قالت صحيفة الغارديان، إن الأحداث الأخيرة التي تشهدها مدينة القدس وقطاع غزة نتائج متوقعة لتظلمات حديثة ومظالم متراكمة.
وأوضحت الصحيفة في افتتاحية عددها الصادر الأربعاء، أن قرار السلطات الإسرائيلية منع الفلسطينيين من الدخول للمسجد الأقصى، وخطط طرد مئات الفلسطينيين من منازلهم التي عاشوا فيها على مدى عقود في حي الشيخ جراح، ومنحها للمستوطنين اليهود، أشعلت الأوضاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وتوقعت الصحيفة أن تزداد الأوضاع صعوبة خلال الفترة المقبلة، مع تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بزيادة كثافة الغارات.
وأشارت الصحيفة إلى أن الأساليب القاسية التي استخدمتها الشرطة الإسرائيلية في الشيخ جراح والمسجد الأقصى تعكس ثقافة عدم الخوف من العقاب.
واعتبرت الصحيفة أن وقود التصعيد في القدس المحتلة وغزة، قديم وعمره عقود، مضيفة أنه "تعمق الغضب على الاحتلال ونشأ جيل الحصار في قطاع غزة، وهو شريط صغير من الأرض حشر فيه السكان بدون عمل ولا كهرباء ولا مياه صالحة للشرب. وزاد الحنق، كوفيد-19 والتباين في عمليات اللقاح بين إسرائيل والمناطق المحتلة التي تسيطر عليها إسرائيل بدون توفير الحماية لمن يعيشون فيها".
وتابعت: "كما أن توسع الاضطرابات بالمدن العربية داخل إسرائيل في يوم الاثنين، يكشف عن عمق وحجم الغضب ضد الظلم المتراكم والذي قاد منظمة هيومان رايتس ووتش لاتهام قادة إسرائيل بممارسة سياسة الفصل العنصري (أبارتيد) وردت الحكومة غاضبة من التصنيف".
وترى الصحيفة أن الأولوية يجب أن تمنح لخفض التصعيد من أجل حماية حياة المدنيين الذين عوملوا بدرجة عالية من عدم الاحترام، سواء من الحكومة الإسرائيلية أو الجماعات الفلسطينية المتشددة، داعية المجتمع إلى وضع ثقله لتحقيق ذلك.
وتاليا النص الكامل للافتتاحية:
رأي الغارديان بشأن القدس وغزة: صراعات قديمة تتفجر عنفاً جديداً
الأحداث الأخيرة نتائج متوقعة لتظلمات حديثة ومظالم متراكمة
عشرة أطفال كانوا من بين ثمانية وعشرين قتلوا في غزة في شهر رمضان المقدس بينما قتلت امرأتان إسرائيليتان أثناء توجيه إسرائيل ضربات جوية نفذت على القطاع وإطلاق مسلحين فلسطينيين صواريخ. وفي القدس أطلقت الشرطة الإسرائيلية قنابل الصوت وقنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي داخل واحد من أقدس الأماكن في الإسلام، ما تسبب في إصابة ثلاثمائة فلسطيني بجروح. هل يمكن لهذا الوضع أن يزداد سوءاً؟ نعم. فلقد تعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بزيادة شدة الهجمات. لقد خاضت إسرائيل وحماس ثلاث حروب بالإضافة إلى معارك دورية. وعلى الرغم من أنهم عادة ما يعدون لأنفسهم مخارج إلا أن الأحداث يمكن أن يكون لها زخمها الخاص بها.
ما أشعل هذه الجولة هو قرار السلطات الإسرائيلية منع الفلسطينيين من التجمع عند بوابة دمشق بعد صلوات التراويح في ليالي رمضان، كما يفعلون في العادة، وتعاقب سلسلة من العنف المتبادل، وخطط طرد مئات الفلسطينيين من بيوت سكنوا فيها على مدى عقود في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية المحتلة لإعطائها للمستوطنين اليهود. بموجب القانون الإسرائيلي فإن اليهود الذين يستطيعون إثبات ملكيتهم لعقار في فترة ما قبل حرب 1948 بإمكانهم أن يطالبوا بإعادة العقار لهم داخل المدينة. وهذا أمر لا يمكن تبريره في غياب قوانين مشابهة تمكن الفلسطينيين الذين فقدوا بيوتهم من استعادتها. ولقد وصف كيان حقوقي تابع للأمم المتحدة إجراءات الطرد بأنها قد ترقى إلى جرائم الحرب، كما أن الوسائل التي تستخدمها الشرطة هناك وفي المسجد الأقصى تعكس ثقافة الحصانة من المساءلة والعقاب. وفقط في آخر لحظة، وبعد وقوع الضرر تم تحويل المسيرة المستفزة لليمين المتطرف يوم الاثنين بعيداً عن الحي المسلم في البلدة القديمة.
كل هذا حدث ضمن سياق أزمة سياسية مزدوجة. فالسيد نتنياهو يسعى للتمسك بالسلطة بينما يمضي خصومه قدماً في محادثاتهم لإبرام ائتلاف حكومي وتمضي قدماً كذلك إجراءات محاكمته بتهم الفساد. في هذه الأثناء اتخذ الرئيس الفلسطيني محمود عباس قراراً بتأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى، وهي الانتخابات التي كان الجميع يتوقع أن تخسرها حركة فتح مرة أخرى لصالح حماس. ولما حيل بين المجموعة المتشددة والاحتكام إلى صناديق الاقتراع فقد لجأت إلى أساليب فتاكة من أجل تكريس دورها القيادي.
إلا أن الوقود الذي يغذي ذلك يعود إلى عقود من الزمن، فما لبث السخط على الاحتلال أن تعمق. ونشأ في غزة، ذلك القطاع الصغير من الأرض، "جيل الحصار"، في بقعة شديدة الازدحام لا وظائف فيها ولا كهرباء ولا مياه نظيفة. ولقد فاقم من السخط تجاه العيش تحت حكومة تفرض نفسها على الناس دون أن توفر لهم الحد الأدنى من الحماية تفشي كوفيد والإجحاف في حملات التطعيم ما بين إسرائيل والمناطق المحتلة.
وأظهرت القلاقل التي شوهدت في البلدات العربية داخل إسرائيل يوم الاثنين مدى سعة وعمق الغضب تجاه المظالم المتراكمة والتي حدت بمنظمة هيومان رايتس واتش لأن تتهم المسؤولين الإسرائيليين بارتكاب جريمة الأبارتايد (الفصل العنصري)، ما أغضب الحكومة الإسرائيلية ودفعها إلى نفي تلك التهم بشدة.
ينبغي أن تكون الأولوية لخفض التصعيد، وذلك لحماية أرواح المدنيين، الذين يعاملون بتجاهل فتاك لا يعرف الشفقة من قبل الحكومة الإسرائيلية والمتشددين الفلسطينيين. ينبغي على المجتمع الدولي أن يلقي بكامل ثقله.
كان دونالد ترامب يحرض نتنياهو عند كل منعطف. أما الآن فهناك إدارة جديدة في واشنطن بإمكانها أن تعالج هذه القضايا بشكل جدي. وقد بادرت هذه الإدارة بإدانة هجمات المتشددين، وهي محقة في ذلك. ولكن عليها كذلك أن تكون واضحة مع السلطات الإسرائيلية، ليس فقط في ما يتعلق برد فعلها العسكري، ولكن أيضاً بشأن الإجراءات التي أدت، كما كان متوقعاً، إلى التفجر الأخير في أعمال العنف.
موقع أمريكي: بايدن يعتزم إرسال وفد لوقف التصعيد في غزة
صحيفة فرنسية: القدس هي عاصمة المقاومة في فلسطين
في ظل أحداث القدس.. "التايمز" تستذكر انتفاضة الأقصى 2000