يقول
الاحتلال إنّه أغلق الملف.. اعتقل الأسرى الستة الذين انتزعوا حريتهم من بين فكي "
الجلبوع". انتهت المطاردة بنجاح، وخلال الدقائق الأولى من الاعتقال -على غير عادة الاحتلال - يبثّ الاحتلال صور الاعتقال من أماكن العثور على الأسرى، في تلهّفٍ واضحٍ لمحاولة محو العار الذي ألحقه الأبطال الستة بمنظومته الأمنية التي يتباهى بها أمام العالم.
لكن، هل فعلاً انتهى هذا الملف؟ هل أغلقه الاحتلال حقاً؟ كانت الإجابة على هذا التساؤل واضحة جليّة كشمس الصباح، كانت إجابة مزلزلة، كانت إجابة حطمت غرور هذا الاحتلال، وجعلت من "إنجازه" المُدّعى أُضحوكة لا أكثر.
ظهر الملثّم، ظهر صاحبُ الحطة الحمراء، والعصابة الخضراء، ظهر الناطق العسكريّ وعلمُ
فلسطين يزين كتفه، وبلغة الواثق المقتدر، أجاب: لن تتم صفقة الأسرى القادمة إلا وعلى رأس محرريها أبطال نفق الحريّة في جلبوع. يا لعظمة
المقاومة! يا للخيبة التي زرعها الملثّم في قلوب ضباط الشباك ومصلحة السجون الصهيونية! أهكذا بكلّ بساطة! لن تتم صفقة بدونهم وهم الذين زلزلونا، مرغوا أنوفنا في التراب، أرهقونا لأيّامٍ كانت علينا كالسنين الضوئية! أمعقول أن يأتي يوم نفتح الأبواب لهم علناً، وفي وضح النهار، ليخرجوا أمام أعيُننا من زنازينهم، مبتسمين ابتسامة شامتٍ بنا؟! سيأتي ذلك اليوم، وما ذلك على الله بعزيز.
لم يُغلق هذا الملف، ولن يُغلق، حتى تغلق أبواب السجون على غرفٍ خالية من أيّ فلسطيني قاوم هذا الاحتلال، لن يغلق هذا الملف وفي بطن سجونهم خمسة آلاف أسيرٍ وأسيرة، لن يغلق هذا الملف وفي قبضة المقاومة جنودُ الاحتلال المأسورين من الشجاعية ورفح.
قال محمود العارضة، مهندس عمليّة انتزاع الحريّة، إنه من خطط ونفذ، وأنّ العملية ابتدأت في شهر كانون الأول/ ديسمبر 2020، حتى خرجوا للحرية بتاريخ 6 أيلول/ سبتمبر 2021، ليشاء الله أن تكون تلك المدة تسعة أشهر بالتمام والكمال، مدة الحمل والولادة للإنسان، تسعة أشهر، تكوّن خلالها نفقٌ ضيق، أنجبهم كأطفال للحياة، للحريّة، لهواء فلسطين وسمائها التي رأوها لأول مرة بدون أسلاكٍ شائكة، لتحتضنهم فلسطين وسهلها المسلوب، مرج ابن عامر، احتضنهم السهل كأمٍ تلقفت طفلها الأول بعد الولادة، أخفاهم بين أعشابه وشجيراته، قدّم لهم الطعام والشراب، هدّأ من روعهم وخوفهم، أخبرهم أنهم بأمان، قدّم لهم "الصبر"، لكنّه حلو المذاق، ذو أشواك، منذ عشرين عاماً، كانوا يعرفونه كخُلقٍ قرآنيّ رفيع، لكنّهم اليوم ذاقوه حقيقة لا مجازاً، "إنّما يُوفى الصابرون أجرهم بغير حساب".
كانوا ستة رجال، وأصبحوا سبعة، فقد انضمّ لهم "الذين آوَوا ونصروا"، انضم لهم عبد الرحمن أبو جعفر، ليكون سابع الأبطال الذي حفر اسمه في سجل الشرف، متخلياً عن تجارته، مقدماً حياته رخيصة في سبيل إيواء كممجي وانفيعات، رادّاً على منظومة الاحتلال الأمنية وأتباعها بأنّ الشعب الفلسطيني لن يتخلّى يوماً عن أبنائه، لن يخذل المقاومة، وسيظلّ يُمجّد الأبطال الذين ما فتئوا يوماً يقارعون المحتل.
تحيّة لجنين القسام وأبطالها الستة، موعدنا صفقة وفاء الأحرار 2، حتى ذلك الحين، دامت بنادقكم مشرعة في وجه العدو، دامت إرادتكم الصلبة، دامت جنين.. دامت جنين.. دامت جنين.