ما زال قرار حكومة الاحتلال بتصنيف المنظمات الحقوقية الفلسطينية بأنها "إرهابية" يترك تأثيراته داخل دولة الاحتلال وخارجه، سواء على صعيد ردود الفعل الفلسطينية والدولية، أو مفاعيل القرار على الصعيد الأمني الإسرائيلي الداخلي.
لكن آخر النتائج التي أسفر عنها هذا القرار الإشكالي صدور جملة انتقادات من داخل حكومة الاحتلال لقرار وزير الحرب بيني غانتس بهذا الخصوص، لاسيما على صعيد عدم إشراكه رئيس الحكومة نفتالي بينيت ووزير الخارجية يائير لابيد، لأن القرار كانت له حساسية بالغة من النواحي السياسية والقانونية والدبلوماسية.
ميخال شيمش، الكاتب في هيئة البث الإذاعي والتلفزيوني- كان، ذكر أنه "دخل على خط إدانة القرار وزير الخارجية يائير لابيد، الذي لم يتم إبلاغه مسبقًا من قبل غانتس، خاصة بعد صدور ردود الفعل الدولية ضد القرار، ولذلك لم يتضح حتى الآن سبب اختيار غانتس لإصدار القرار دون التنسيق الكامل مع وزير الخارجية، كما لم يطلع رئيس الوزراء بينيت على الأمر".
وأضاف في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، أن "بعض كبار الوزراء هاجموا غانتس؛ لعدم اطلاعهم على آخر المستجدات، وقد طالب الوزيران نيتسان هوروفيتس وريفكا ميخائيلي بأن يتوقف غانتس وبينيت عن إصدار القرارات المثيرة للجدل، ما دفع الأخير للرد بغضب على وزرائه بأن غانتس لم يطلعه على القرار".
مع العلم أنه لم يكن مفاجئا أن يقدم الاحتلال على تصنيفه للمؤسسات الحقوقية الإنسانية الفلسطينية بأنها "إرهابية"، بزعم ارتباطها بمنظمات فلسطينية مسلحة، مع أن ممارساته تصنف لدى العديد من مواثيق الدول والمنظمات الدولية بأنها أحد أشكال الإرهاب، بل إرهاب الدولة، لأنها تستهدف اقتلاع شعب من أرضه، وإحلال آخرين محله في وضح النهار، وعلى مرأى ومسمع من العالم أجمع.
إن هذا التصنيف الإسرائيلي لهذه المؤسسات الحقوقية الفلسطينية، فضلا عن كونه مجافيا للحقائق، ومنافيا للواقع على الأرض، لكنه يهدف بالأساس لكتم كل صوت يسعى لفضح جرائم الاحتلال، ونشرها حول العالم، وكشفه على حقيقته، لاسيما أن هذه المؤسسات تنشط بالأساس في رصد انتهاكاته، وإصدار تقارير موثقة بذلك، وتوزيعها على المنظمات الدولية والسفارات الأجنبية، وهو ما يسهم بصورة كبيرة في نشر المظلومية الفلسطينية حول العالم، بعكس ما يريده الاحتلال.
هذه واحدة، أما الثانية فهي محاولة إسرائيلية لا تخطئها العين لحرمان الفلسطينيين من أي تواصل مع العالم الخارجي، سواء عبر الاتصال السياسي والإعلامي والحقوقي، أو الحصول على الدعم والتمويل اللازم لعمل هذه المؤسسات الحقوقية، وحصر هذه الاتصالات في الاحتلال وحده، من أجل تعميم روايته الزائفة، وإسماع العالم صوته الحصري فقط، والتعتيم على ما يعيشه الفلسطينيون ويعانونه من شتى صنوف العذاب.
ومن المتوقع أن يواصل الاحتلال سياسته القمعية بحق كل صوت يعارضه، ويندد به، ويسعى لرفع الغطاء الدولي عنه، رغم ما تسبب به القرار من أزمة بين تل أبيب وواشنطن وعواصم الاتحاد الأوروبي، التي لم تر وجاهة للقرار، لأنها تعلم علم اليقين أن المؤسسات الفلسطينية من الإجراء التعسفي الإسرائيلي ناشطة بالأساس في المجال الحقوقي القانوني، وليس لها أنشطة سياسية البتة.
في الوقت ذاته، فإن المواقف الصادرة عن المجتمع الدولي ضد هذا القرار الإسرائيلي تعبر عن ضجر عالمي من هذا الاحتلال "الإرهابي"، وضيق ذرعه باستمرار ملاحقته للمؤسسات الحقوقية، وهي التي تمارس عملها في وضح النهار، وتحت إشراف ورعاية ومراقبة الدول المانحة.
خلافات تدك حكومة الاحتلال.. غانتس ضد بينيت ونتنياهو يتربص
انتقادات إسرائيلية متزايدة لكشف بينيت آخر عملية للموساد
تقدير إسرائيلي: الإسراع بعقد صفقات تبادل مهم قبل فوات الأوان