشلت في إقناع إيران بالتخلي عن طموحها لإنتاج القنبلة أو إقناع إدارة جوزيف بايدن بالضغط من أجل صفقة متشددة في المحادثات الأخيرة.

 

ولم توفق إيران أو الولايات المتحدة حول العودة لشروط الاتفاقية في فيينا، بل وردت طهران بزيادة معدلات التخصيب من 20% إلى 60% مما قرب المدة الزمنية لبناء القنبلة.


وقال علي فائز، مدير برنامج إيران في مجموعة الأزمات الدولية، إن عمليات التخريب الإسرائيلية أخرت ولم تحد من النشاطات النووية الإيرانية.

 

وأضاف: "حال تواصلت عمليات التخريب، فسيتقوى ساعد المتشددين الذين يدفعون باتجاه إنتاج القنبلة". وقال: "التخريب والعقوبات قادت فقط إلى نمو مطرد للبرنامج النووي الإيراني" و"تؤخره فقط الدبلوماسية".

 

ويدافع يوسي كوبرواسر، الجنرال المتقاعد في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية عن العمليات السرية التي تعبر عن جهود شاملة وتضم ضغوطا اقتصادية وخيارات عسكرية: "هذه سياسة طويلة الأمد ومن العبث السؤال كل يوم حول نجاح السياسة" و"في هذا الوقت، تخدم العمليات السرية لتوضيح أن هناك طرقا أخرى للتعامل مع البرنامج النووي الإيراني بدلا من شراء الوقت لضمان طريق آمن لوصول إيران إلى الترسانة النووية".

 

وتقول الصحيفة إن معارضة إسرائيل للإتفاقية نابعة من كونها لم تمنع إيران من تخصيب اليورانيوم بمستوى 90% بعد 2031 ولم تشمل الصواريخ الباليستية التي قد توجه ضدها.

 

ويقول الإسرائيليون إن الإتفاقية ليست حلا سحريا لمعركتها مع إيران وقد تجلب الميليشيات الشيعية قريبا من حدودها.

 

وعلى خلاف دونالد ترامب الذي لم يتوقف عن تحقيق أمنيات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو فبايدن ليس مستعدا للعب نفس الدور.

 

وربما هدفت العمليات الأخيرة أكثر من التخريب بل وكانت موجهة للولايات المتحدة وإقناعها بعدم مواصلة المحادثات في فيينا، وربما توفير ورقة نفوذ لإدارة بايدن لكي تستخدم عدم قدرة إيران على حماية منشآتها والحصول منها على تنازلات.

 

وتخشى إسرائيل من عودة الولايات المتحدة للاتفاق كما هو، ومن هنا فالعمليات الأخيرة هي رسالة لبايدن أنها تستطيع ضرب الجهود النووية الإيرانية، قبل أم أبى. 


وترى سنام وكيل من تشاتام هاوس في لندن أن النشاطات الإسرائيلية مصممة للضغط على إدارة بايدن لمعالجة النشاطات الإيرانية في المنطقة.

 

وقالت: "لا يتطلع فريق بايدن في الوقت الحالي لتغيير الإتفاقية ولكن الهدف هو عودة إيران للالتزام ووقف التقدم في برنامجها".

 

واستبعدت أن تكون إدارة بايدن تبحث عن تنازلات لتخفيف مظاهر القلق الإسرائيلي. وأضافت أنه في حالة نجاح هذا فسيكون الهدف مع مرور الوقت هو تقوية وإطالة أمد الاتفاقية وتحديد جدول زمني وإضافة بنود جديدة قد تعالج موضوع الصواريخ الباليستية. 


وتطالب إيران الولايات المتحدة بالعودة أولا إلى الصفقة وبعدها ستوقف الخطوات التي اتخذتها. ويقول سيد حسين موساويان الخبير في أمن الشرق الأوسط والسياسة النووية بجامعة برنستون إن إيران واصلت التزامها بالإتفاقية حتى بعد عام من خروج ترامب منها. ومن هنا فالمسؤولية تقع على عاتق أمريكا حتى تظهر حسن النية. 

 

وفي النهاية فلن يترك التخريب والعقوبات الاقتصادية المطولة إلا أثرا تكتيكيا من خلال إضعاف مقايضة إيران على طاولة المفاوضات بشأن برنامجها النووي، والسؤال الإستراتيجي المهم هو متى تفهم إسرائيل والولايات المتحدة أن أيا من الأسلوبين لن يؤديا إلى حل دائم للمأزق مع إيران.