يشهد عالم التواصل الاجتماعي الافتراضي تناميا لسوق "شراء المتابعين"، في سباق جنوني على الشهرة التي بات "عدد اللايكات" محددها الرئيسي؛ لا نوع المحتوى وجودته.
ومن المثير للصدمة في هذا السياق حصول شخصيات "وهمية"، غير حقيقية، على ما يقارب الثلاثة ملايين متابع على منصة مثل إنستغرام، كالشهيرة "lilmiquela" مثلا.
ووصل الأمر إلى مشاهدي البث المباشر على "يوتيوب"، حيث أصبح من الممكن شراء مشاهدين وهميين يزيدون عدد متابعي البث.
وتعمل إعلانات المنصات على قدم وساق لإثارة نهم المستهلك لشراء المتابعين بدرجة تصل إلى الهوس، وهم يكررون على مسامعك: كم عدد متابعيك على إنستغرام؟ ماذا عن حضورك في فيسبوك؟ لماذا لا تستفيد ماديا من وجودك على منصات التواصل؟ هل تريد أن تكسب المزيد من المتابعين؟ كلما زاد عدد متابعيك صرت قادرا على تحقيق إيرادات مالية أكبر! وفي سبيل ذلك عليك أن تدفع وتدفع، لتبقى فكرة زيادة عدد المتابعين لا تغيب عن الأذهان.
إن موضوع شراء المتابعين على منصات التواصل قديم كما أشار الخبير في الإعلام الرقمي عبد اللطيف نجم، موضحا بأن "شراء المتابعين موجود بشكل أساسي على يوتيوب وتويتر وإنستغرام أكثر من غيرها من المنصات ومنذ عدة سنوات".
وبدوره، أكد الخبير في التسويق الإلكتروني ومنصات التواصل الاجتماعي، طارق الجزائري، مسألة شراء متابعين عبر يوتيوب، لكنه نفى إمكانية شراء متابعين وهميين للبث المباشر عليه، مع أن نشطاء أصروا على إمكانية ذلك من خلال شبكات تسمى "Like Farm" مشيرين إلى تجارب شخصية معها.
إلا أن المشكلة الأبرز في هذا الموضوع برأي "نجم" تكمن في "توجيه عدد من المتابعين الوهميين بشكل كبير وآلي لحساب محدد، وذلك بشكل ملحوظ لأي شخص لديه معلومات بسيطة في مجال الإعلام الرقمي، ويمكن اكتشاف ذلك من خلال إطلاله سريعة على أسماء المتابعين لذلك الشخص والتي في الغالب لا تكون ذات أسماء وصور حقيقية".
وتابع نجم، في حديثه لـ"عربي21"، بأن "هذا يعود بالضرر على صاحب الحساب نفسه حيث يكون عدد المهتمين بما ينشر قليلا جدا مقابل العدد الكبير للمتابعين".
وفصّل طارق الجزائري ذلك علميا بقوله: "حسب خوارزميات مواقع التواصل الاجتماعي، يقل التفاعل لدى الأشخاص الذين يقومون بشراء متابعين وهميين، وذلك بسبب اعتماد الخوارزمية على إيصال المنشورات إلى الحسابات التي لا يظهر أنها وهمية".
وتابع الجزائري: "بلغة الأرقام إذا كان لديك 10 آلاف متابع حقيقي فإن الوصول لهم يكون بنسبة 25 بالمئة أي ما يقارب الـ2500 شخص منهم، أما إذا قمت بإضافة 10 آلاف متابع وهمي؛ فإنه يصبح لديك 20 ألف متابع حيث الوصول إلى 5 آلاف شخص من الممكن أن يكونوا من الوهميين، الذين لن تستفيد شيئا من وصول منشوراتك لهم، أو قد تكون نسبة منهم حقيقية ونسبة أخرى وهمية وهذا فيه مخاطرة".
الجزائري استدرك بالإشارة لوجود تمويل مشروع على منصات التواصل وهو مطلوب في الحسابات التجارية حيث إن "خوارزميات الفيسبوك والإنستغرام تقلل نسب الوصول إلى متابعي الصفحة بهدف دفع المستخدم إلى تمويل منشوراته" وأضاف أن "هذا غير موجود في شبكات أخرى مثل تويتر وتيك توك حيث إن من الممكن أن يكون لديك ألف متابع ويصل عدد المتفاعلين معك إلى مائة ألف أي مائة ضعف".
"حالة مرضيّة"
ويرى خبراء أن الرغبة بزيادة عدد المتابعين على منصات التواصل الاجتماعي يمكن أن تتطور إلى حالة مرضية، ويمكن تشخيصها استنادا إلى عدد من الأعراض بحسب المستشار الأسري، يزن عبده، مؤكدا أن "هناك نوعا طبيعيا من الرغبة بالاهتمام والمتابعين، وهذا قبل ظهور السوشيال ميديا حيث يحرص الناس في تجمعاتهم العائلية على نيل إعجاب الآخرين بحديثهم والتفاف الناس حولهم، وجاءت السوشيال لتجعل ذلك أكثر انتشارا، وهذا لا مشكلة به ضمن الحد الطبيعي".
وتابع: "إن المشكلة تتفاقم عندما يصبح ذلك شكلا من الهوس والمرض النفسي، وقد يصل الأمر بأحدهم إذا أضاف منشورا أن يبقى متابعا لتفاعل الناس معه كل دقيقة بل ويتواصل مع الأصدقاء ليلح عليهم بإبداء إعجابهم بمنشوره".
وأضاف أن أبرز المشاكل التي يتسبب بها الهوس بكثرة المتابعين، أربعة رئيسية، هي: 1. التوتر في العلاقات الأسرية 2. مشاكل التقصير في العمل بسبب عدم التركيز والانشغال 3. اضطرابات النوم (كل ساعة ينظر في هاتفه) 4. مشاكل في قيادة السيارات والتركيز على الطرق.
وختم عبده بالتحذير من أن تفاقم تلك الأعراض "يمكن أن يؤدي لتعكر مزاج وعصبية عند البعض أما إذا وصل للهوس ولم يحصل على ما يريد فيمكن أن يؤدي للاضطراب والاكتئاب، وقد يصل الأمر إلى فقدان القدرة على تذوق الطعام وعدم التفكير بالعلاقة الزوجية، والدخول في حالات من الاكتئاب القائم على خيبة الأمل، وأخطر ما يكون ذلك لدى المشاهير حينما لا يحققون ما يريدون من أعداد كبيرة من المتابعين والإعجابات".
وبالعودة إلى عبد اللطيف نجم، فقد دعا إلى التركيز على التفاعل الحقيقي وعدم الانجرار وراء خديعة شراء المتابعين لأن مآلاتها مضرة على المدى البعيد بالحساب وصاحبه.
"فيسبوك" تؤجل البت بشأن عودة ترامب إلى المنصة