ما زال استمرار
العمليات الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس ضد قوات
الاحتلال يثير قلق الأخير وهواجسه، من مغبة أن يكون أمام موجة منظمة منها، على
غرار ما شهده عام 2015، الأمر الذي يزيد من طرح أسئلة حول دوافع وعوامل تنامي
أعداد هذه العمليات ومنفذيها.
في الوقت ذاته، تعترف محافل أمنية إسرائيلية أن التوتر المتنامي في
الأراضي الفلسطينية يسهم بصورة أو بأخرى في زيادة معدلات الهجمات المسلحة، لا سيما
بالنظر لما يشهده المسجد الأقصى من اقتحامات مستمرة من قبل المستوطنين والجماعات
الدينية، الأمر الذي يصب مزيدا من الزيت على نار التصعيد الجاري، وإن كان بخطوات
بطيئة.
إليئور ليفي كتب في صحيفة
يديعوت أحرونوت، مقالا ترجمته
"عربي21" ذكر فيه أن "خمسة فلسطينيين دون سن الخامسة والعشرين
نفذوا خمسة من الهجمات الست التي وقعت خلال الأسابيع الماضية، فيما أدى التحريض
على وسائل التواصل الاجتماعي مرة أخرى إلى خلق سلسلة من ردود الفعل الخطيرة من
الهجمات المقلدة، وبعد هجوم الطعن في حي الشيخ جراح، يقدم الشباب الفلسطيني في
شوارع
القدس صورة مقلقة لأجهزة الأمن الإسرائيلية، لأنهم يظهرون تباهيهم
بالشهداء".
وأضاف أن "الرياح القوية والبرد والضباب الشديد لم تمنع الشبان
الفلسطينيين من الوصول إلى باب العامود في كل يوم، والجلوس في مجموعات صغيرة على
التراسات الحجرية المحيطة بالساحة، حيث ينهون دراستهم، ثم يأتون هنا، ويبقون حتى
ساعات متأخرة من الليل، معتبرين أن أهم الأماكن في حياتهم بعد بيوتهم هي باب
العامود، الذي يشهد بين حين وآخر تنفيذ عمليات طعن ودهس وإطلاق نار ضد الجنود
والمستوطنين".
وكعادة الاحتلال في كل مرة، عقب تنفيذ هجوم فدائي فلسطيني، يتهرب من
الأسباب الحقيقية لتنفيذ العمليات، و"يهرب إلى الأمام" بتحميل شبكات
التواصل الاجتماعي مسؤولية ما يعتبره التحريض على منصاتها لتنفيذ تلك الهجمات،
بزعم أنها المصدر الحصري للشباب الفلسطيني لاستهلاك الأخبار، فور أن يفتحوا منصات
الفيسبوك والتيك توك وإنستغرام، التي تضج بمشاهد الجنود وهم يعتدون على
الفلسطينيين.
يصر الشباب الفلسطينيون الذين يقابلهم الصحفيون الإسرائيليون على
التباهي برفاقهم الذين نفذوا الهجمات ضد الجنود والمستوطنين، ولا يخشون التصريح
بذلك، معتبرين باب العامود بأنه "بوابة الشهداء، والطريق إلى الأقصى، ويأتون
هنا لشن هجوم لأنهم يشعرون أنهم لا يحمون الفلسطينيين فقط، بل كل العرب والمسلمين".
في الوقت ذاته، لا يتورع جنود الاحتلال عن التصرف إزاء الفلسطينيين
المقدسيين بكامل أشكال التمييز والإهانة والعنصرية، من خلال حملات التفتيش والقمع
التي يتعرضون لها، وهذه الممارسات في الحقيقة عنصر أساسي يساهم في إذكاء نار
الهجمات المسلحة، لا سيما وأنهم يرون المستوطنين المتدينين يقتحمون مقدساتهم دون
أدنى مضايقة من الجيش، على العكس من ذلك، فهم يواجهون كامل الرعاية والحماية منه.