قمة بغداد تدشن محورا ثالثا في المنطقة!

جولة جديدة من القمة الثلاثية يسعى العراق ومصر والأردن من خلالها لتقارب سياسي وأمني عبر بوابة اقتصادية، إذ دشن زعماء الدول فصلاً جديداً من العلاقات الثنائية ومحورا ثالثا في المنطقة.

الظروف المعقدة التي منعت انعقاد القمة مرتين انتهت ولو مؤقتاً.. القمة انعقدت في بغداد؛ العاهل الأردني عبدالله الثاني ابن الحسين يحضرها في أول زيارة خارجية له بعد قضية "زعزعة الاستقرار" في بلاده، أما السيسي فسجل اسمه كأول رئيس مصري يسافر إلى العراق منذ عام 1990.

وفي بغداد التي تخوض حرباً ناعمة مع مجموعات مسلحة يتعاظم نفوذها يوماً بعد يوم، شددت سلطات الأمن خلال القمة إجراءاتها. واحتضنت العاصمة العراقية محادثات مشتركة مع القاهرة وعمان تركزت على رفع مستوى التنسيق وتنمية آفاق التعاون في الاقتصاد والتجارة والتنمية ومشاريع البنى التحتية ونقل الطاقة والنفط بين الدول الثلاث، ضمن مشروع عملاق بات يعرف بــ"الشام الجديد"، والذي يقوم على ثلاث ركائز؛ مصر كتلة بشرية، والعراق كتلة نفطية، والأردن حلقة الوصل.

وتحاول مصر إيجاد موطئ قدم لها في السوق العراقية، باعتبارها سوقا استهلاكية كبرى في المنطقة، مستغلة اندثار المنتج المحلي، لكن الخبراء يتوقعون صعوبة في منافسة الإنتاجين الإيراني والتركي اللذين يسيطران على سوق العراق.

تحاول الدول الثلاث من خلال القمة إنشاء محور ثالث يشق طريقه بعلاقات استراتيجية ويسير بشكل متوازن، وخصوصاً أن الأنظمة السياسية في تللك البلدان تواقة إلى تحقيق إنجاز على المستوى الخارجي لصرف النظر عن التحديات الداخلية التي تواجهها

أما الأردن فيأمل بعودة الدعم العراقي لاقتصاده، والذي كان يمثل رافعة أساسية منذ الثمانينيات حتى التسعينيات، قبل أن يتوقف مع تغيير النظام السابق عام 2003، ويحاول اليوم استئنافه من خلال إدامة علاقة مستدامة مع النظام السياسي الحالي.

وبعيداً عن بعدها الاقتصادي، ينظر إلى القمّة على أنها محاولة لتقريب العراق من واشنطن وتحقيق توازن في علاقته معها، وقد تكون محاولة لإيجاد دول تمتلك موقفا محايدا من الصراعات الإقليمية في المنطقة بين المحورين المتخاصمين (واشنطن وحلفائها- طهران وحلفائها).

قد تصطدم رغبات وطموحات الدول المشاركة في القمة بمشكلة عدم هيمنة صاحب القرار العراقي على العديد من مفاصل الدولة

وتحاول الدول الثلاث من خلال القمة إنشاء محور ثالث يشق طريقه بعلاقات استراتيجية ويسير بشكل متوازن، وخصوصاً أن الأنظمة السياسية في تللك البلدان تواقة إلى تحقيق إنجاز على المستوى الخارجي لصرف النظر عن التحديات الداخلية التي تواجهها كل من بغداد والقاهرة وعمان.

وقد تصطدم رغبات وطموحات الدول المشاركة في القمة بمشكلة عدم هيمنة صاحب القرار العراقي على العديد من مفاصل الدولة، وسط خصومة تزداد تعقيداً بين رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي من جهة وجماعات مسلحة يتعاظم نفوذها يوماً بعد يوم في البلاد من جهة أخرى، وهو ما قد يعرقل مشاريع مشتركة كبرى، وقد يبقي إحداث تغيير نوعي في علاقات عراقية خارجية متعددة رهينة تفاهمات وحرب خفية وكذلك حسابات معقدة.