اقتصاد دولي

العملات المشفرة تواصل الخسائر.. هل تفقد بريقها في 2022؟

محللون: العملات المشفرة لن تفقد بريقها في 2022 رغم الخسائر المتتالية- CC0

يخيم القلق على ملايين المتعاملين في سوق العملات المشفرة أو ما يسمى بـ"مجتمع الكريبتو" بعد الخسائر المتواصلة منذ بداية العام 2022، وسط حيرة شديدة في اتخاذ القرار المناسب بشأن صفقاتهم الاستثمارية خاصة في ظل حالة التناقض الواضح بين المحللين بشأن مستقبل هذه العملات.

 

ففي مقابل توقعات باستمرار الهبوط الحاد للعملات المشفرة إلى مستويات متدنية، وخاصة عملة بتكوين الأكبر والأكثر انتشارا في العالم، توقع بنك غولدمان ساكس الأمريكي في تقرير له الأسبوع الماضي أن يتضاعف سعر بتكوين إلى ما يزيد قليلا عن 100 ألف دولار لكل عملة، في غضون السنوات الخمس المقبلة، كنتيجة ثانوية للتبني الأوسع للأصول المشفرة.

 

ومن بين الضغوط التي أثرت على بتكوين خلال الأيام الماضية، وعززت من خسائرها هي انقطاع خدمة الإنترنت في كازاخستان؛ بسبب موجة احتجاجات شعبية عمت البلاد التي تتولّى تعدين نحو 18 بالمئة من عملات بتكوين، إلى جانب الاتجاه الأمريكي نحو رفع سعر الفائدة والذي يقوض بدوره شهية المستثمرين تجاه الأصول المحفوفة بالمخاطر.

 

وفي 5 كانون الثاني/يناير الجاري، استقالت الحكومة في كازاخستان بعد يومين من احتجاجات شعبية على زيادة أسعار الغاز، أسفرت عن سقوط ضحايا وأعمال نهب وشغب في ألماتي، كبرى مدن البلاد، أعقبها قرارات بقطع الإنترنت لتعطيل التواصل بين المحتجين، وفرض حالة الطوارئ في عموم البلاد بعد مقتل 26 محتجا.

 

وبحسب مجلة "Fortune" الأمريكية، تستضيف كازاخستان على أراضيها نحو 18 بالمئة من أنشطة تعدين بتكوين العالمية، وأصبحت في عام 2021 ثاني أكبر مركز لتعدين بتكوين في العالم بعد الولايات المتحدة، وذلك بعد أن قمعت الصين أنشطة تعدين العملات المشفرة على أراضيها.

 

وخسرت بتكوين نحو 40 بالمئة منذ بلوغها ارتفاعا قياسيا عند 69 ألف دولار في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بعد سلسلة خسائر متتالية تراجعت خلالها إلى أقل من 41 ألف دولار. وفقدت خلال الأسبوع الماضي نحو 12 بالمئة من قيمتها، بعدما سجلت خلال تعاملات اليوم السبت 41578 دولارا، وفقا لبيانات موقع "كوين ماركت كاب".

 

اقرأ أيضا: بتكوين تفقد 40 بالمئة من قيمتها في أقل من 3 أشهر

 

تقلبات مقلقة

 

وفي العام الماضي 2021، حققت عملة بتكوين مكاسب كبيرة دفعت عددا كبيرا من المستثمرين إلى تغيير آرائهم بشأن الاستثمار في العملات المشفرة بعدما سخروا منها في البداية، أو حذروا من التعامل بها، ولكن منذ بداية العام 2022 والعملة المشفرة التي تستحوذ على نحو 40 بالمئة من إجمالي القيمة السوقية للعملات المشفرة قرب أدنى مستوياتها في عدة شهور، وهو ما يطرح تساؤلا: "هل تفقد العملات المشفرة بريقها في 2022؟".


تأكيدا لحالة القلق التي تسيطر على "مجتمع الكريبتو"، نقلت رويترز عن ماثيو ديب من شركة "ستاك فندز" ومقرها سنغافورة قوله إن مخاوف الارتفاع المتسارع لمعدلات التضخم تسيطر على أذهان المضاربين، وتثير قلقا، محذرا من احتمالات تراجع بتكوين إلى منتصف الثلاثينات على المدى القصير.

وزاد من هذا القلق، إعلان مؤسسة "موزيلا"، وهي المؤسسة التي تصمم برمجية "فايرفوكس" لتصفح الإنترنت، أنها لن تقبل التبرعات بعملات مشفرة، بعد الآن، بعد معارضة من المستخدمين الذين ينتقدون كثافة استهلاك العملات المشفرة للطاقة وافتقارها إلى الضبط القانوني.

 

لكن المحلل المالي المهتم بشؤون العملات المشفرة، وليد أبو هلال، استبعد خلال حديث خاص مع "عربي21" أن تفقد بتكوين وباقي العملات المشفرة بريقها في العام 2022.

 

واستند أبو هلال في استبعاده على عدة عوامل منها استمرار تزايد إقبال المتعاملين على سوق العملات المشفرة رغم الخسائر، وخاصة أصحاب المحافظ والصناديق الاستثمارية الكبيرة، إلى جانب الاهتمام العالمي الواسع بتكنولوجيا البلوكشين التي تعتمد عليها العملات المشفرة في آليات الإصدار والتداول.

 

ويرى المحلل المالي، أن الهبوط الحاد في أسعار العملات المشفرة خلال الأيام الماضية هو مجرد تصحيح طبيعي بعد الصعود الكبير الذي استمر لفترة طويلة نسبيا، وذلك بسبب عمليات جني الأرباح.

 

اقرأ أيضا: بعد طفرات بتكوين.. ما هي مخاطر العملات المشفرة؟ (شاهد)

 

"الصعود الكبير"

 

وتوقع أبو هلال أن يبدأ سوق العملات المشفرة في التعافي خلال الأيام المقبلة بعد انتهاء الموجة التصحيحية. واتفق معه في الرأي المحلل المختص في شؤون العملات المشفرة عاطف الصافي.

 

وقال الصافي لـ"عربي21"، إن العملات المشفرة لن تفقد بريقها في 2022، مؤكدا أنه رغم الخسائر المتتالية فإن القيمة السوقية للعملات المشفرة لا تزال فوق مستوى 2 تريليون دولار، وهذا يعني أن المستثمرين لا يزالون يحتفظون بأموالهم في السوق.

 

وأضاف: "صحيح أن القيمة السوقية للعملات المشفرة لامست 3 تريليونات دولار قبل أن تهبط إلى 2.2 تريليون دولار، لكنها لا تزال أعلى من المستويات التي كانت عليها في 2020".

 

وأكد الصافي وجود العديد من الصفقات الكبيرة المعلقة التي تنتظر انتهاء موجة الهبوط وبدء العودة إلى الصعود الكبير، الذي قد يتجاوز بسعر بتكوين حاجز 60 أو 70 ألف دولار خلال فترة قصيرة -بحسب رأيه-.

 

وتوقع الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة "غالاكسي ديجيتال هولدينغز"، مايك نوفوغراتز، خلال مقابلة مع شبكة "سي إن بي سي" استمرار التقلبات الحادة لأسعار العملات المشفرة خلال الأسابيع القليلة المقبلة، لكنه أكد أنه غير قلق على المدى المتوسط.

 

اقرأ أيضا: مستثمرون يغيرون موقفهم من العملات المشفرة.. ما الأسباب؟

"نصائح معاكسة"

 

وفي وقت سابق، نصح الملياردير المجري، توماس بيترفي، الذي حذر عام 2017 من المخاطر التي تشكلها عقود البتكوين الآجلة، على أسواق رأس المال، بالاستثمار في العملات المشفرة، وفقا لوكالة "بلومبيرغ" الأمريكية.

وبعد تغيير موقفه من العملات المشفرة حث بيترفي، الذي يبلغ من العمر 77 عاما، وتبلغ قيمة ثروته 25 مليار دولار، على تخصيص ما بين 2 إلى 3 في المئة من ثروة الفرد الشخصية للعملات المشفرة، تجنبا لانحسار العملات الورقية.

وقال بيترفي، إن شركته "إنتراكتيف بروكرز"، ومقرها كونيتيكت في الولايات المتحدة، ستوفر القدرة على تداول خمس إلى 10 عملات أخرى أو نحو ذلك بدءا من هذا الشهر، أملا في جني عوائد غير عادية، لكنه في نفس الوقت لم يخف إمكانية حدوث العكس.

وأضاف: "أعتقد أنه يمكن أن يصل السعر إلى الصفر، كما أعتقد أنه يمكن أن يصل إلى مليون دولار (...) في الواقع ليست لدي أي فكرة".
 
ومن بين المستثمرين الذين غيروا موقفهم من العملات المشفرة، مؤسس شركة "بريدج ووتر أسوسييت"، ريمون داليو، الذي كشف مؤخرا أنه كان يحتفظ ببعض عملات بتكوين وإيثريوم (على الأقل) بعد أشهر فقط من التشكيك في فائدة العملة المشفرة كمخزن للثروة. 

وبحسب تقرير "بلومبيرغ"، ينظر داليو إلى الاستثمار في العملات المشفرة، على أنها أموال بديلة في عالم قد يؤدي فيه التضخم إلى تآكل القدرة الشرائية. وكذلك كشف الملياردير الأمريكي، بول تودور جونز، عن استثماره في العملات المشفرة، كتحوط ضد التضخم.

 

اقرأ أيضا: صحيفة: البتكوين أمام مستقبل غير واضح خلال عام 2022