قضايا وآراء

حماس و"بريتي باتيل"

1300x600

حماسُ غنية عن التعريف لكل المنشغلين والمشتغلين بالسياسة داخل فلسطين وخارجها، أما "بريتي باتيل" فهي وزيرة داخلية بريطانيا وذات الباع الطويل في خلق المشاكل داخل بريطانيا وخارجها.

ولأن لها رغبة في تقديم نفسها كحفيدة المرأة الحديدية "مارغريت تاتشر" (رئيسة وزراء بريطانيا 1979-1990)، "ما سابت حدا من شرها"، فتنمرت على موظفيها، وزارت دولة الاحتلال دون إذن من دولتها، وحرضت ضد اللاجئين وسنت سكاكينها وقوانينها ضدهم، واقترحت وضعهم في معسكرات سابقة تابعة للجيش، لكن المحكمة قالت "NO" بعدما ظهر أن هذه المعسكرات لا تتوفر فيها الشروط الإنسانية للعيش.

"بريتي باتيل" تدرك أن تشرين الثاني/ نوفمبر 1917 كان بداية أزمة لفلسطين وأهلها، حيث منح جدها الأكبر، وزير الخارجية البريطاني "بلفور" قبل أكثر من ١٠٠ عام، أرض فلسطين للحركة الصهيونية لإقامة دولة عليها، فشردونا وهجرونا وذبحونا، وبدل أن تطالَب باعتذار بريطانيا للشعب الفلسطيني، تُصر على ألا يَمر تشرين الثاني/ نوفمبر دون خلق أزمة جديدة للشعب الفلسطيني، تراها تبدع في ذبحه واحتقاره، فكان أحدث ما تفتق عنه ذهنها اتهامها حماس بالإرهاب.

أتدرون لماذا فعلت بريطانيا ما فعلته؟

1- لأن النفوذ الصهيوني في دوائر صنع القرار في الغرب لا زال قوياً، والنفوذ العربي ضعيف جداً.

2- لأن دولاً عربية سبقت بريطانيا في ذلك المسار، حتى وإن لم يكن بشكلٍ مباشر، فالصمتُ العربي على حصار غزة وإغلاق أبواب بعض العواصم العربية في وجه قادة المقاومة؛ لا يقل خطورة عن اعتبار حماس منظمة إرهابية.

3- بريطانيا رأت زيادة في التعاطف الشعبي مع فلسطين بفعل حملات المقاطعة التي تحشد في صفوفها المزيد من الشخصيات الشعبية لنصرة القضية الفلسطينية، فأرادت قطع الطريق على تلك المساعي والحملات.

4- أرى أن الاقتصار على حماس لا يعني أن بريطانيا توافق على ما تفعله باقي الفصائل الفلسطينية التي تقاوم العدو بنفس الأسلوب الذي تتبعه حماس، والذي على أساسه تم اعتبارها إرهابية، بل يهدف إلى اللعب على وتر خلق اختلاف في وجهات النظر لفصائل المقاومة.

5- وزيرة الداخلية البريطانية (بريتي باتيل)، والتي تربطها علاقات قوية مع اللوبي الصهيوني ودولة الاحتلال، تريد تأييد اللوبي الصهيوني لأهدافٍ سياسية على حساب مقاومتنا لعدونا.

استنادا لما سبق أرى أن الأمر يتطلب:

1- إدانة عربية رسمية وشعبية وعدم التعامل مع هذا القرار.

2- زيادة دعم ومناصرة حملات المقاطعة في الدول العربية والغربية.

3- فتح العواصم العربية أمام قادة المقاومة كدليلٍ عملي على رفض القرار البريطاني.

4- إنجاز الوحدة الوطنية وإنهاء ما تبقى من مظاهر الانقسام.

5- زيادة التواصل مع المؤسسات الحقوقية العربية والدولية ومع الشخصيات العالمية المناصرة للقضية الفلسطينية.

6- رفع قضايا ضد "بريتي باتيل" في المحاكم العربية والدولية حتى تتراجع عن قرارها.

هل خدم القرار حماس؟

يُقال بأن خصمك الجاهل يقدم لك خدمات كثيرة، ورغم قسوة القرار إلا أنه لا يخلو من بشريات خير حمله في طياته، وكأنه تحقيق عملي لقول الله عز وجل "عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم"، فما الخير يا ترى في هذا القرار؟

1- زيادة التحام والتفاف الجماهير العربية حول حماس.

2- إيصال رسالة حماس للغرب من خلال زيادة من يرغبون بالتعرف أكثر على حماس وفلسفتها وفكرتها.

3- القرار سيميز الخبيث من الطيب في الصف الوطني الداخلي والخارجي.

4- قد يُحدث انقساماً في الرؤية البريطانية الرسمية ما بين مؤيد ومعارض.

ختاماً: حتى لو تم تمرير هذا القرار، فإن شرعية أي منظمة لا تكون من خلال خارج حدودها، بل الشعب هو الذي يقول كلمته ويمنح الشرعية لمن يشاء وينزعها ممن يشاء.