أثار مقترح طرحته فرنسا بخصوص إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا بعض الأسئلة حول مدى واقعية الخطوة ونجاحها، وما إذا كانت باريس تستهدف بها التواجد التركي هناك في المقام الأول.
وعرضت فرنسا على الرئيس الأمريكي، جو بايدن وأطراف دولية أخرى مقترح خطة لسحب المرتزقة الأجانب من ليبيا على مدى 6 أشهر.
ثلاث مراحل
وتشمل خطة فرنسا ثلاث مراحل لإخراج كافة المرتزقة والأجانب من ليبيا على النحو التالي: أن تقوم تركيا بسحب المرتزقة السوريين من ليبيا قبل 1 تموز/ يوليو المقبل، وتسحب روسيا مرتزقة "فاغنر" في نفس التوقيت، والمرحلة الثالثة أن تسحب تركيا قواتها النظامية في أيلول/ سبتمبر المقبل، ثم يتم إعادة توحيد القوات الأمنية في ليبيا"، بحسب مجلة "بوليتيكو" الأمريكية.
ولم يصدر أي رد رسمي من قبل واشنطن أو قوى دولية أخرى حتى كتابة التقرير على هذا المقترح، كما لم يصدر أي تعليق من قبل الدولة الليبية على الأمر.
مراقبون وساسة رأوا أن الخطة تستهدف في المقام الأول التواجد التركي في ليبيا كونها اشترطت على تركيا أمرين: أن تسحب المرتزقة السوريين وأن تسحب قواتها النظامية المتواجدة بنص اتفاقية رسمية بين الدولتين، متوقعين فشل الخطة مثلما فشلت خطط سابقة".
تواصلت "عربي21" مع المكتب الإعلامي لرئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد الحميد الدبيبة لمعرفة رد فعل الحكومة لكنه امتنع عن التعليق دون إبداء أسباب واضحة.
اقرأ أيضا: حصري: المنفي لم يطلب سحب قوات تركيا.. هذا ما اتفق عليه
"تركيا لن تنسحب"
في حين توقع وزير الدفاع الليبي السابق، محمد البرغثي أن "ترفض تركيا الانسحاب من ليبيا ومن ثم ترفض هذه الخطة كونها تتحجج بأن تواجد قواتها النظامية قانوني وجاء بنص اتفاقية بين البلدين، لذا لن تخرج من ليبيا ما لم تواجه ضغطا دوليا كبيرا"، كما رأى.
وأضاف في تصريح لـ"عربي21" أن "الأزمة الكبيرة تتمثل في المرتزقة السوريين حيث بلغ عددهم أكثر من 12 ألف شخص، بينما مجموعة فاغنر لا تزيد عن 3 آلاف ومعظمهم عسكريون فنيون"، حسب زعمه.
"برلين2"
وأكد عضو البرلمان الليبي، جبريل أوحيدة أن "المبادرة الفرنسية جاءت تناغما مع انعقاد مؤتمر برلين 2 الشهر الجاري وأنها جاءت بالتنسيق مع الدول المهتمة بالشأن الليبي بدءا بأمريكا، ويبقى التحدي قائما على تفاهمات الدول الكبرى في "برلين 2" والتي لها مصالحها سيما الاستراتجية هنا وهناك".
وأضاف لـ"عربي21": "نود أن تترجم هذه المبادرة على هيئة قرارات شجاعة من المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية بدل الانشغال بقرارات هدفها الإرضاء بالتوسع في التكليفات والتعيينات، ولينشغلوا بملف هام مثل المرتزقة والقوات الأجنبية"، كما قال.
"فشل فرنسي"
في حين رأى عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، عبد القادر احويلي أن "فرنسا لن تستطيع إخراج المرتزقة من ليبيا وستفشل مثلما فشلت في مالي، خاصة أن مرتزقة الفاغنر الروس أعلى تدريبا من القوات الإرهابية في مالي".
وتابع: "قرارات حلف الناتو الأخيرة جاءت بمثابة موافقة لتركيا على التعامل بقوة مع مجموعة فاغنر في ليبيا، لذا أعتقد أن هذا سيؤدي إلى اتفاق تركي روسي وهو الأمر الذي يسهل إخراج المرتزقة والأجانب من داخل ليبيا"، كما صرح لـ"عربي21".
"عودة قوية"
الأكاديمي الليبي وأستاذ علم الاجتماع السياسي، رمضان بن طاهر أشار إلى أن "تقلص دور فرنسا في ليبيا بسبب التدخل الروسي والتركي هو ما يدفعها الآن لتقديم مقترح من خلال استغلال التغيرات الحالية في المشهد الليبي التي لم تتبلور ملامحها بعد".
وقال لـ"عربي21" إن "هدف هذه المبادرة هو محاولة باريس العودة والانخراط من جديد في الأزمة الليبية لكي تكرس أولا مكانتها كدولة مؤثرة وثانيا كي تواجه الخطر الروسي الذي بات يهدد مصالحها الممتدة من الجنوب الليبي إلى العمق الأفريقي كما لو كان الجنوب حصتها الطبيعية من قسمة دولية"، وفق تقديره.
توافق تركي- فرنسي لأول مرة بخصوص ليبيا.. ما تداعياته؟
وزير ليبي يكشف لـ"عربي21" أهداف لجنة معالجة الاقتصاد
وثائق تكشف استغفال فرنسا لصدام حسين بشأن المفاعل النووي