ما زال ملف إجلاء المرتزقة عن الأراضي الليبية ملفا شائكا ومربكا لأي سلطة تنفيذية للبلاد، خاصة مع رفض أي دولة الاعتراف بوجود مرتزقة تابعين لها على أراضي ليبيا؛ خوفا من المحاسبة الدولية.
وبحسب تقارير أممية حديثة وتصريحات سابقة للمبعوثة الأممية إلى ليبيا، ستيفاني ويليامز، فإن عدد المرتزقة في ليبيا وصل نحو 20 ألفا، من بينهم مرتزقة سودانيون متواجدون بقوة في شرق وجنوب البلاد.
وفي تصريحات سابقة، أكد النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أن "أي سوداني متواجد في ليبيا دون إذن السلطات الليبية، فإنه يعد مرتزقا، وعليه مغادرة البلاد، مشددا على ضرورة خروج جميع المرتزقة من ليبيا".
"انقلاب السودان"
وجاء انقلاب السودان اليوم على يد رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبدالفتاح البرهان، ليسلط الضوء على مستقبل المرتزقة السودانيين في ليبيا وكيفية التعامل معهم أو الاعتراف بتواجدهم هناك، وسط تساؤلات عن مستقبل هؤلاء، خاصة في الجنوب الليبي المسيطرة عليه قوات "حفتر"، وما إذا حاول غيرهم الانتقال إلى ليبيا في ظل الفوضى في الخرطوم.
ويبقى السؤال: ما تأثيرات انقلاب السودان على ملف المرتزقة في ليبيا خاصة جنوب البلاد؟
"استغلال أو تسوية"
من جهته، رأى الأكاديمي الليبي وأستاذ علم الاجتماع السياسي، رمضان بن طاهر، أنه "إذا نظرنا إلى ما يحدث في السودان من جانبه السلبي، فهو يحمل من الأخطار الفعلية والحقيقية، خاصة في حال استمر عدم التفاهم حول ملف إخراج المرتزقة من ليبيا، فهو بالقدر الذي يفتح شهية المرتزقة للعودة والاستفادة من الوضع الحالي في السودان وحصد الغنائم، أيضا يوفر لهم ظرفا للاستثمار السياسي يسمح بفتح الباب لدخول أعداد أكبر لمساعدة أطراف محلية وإقليمية ودولية بعينها على تحقيق أهدافها" .
اقرأ أيضا: أحزاب سودانية تتحدث لـ"عربي21" عن الانقلاب والتحالفات الجديدة
وأضاف في تصريحات لـ"عربي21": "أما إذا نظرنا بإيجابية وتفاؤل لما يحدث في السودان، فهو يقدم فرصة جديدة لتسوية حقيقية في ملف المرتزقة في ليبيا، والنظر بمسؤولية أخلاقية لمعالجة أي اختراق أمني وجيوسياسي للجنوب الليبي، والتقدم أكثر نحو توافق عسكري وسياسي لبناء المنظومة الأمنية على أسس أكثر تماسكا وفاعلية"، بحسب رؤيته.
"زيادة المرتزقة"
الكاتب السياسي السوداني، عباس محمد صالح، أشار إلى أن "مناطق الجنوب الليبي ظلت لسنوات خاصرة رخوة لدول المنطقة ومثلث هشاشة أمنية خطيرا بشكل كبير، وأن من أهم أسباب تعاظم ظاهرة المرتزقة في ليبيا ضعف الحكومات المركزية، وعدم الاستقرار السياسي، وبالتالي عدم القدرة على ضبط الحدود وتأمينها".
وبخصوص انقلاب السودان، قال لـ"عربي21": "ما لا شك فيه أن هذه التطورات الجارية في السودان ستمنع الخرطوم من الوفاء بالتزاماته في هذا الصدد، كما أن الأجهزة الحكومية هناك ستكون منشغلة بتداعيات ما يجري، إضافة إلى أن الفراغ الأمني يساعد على ازدهار شبكات المرتزقة، وبالتالي سهولة حركتها بين الحدود الدولية"، وفق تقديراته.
اقرأ أيضا: ترحيب أممي بخطة سحب المرتزقة من ليبيا.. هذه تفاصيلها
"دعم تمرد حفتر"
في حين رأى الصحفي من الجنوب الليبي، موسى تيهو ساي، أن "الوضع الهش في ليبيا مفتوح على احتمالات عدة منها الانفلات الأمني، وتأثيرات انقلاب السودان ستكون قوية جدا، وستكون بمثابة بث الروح والدعم في مشروع حفتر وعسكر ليبيا من جديد".
وتابع: "ستستفيد حفتر من انقلاب البرهان، خاصة مع تواجد قوات له في جنوب ليبيا، وما له من علاقات بمرتزقة من حركة العدل والمساواة، خصوصا مع تيقنهم أن الانتخابات لن تأتي بهم على رأس المشهد المقبل"، بحسب تصريحه لـ"عربي21".
هل ينجح مؤتمر "استقرار ليبيا" في حلحلة أزمات البلاد؟
هذه أبرز العقبات أمام تنفيذ خطة (5+5) الليبية لإخراج المرتزقة
هل يسمح قانون انتخابات ليبيا للعسكر بالترشح أو التصويت؟