قالت
صحيفة "نيويورك تايمز" إن السبب وراء تقديم الرئيس الفرنسي إيمانويل
ماكرون الاعتذار للحركيين الجزائريين يتعلق بالمصاعب والمخاوف التي يواجهها من صعود
اليمين المتطرف في الانتخابات المقبلة.
وقالت
الصحيفة في تقرير أعده روجر كوهين، ترجمته "عربي21"، إن ماكرون يواصل محاولاته
لحل الكثير من الملامح المؤلمة في إرث بلاده الاستعماري وطلب "الصفح" نيابة
عن فرنسا لتخليها عن مئات الآلاف من الجزائريين العرب الذين قاتلوا مع فرنسا في حرب
التحرير.
وفي نهاية
تلك الحرب عام 1962 ترك أكثر من 200,000 جزائري قاتلوا مع الجيش الفرنسي يواجهون مصيرهم،
رغم تعهد فرنسا بتقديم العناية لهم. ويسري الغضب الجزائري على الحركيين عميقا لدرجة
أن الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة قارنهم في زيارة له إلى فرنسا عام
2000 بالنازيين.
واستطاع
90,000 من الحركيين الذين ينظر إليهم على أنهم الخونة في بلادهم، الفرار إلى فرنسا كما فعل
800,000 من الأقدام السود، أي الفرنسيين الجزائريين من أصول أوروبية ولكنهم واجهوا
استقبالا معاديا، فقد ذكروا الفرنسيين بالحرب الخاسرة.
وكان
الرئيس الفرنسي شارل ديغول رافضا لهم، وكانوا غرباء غير مرغوب فيهم، وتم وضعهم في
معسكرات مع عائلاتهم في ظروف سيئة جدا. وقال ماكرون في حفلة بقصر الإليزية: "أطالب
بالصفح ولن ننسى". وكان يتحدث أمام 300 من الحركيين وعائلاتهم قائلا: "فشلت
فرنسا في القيام بواجبها، وأريد التعبير عن امتنانا لمقاتلينا".
وقال
الرئيس الذي سيواجه انتخابات في أقل من ستة أشهر إن حكومته ستعلن عن مسودة قانون يعطي
"تعويضات" للحركيين، وهو ما يصل إلى حد الاعتراف بمسؤولية الدولة، والتي
اعترف بها من قبله فرانسوا هولاند.
وقالت
منظمة الحركيين إن قانونا كهذا سيضع حدا لهذا النفاق.
ويعتبر
ماكرون، 43 عاما، أول رئيس فرنسي مولود بعد حرب التحرير الجزائرية واتخذ عدة خطوات لإضاءة
ملامح عن فصل مؤلم في تاريخ فرنسا، بما في ذلك الاعتراف باستخدام التعذيب وقتل المحامي
الجزائري المعروف علي بومنجل الذي ظلت السلطات الفرنسية تزعم على مدى عقود أنه انتحر.
وأنهت
حرب التحرير الجزائرية التي بدأت في 1954 وانتهت عام 1962 استعمارا فرنسيا طال 132
عاما وخلف نصف مليون قتيل حسب الرواية الفرنسية و1.5 مليون حسب الرواية الجزائرية.
ومزقت الحرب فرنسا إلى فصائل متنازعة هددت بتمزيق
البلاد وانقلاب عسكري عام 1958 ومحاولة أخرى عام 1961.
وتم
التوصل إلى اتفاقية سلام في 18 آذار/ مارس 1962 ووافق عليها الناخب الفرنسي بالإجماع، ما
عبد الطريق أمام استقلال الجزائر.
وقاد
تقرير أعد بناء على طلب من ماكرون إلى تشكيل لجنة الذكريات والحقيقة في محاولة رأب
بعض الجراح العميقة. ولكن طلب الجزائر باعتذار رسمي لم يتم الاستجابة له. وأكد ماكرون
أنه "لن يكون هناك ندم أو اعتذار".
وطلب
الصفح هو قريب من الندم، ولكنه ندم موجه للجزائريين الذين قاتلوا مع فرنسا. وسيتم إحياء
الذكرى الـ60 على نهاية الحرب في آذار/ مارس 2022 وقبل شهر من الانتخابات الرئاسية.
ويصر ماكرون على الدفع بالمصالحة الفرنسية-الجزائرية من أجل الوقوف أمام مارين لوبان الزعيمة المتطرفة المعادية للمهاجرين. وأظهر الحركيون في الماضي دعما قويا للتجمع الوطني الذي كان يعرف في السابق باسم الجبهة الوطنية.
MEMO: أمريكا سارت على خطى فرنسا المهزومة بالجزائر